بيروت، دمشق /القى ملف النزوح السوري والفلسطيني من سوريا الى لبنان بثقله على جلسة مجلس الوزراء بعد ظهر امس، فيما وجهت فصائل منظمة التحرير نداءً دعت فيه اللاجئين الفلسطينيين الفارين من مخيم اليرموك قرب دمشق الى العودة الى المخيم. وكان الوزيران علي قانصو وجبران باسيل قدما اقتراحا لاقفال الحدود مع سوريا ومنع تدفق النازحين “لان هؤلاء ليسوا جميعا مشردين وهاربين، بل ان بينهم عناصر غير منضبطة يمكن ان تؤثر لا حقا على الاستقرار اللبناني”.
لكن وزراء الحزب التقدمي الاشتراكي رفضوا الاقتراح، ووجد الوزير غازي العريضي استحالة التنفيذ لاكثر من سبب ابرزها عجز الدولة عن ضبط الحدود ومراقبتها، وثانيها التخوف من ازدياد المعابر غير الشرعية.
وتحدث رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في الجلسة عن “تدفق اعداد كبيرة من النازحين السوريين الى لبنان هربا، حيث نشهد يوميا تدفق عشرات النازحين ونتوقع المزيد بسبب حدة المواجهات في سوريا، ولا تزال حكومتنا تقوم بواجباتها في اغاثة هؤلاء واعانتهم بالتعاون مع عدد من المنظمات الدولية المعنية. لكن ارتفاع عدد النازحين، وبينهم اعداد كبيرة من الاخوة الفلسطينيين، يستدعي مقاربة جديدة ومتقدمة لهذا الملف، تاخذ في الاعتبار ازدياد اعداد النازحين واحتمال طول مدة اقامتهم في لبنان”.
وعرض ميقاتي نتائج الاجتماع مع ممثلي الدول، مشيرا الى ان “الاجوبة كانت مشجعة، وما اتخذ من مبادرات يمثل خطوة مشكورة ونحن ننتظر استكمالها في الفترة المقبلة وهي ستدرج في خطة الامم المتحدة التي ستطلق اليوم في جنيف”.
وقرر مجلس الوزراء بناء على اقتراح رئيس الحكومة عقد جلسة الاسبوع المقبل مخصصة للبحث في هذا الملف.
وكان وزير الصحة علي حسن خليل اكد قبل دخوله مجلس الوزراء وجود حالات مرض السل قدرت بحوالي 40 حالة في صفوف النازحين في منطقة البقاع، مشيرا الى ان هذا الامر قيد السيطرة.
ونقل وزير الداخلية السوري اللواء محمد الشعار بشكل مفاجئ الى بيروت مساء امس، حيث ادخل الى مستشفى الجامعة الاميركية، بعد اصابته بالانفجار الذي استهدف مقر وزارته في دمشق الاسبوع الماضي.
وقالت مصادر طبية ان الشعار في “حالة صحية صعبة لكنها مستقرة”، مشيرة الى انه خضع لعملية جراحية دقيقة دامت اكثر من 5 ساعات، غير ان احد الاطباء المعالجين للشعار افاد لـ”وكالة الوطنية للاعلام” ان “وضع وزير الداخلية السوري مستقر وهو مصاب بحروق وشظايا، ولا يحتاج الى اجرء عملية جراحية بل يحتاج الى المراقبة والعلاج”.
وكان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اعطى الاذن بهبوط الطائرة التي كانت تقل وزير الداخلية السوري في مطار الحريري الدولي.
وتشهد نقطة المصنع الحدودية حركة نزوح متواصلة للعائلات الفلسطينية – السورية وسجل منذ ثلاثة ايام لغاية امس دخول 2581 فلسطينيا على المعابر الحدودية اللبنانية كلها، مع خروج 312 فلسطينيا الى سوريا.
