في اطار المناوشات والتلاسنات حول اقرار النظام الخاص بالحد الادنى للأجور ، وفي سياق العبارات التي تشير بل وتتهم بعض الجهات النقابية بالتقصير ، علما ان جميع من يدعون انهم نقابيون فهم مقصرون وهذا ما علينا الاعتراف به ” والاعتراف بالذنب فضيلة ” لكن علينا ان نعرف اين تقصير الجهات النقابية سواء الاتحادات او النقابات او النقابيين بحد ذاتهم وعلينا ان ندرك ما نوع هذا التقصير لنستطيع معالجته بالطبع .
وما علينا في الاطار النقابي الوطني إلا ان نتدارك همومنا ومشاكلنا الاجتماعية واقصد هموم الطبقة العاملة الفلسطينية لأنه لا احد منا بعيد عن مسؤوليته تجاه هذه الطبقة النبيلة والشريفة .
من هنا فإننا ندرك بان الحوار وكما تعلمناه في مداولاتنا النقابية وفي ميادين العمل والعمال بأنها هي اهم وسيلة لا بل انجع واقصر طريق للوصول الى الاهداف التي ننشدها من اجل الطبقة العاملة هذا اذا كنا نقصد هكذا هدفا !!! والحد الادنى للأجور كان ومنذ عامين تقريبا يقع بين سنديانة المطالب العمالية للفقراء المحقّين بها وبين مطامع اصحاب العمل الذين هم بالتالي معنيين بالحفاظ على مكتسباتهما المالية والرأسمالية في اطار مجتمعهم الاستثماري وهذا بالطبع من حقّهم وليس لأحد منا اي اعتراض على ذلك .
اذا ما هو المطلوب في هذه الحالة؟؟؟ بل وفي هذا الوضع ؟؟؟ باعتقادي ان الاطر النقابية جميعها تداعت وتحدثت وتناقشت وتناولت الحديث وكل السبل الكفيلة بوضع حد لهذه المعضلة القائمة وهي مشكلة عدم القدرة على اقرار نظام حد ادنى للأجور وباعتقادي لن يبقى اي وسيلة اعلام تعتب على احد منا بل وبم تبقى ولا صفحة من الاعلام المقروء ولا مواقع النت المختلفة والواسعة ولن نبقي اي عتب علينا حتى لتلفزيون فلسطين لكثرة ما تحدثنا بهذه القضية من خلاله وعلى اعتباره الوسيلة الاعلامية الرسمية والمركزية .
وفي اطار اللجنة الثلاثية في (لجنة الحوار ) الخاصة بالأجور واللجان الثلاثية الاخرى سواء على مستوى المركز او الفروع تحدثنا وتم الاتفاق بالإجماع اولاً على جميع الاسس والمعايير التي يجب ان تكون مرآة لإقرار الحد الادنى للأجور .
كما اتفقنا بعد التداولات الرسمية وغير الرسمية والهامشية و منها من جرى في الوطن ومنها من تم خارج الوطن والحديث كان مع الجهات الرسمية ذات العلاقة بالحد الادنى للأجور وكان هنالك شبه توافق على الرقم الذي اقر في هذا النظام وإذا لم يكن هو كان الرقم اعلى منه بخمسين شيكلاً فقط وهنا كانت وجهات النظر في تفسير هذا الرقم وذاك .
علما ان الجميع منا حاول ان يبرز قدراته ويستعرض عضلاته ويستقوي بعض منا على الاخرين ظنا منهم بأنهم يمثلون العمال الفلسطينيين علما انهم يمثلون جزئية بغض النظر عن حجمها والكل منا هكذا وكان هنالك عدد من النقابيين يخرج ويتحدث خارج الاجتماع ما لم يتم التوافق عليه داخل هذه الاجتماعات ومنا من اسال كيل من الاتهامات للغير بدون اي وجه حق يذكر ، وبقي السجال دائر في اروقة اللجنة الوطنية للأجور واجتماعاتها الدورية والمتتابعة .
الى ان جاءت الجلسة قبل الاخيرة وتم الاتفاق على هذا الرقم مع تحفظ بعض الاطراف بغير قناعة . بل وهنالك بعض الاطراف حاولت ان تنقل نقاشات الحد الادنى للأجور الى منظمات دولية لا يهمها المصالح الوطنية الفلسطينية ابدا ً بل وتقوم هذه المنظمات بممارسة قمع الحريات النقابية في فلسطين بدون اي وجه حق.
لكن اطراف الانتاج الفلسطينيين ومن ضمنهم الاتحاد العام لعمال فلسطين تمسكوا على ان يكون قرارنا وطنيا بغض النظر عن تبعاته وما يترتب عليه فنحن اهل مكّة أدرى بشعابها قادرون على معالجة كل تبعات هذا القرار سواء كان محقا او جائرا او كما يريد الغير ان يسميه فلا اعتراض لنا على التسمية .
لكنني اؤكد بان هذا ما جاء بالتوافق التشاركي الثلاثي الفلسطيني ، من هنا فإنني لا افاجأ بكل هذه الاحتجاجات التي تحدث عهنا وهناك علما ان البعض منها يحمل اجندة سياسية اكثر مما هو اجتماعية بل وبعيداً عن النبرة الاقتصادية ، لكن انا اعتبر ان هذه الاحتجاجات تصب في النهاية في مصلحة هذا القرار ومشروعيته للوقوف عن كثب على اهم التحديّات التي سيواجهها تنفيذ هذا النظام وسيكون للاحتجاجات دور كبير في تعزيز دور المتفاوضين والمحاورين الوطنيين في هذا المجال .
ومن يفكر بان احد راض عن هذه القيمة 1450 شيكل فهو مخطئي لكن لاعتبارات سياسية واقتصادية واجتماعية ولوجود احتلال يجثم على صدورنا جميعاً ومن اجل الوصول الى بداية لتكون بمثابة انطلاقة للمطالبة من الحكومة بتحسين ظروف العمال .
كما انه يجب الاشارة الى ان في سطور الاتفاق بعض من النقاط الايجابية وخاصة الربط بغلاء المعيشة والمراجعة السنوية وضرورة التطبيق وغيرها فهي بالتالي تتلاقى مع اهداف بعض من الاحتجاجات ليس جميعها لان البعض فيها لا ينم عن الحرص على العمال وإلا ماذا نفسر تفسير من قال بأنه يوم اسود ويوم رمادي واحمر وغيره وابن كان هؤلاء علما ان موقعهم في السلطات العلية والحاكمة وذات القرار منذ سنوات اين كانوا ؟؟؟ .
وأخيرا فإننا الرافضين قبل الموافقين ما علينا إلا ان نضع ايدينا بأيدي بعض ونتكاتف وتحاول بل ونحاور اطراف الانتاج جميعا دون استثناء والتلاقي مع كل ذوي العلاقة في هذا الجانب ولا نصنع الحواجز التي قد تساهم في مضاعفة افقار عمالنا لأنه بانتعاش 100 الف عامل هذا شيء يسجل في قائمة الحد الادنى من الانجازات الاجتماعية للعمال ويجب علينا ان لا ننكر ذلك وان نتحلى بالجرأة والاعتراف بهذا التقدم وهذا النظام الخاص بالأجور وان نعتبره جميعا كما اعتبره كثيرا من العقلاء بأنه البداية وليس النهاية وانه الانطلاقة وليس الملم به وان نكون جميعا على قدر من المسؤولية وان لا يشكك احد بالآخر وان نحترم كل وجهات النظر في هذا الجانب .
- نائب الامين العام للاتحاد العام لعمال فلسطين