بقلم: ميشكا بن – دافيد/تجري إسرائيل حملات تصفية في ساحتين أساسيتين – إحباط السلاح غير التقليدي، وإحباط الإرهاب. في الستينيات جند المصريون علماء من ألمانيا في محاولة لتطوير صواريخ أرض أرض. إسرائيل التي رأت في ذلك تهديداً وجودياً، كلفت “الموساد” بإحباط ذلك. بعض من العلماء أصيبوا بمغلفات متفجرة وواحد اختفى. المشروع توقف، لكن العالم العربي واصل محاولة التزود بسلاح الإبادة الشاملة. د. جيرالد بول الكندي طور للعراق مدفعاً أعلى قادراً على إطلاق قذائف بوزن 500 كيلو إلى مدى يصل إلى إسرائيل. وقد صُفّي في 1990، وتصفيته وضعت حداً للمشروع. المحاولة الإيرانية للتزود بسلاح نووي ولّدت بضع حملات ضد علماء وعلى رأسها تصفية “أبو القنبلة الإيرانية” فخري زادة في تشرين الثاني 2020.
لقد نجحت إسرائيل في أن تؤخر تطوير سلاح الدمار الشامل من قبل أعدائها، لكنها لم تنجح في منعهم. نحو 40 صاروخ سكود أطلقه إلى إسرائيل العراقيون في حرب الخليج، وليس للإيرانيين بعد قنبلة نووية، لكن يوجد لديهم ما يكفي من اليورانيوم المخصب لعدة قنابل، وكمية كبيرة من الصواريخ الباليستية القادرة على الوصول إلى إسرائيل. وقد زودت حلفاءها بعشرات الآلاف من صواريخ أرض أرض تغطي أراضي الدولة.
الصورة مشابهة في مجال تصفيات الإرهاب. في السبعينيات انشغل “الموساد” بتصفية رجال “أيلول الأسود” الذين كانوا مشاركين في مذبحة الرياضيين في ميونيخ. المنظمة كفّت عن الوجود بعد تصفية بعض زعمائها في حملة “ربيع الشباب” و”الموساد” تحاسب أيضاً مع مخطط المذبحة، علي حسن سلامة. لكنه واضح أن “فتح” و”م.ت.ف” لم تتوقفا عن سياسة العمليات.
في 22/1/1995 نفذ الجهاد الإسلامي عملية انتحارية مزدوجة في مفترق “بيت ليد”. قتل 22 شخصاً. فتحي الشقاقي، زعيم التنظيم، تبنى المسؤولية. بعد تصفيته في 26/10/1995 كفّ التنظيم عن الوجود، لكن بعد سنوات من ذلك بدأ يعيد بناء نفسه في قطاع غزة، وهو مسؤول عن إطلاق الصواريخ إلى إسرائيل وعن عمليات إرهاب، بما فيها المشاركة في مذبحة 7 أكتوبر. في 31/7/1997 فجّر مخرب انتحاري نفسه في سوق “محنيه يهودا” وتسبب بموت 18 شخصاً. خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لـ”حماس” تبنى المسؤولية. في 4 أيلول نفذت المنظمة عملية انتحارية مزدوجة في شارع “بن يهودا” في القدس. في ذاك الشهر خرج فريق من “الموساد” إلى الأردن لتصفية مشعل بوساطة السم. أصيب مشعل وانهار، لكنه ألقي القبض على مقاتلَين اثنين. في صفقة عاجلة أعدت بين رئيس الوزراء نتنياهو والملك حسين، تقرر إرسال إكسير الحياة الذي أنقذ مشعل من الموت، وبالمقابل تحرير المقاتلين.
الجيش الإسرائيلي لا يزال يقاتل “حماس” لأكثر من تسعة أشهر، وعلى ما يبدو نجح في تصفية معظم مقاتليها وقادتها. ويحتمل أن يكون صفى رئيس أركانها. للأمر سيكون تأثير على المنظمة، لكن حتى لو كفت “حماس” عن أداء مهامها كجيش، فإن السكان الذين يؤمنون بأيديولوجيتها بقوا على حالهم، وبعد وقت سيعيدون تنظيم أنفسهم ضدنا.
في الاتفاق غير المكتوب الذي بين دولة إسرائيل ومواطنيها، فإنها ملتزمة بعمل كل ما بوسعها للدفاع عنهم، بما في ذلك تصفية متصدر الإرهاب ومن يطور لأعدائها سلاح الدمار الشامل. لكن لا توجد إمكانية لأن نمنع على مدى الزمن التزود بهذا السلاح أو تصفية منظمة إرهاب عن طريق الإرهاب المضاد. الحل يكمن في تغيير جوهري للوضع: بالسلام.
عن “معاريف”