وبقيت اكثر من 35 عائلة فلسطينية امس من دون مأوى، فتوزع بعضها على منازل اقرباء لها في بلدة تعلبايا وسعدنايل في البقاع، وافترش بعضها الاخر مكاتب المنظمات الفلسطينية والمركز الثقافي الفلسطيني في سعدنايل، في انتظار العثور على مسكن، علما بان امكانات ايجاد مساكن باتت شبه معدومة، بعدما اصبحت الغرف الخالية كلها مسكونة من النازحين.
ووصل عدد العائلات الفلسطينية المسجلة في البقاع منذ اندلاع الاحداث السورية الى نحو 1400 عائلة، موزعة بين اقضية بعلبك، زحلة، البقاع الغربي وراشيا.
وتشير المعلومات الى ان معاناة النازحين ستتفاقم خلال الايام القليلة القادمة، خصوصا النقص الظاهر في المساعدات المقدمة لهم، اذ ان وكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (اونروا) لم تقدم سوى بعض الغالونات الفارغة، والمخصصة لتعبئة المازوت، في حين ان النازحين الجدد يحتاجون الى مازوت للتدفئة، وغالبيتهم لم تستطع دفع ضريبة الدخول الى لبنان عند المصنع وقيمتها 20 دولارا اميركيا. ولم تعمد “اونروا” الى تقديم مساعدات عاجلة من مواد للتدفئة او سكن او اغذية.
وقد بات مشهد نزوح العائلات الفلسطينية من مخيمات سوريا وتحديدا من اليرموك في مخيمي البداوي ونهر البارد في الشمال اللبناني مالوفا في الايام القليلة الماضية، لاسيما ان ابناء المخيمين الذين يواجهون مشكلة تأمين ماوى وغذاء للنازحين، يعتبرون انه لا مناص من التعامل مع الامر الطارئ وفق الامكانيات المتوفرة.
اما في الجنوب اللبناني فان مجمل عدد النازحين السوريين والفلسطينيين الى صيدا ومخيماتها وصل الى نحو 2600 عائلة تم توزيعها على عجل على مجمعات سكنية قيد الانشاء، وتفتقر لادنى مقومات السكن، اضافة الى فتح مبان عدة عائدة لمدارس وروضات مقفلة، عدا عن استيعاب عدد النازحين في بيوت اقارب لهم.
وفي جلسة سابقة لمجلس الوزراء، طرحت مسالة اقامة مخيمات للسوريين على وقع عرض طلب قبول هبة شوادر (خيام)، لكن الاقتراح قوبل بالاعتراض منعا لاستعادة تجربة المخيمات الفلسطينية.
واكدت النائبة بهية الحريري ان “الكارثة الانسانية تكبر بشكل يومي في صيدا مع تدفق اعداد اضافية من النازحين”، واشارت الى انه “لغاية هذه اللحظة، استطيع القول ان المساعدات التي تقدم فردية، ولم نر من الدولة اي جدية في التعامل مع هذه الكتلة البشرية التي تزداد عددا يوما بعد اخر”.
ورأت مصادر وزارية ان المشكلة لم تعد مقتصرة على التمويل قائلة: “ان الامر ليس في يدنا ولا يمكننا ان نتحكم فيه. كل ما يمكننا القيام به هو ايلاؤه الاهمية القصوى والتنبه لاخطاره وارتداداته على الاستقرار الداخلي”.
نداء فصائل م. ت. ف
الى ذلك، اصدرت فصائل منظمة التحرير في مخيم اليرموك قرب دمشق نداءً تلقت نسخة عنه دعت فيه الفلسطينيين الذين هربوا من القصف على مخيم اليرموك في الايام الاخيرة الى العودة الى المخيم “الذي سيكون منطقة آمنة حفاظا على تراثنا الكفاحي وعلى المكانة السياسية التي يمثلها مخيم اليرموك رمزا للكفاح من اجل حق العودة وحفاظا على ممتلكات اهلنا وذخيرة عمرهم فيه. كلنا ثقة بان الجموع سوف تتدفق عائدة الى منازلها فالمخيم هو مستقرنا الى حين العودة الى الديار في فلسطين الحبيبة التي لا نرضى سواها”.