الناصرة / قال رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس (أبو مازن) في مقابلة مع صحيفة ‘هآرتس’ العبرية نشر نصها الجمعة إنه في حال لم يحدث تقدم في المفاوضات حتى بعد الانتخابات الإسرائيلية المقرر إجراؤها في 22 من الشهر المقبل، فسيتصل هاتفيا برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ويدعوه إلى أن يحل محله، ويتحمل مسؤولية إدارة السلطة الفلسطينية التي نشأت عام 1994 بمقتضى اتفاق أوسلو، وتابع قائلاً سأقول لنتنياهو إنْ يجلس مكاني، استلم المفاتيح، وستكون المسئول عن السلطة الفلسطينية، على حد تعبيره.
وفورًا بعد نشر المقابلة رد وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، على أقوال عباس بالقول إننا ننتظر بفارغ الصبر أنْ تتخلى عن منصبك وتُنهي رئاستك للسلطة الفلسطينية، كما ذكرت صحيفة (هآرتس) أمس على موقعها الالكتروني.
جدير بالذكر أن المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين مجمدة منذ أيلول (سبتمبر) من العام 2010، إذْ ترفض الحكومة الإسرائيلية الحالية الطلب الفلسطيني بوقف الاستيطان مقابل استئناف المفاوضات، وتقول إن المفاوضات يجب أن تفضي إلى الاعتراف بإسرائيل باعتبارها كيانًا يهوديًا، والإبقاء على أجزاء من الضفة تحت الاحتلال، بالإضافة إلى مطلبها بأن القدس بجزأيها الغربي والشرقي هي عاصمة الدولة العبرية الأبدية، ناهيك عن رفضها المطلق لإعادة اللاجئين إلى داخل ما يُسمى بالخط الأخضر، أراضي الـ48. وكانت وتيرة الاستيطان تسارعت في الأسابيع القليلة الماضية، فيما بدا ردًا على منح فلسطين صفة دولة مراقب غير عضو بالأمم المتحدة في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، حيث صرح نتنياهو مع بدء الحملة الانتخابية أنه سيُواصل البناء في المستوطنات وفي القدس المحتلة في فترة ولايته الثانية، على حد تعبيره.
ولفت المراسل للشؤون السياسية في صحيفة (هآرتس) العبرية، باراك رافيد، الذي أجرى اللقاء مع عباس، إلى أنه تم في المقاطعة بمدينة رام الله المحتلة، خلال لقاء عقده عباس مع رئيسة حزب (ميريتس) المحسوب على ما يُسمى باليسار الإسرائيلي الصهيوني، والتي قالت إنه يجب إلغاء اتفاق أوسلو، وأنْ تقوم الدولة العبرية بإجراء مفاوضات مع دولة فلسطين، مشددةً على أن حزبها يعترف بفلسطين كدولة، كما قررت الأمم المتحدة الشهر الماضي. وأشار إلى أن الحكومة الإسرائيلية قامت بتجميد دفع الضرائب المستحقة للسلطة الفلسطينية، الأمر الذي أدى إلى تفاقم أزمتها المالية التي كانت السبب وراء الاحتجاجات والإضرابات التي شهدتها الضفة الغربية المحتلة مؤخرًا. وفي المقابلة ذاتها، قال عباس أيضًا إن على رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، المرشح الاوفر حظًا للفوز في الانتخابات القادمة، أنْ يُقرر مباشرة بعد تشكيل الحكومة القادمة، ما إذا كان يريد استئناف المفاوضات أم لا، على حد تعبيره، علاوة على ذلك، شدد رئيس السلطة في معرض رده على سؤال على ضرورة وقف الاستيطان كي يمكن استئناف المفاوضات، وقال إن هذا ليس شرطًا مسبقًا، وإنما هو التزام قطعته إسرائيل على نفسها في الماضي، على حد قوله.
وتطرق عباس إلى التنسيق الأمني بين الأجهزة الأمنية الإسرائيلية والفلسطينية في الضفة الغربية وقال إنه من الاعتراف ألأممي بفلسطين كدولة غير عضو في الأمم المتحدة، قامت تل أبيب بتقليص التعاون والتنسيق الأمني بين الطرفين.
وزاد رئيس السلطة قائلاً إن الاستطلاعات الإسرائيلية تُشير بوضوح إلى أن نتنياهو سيُنتخب مرة أخرى لرئاسة الوزراء، وبالتالي، أضاف، أنه سيكون على استعداد لتجديد المفاوضات معه في حال قام بتجميد البناء في المستوطنات خلال المفاوضات، ويُجدد تحويل أموال الضرائب الفلسطينية إلى السلطة في رام الله، وأنْ يقوم نتنياهو بإطلاق سراح 120 أسيرًا فلسطينيًا من سجون الاحتلال، وهم من الأسرى الذين تم زجهم في السجن قبل التوقيع على اتفاق أوسلو في العام 1993.
وأكد عباس للمراسل الإسرائيلي على أنه خلافًا للقلق في دوائر صنع القرار في تل أبيب، فإنه لن يستغل حصول فلسطين على صفة دولة غير عضو في الأمم المتحدة لكي يتوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، مشددًا على أنه لن يقوم بمثل هذه الخطوة في الوقت الذي تجري فيه المفاوضات بين الطرفين، ولكنه أضاف، أنه إذا الجمود استمر في العملية السلمية ويتواصل البناء في المستوطنات، وترفض إسرائيل تحرير الأموال الفلسطينية، فما الذي سيبقى أمانا لكي نفعله، لن نتمكن من دفع الرواتب للموظفين، على حد تعبيره.
من ناحيته، قال صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين، الذي كان مع عباس خلال اللقاء الصحافي، إن عددًا من رجال وخبراء القانون الفلسطينيين يعكفون في هذه الأيام على إعداد تقرير حول التوجه إلى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، وأن التقرير سيُرفع للرئيس عباس في شهر شباط (فبراير) القادم، مشددا على أن كل الإمكانيات مفتوحة وواردة، على حد قوله، ولكنه استدرك قائلاً إن السلطة لن تُقدم على خطوة من هذا القبيل، إلا إذا توصلت إلى طريق مسدود، وأنه لا يُمكن الانتظار أكثر، على حد قوله.
بالإضافة إلى ذلك، قال رئيس السلطة للصحيفة العبرية إنه أصدر الأوامر للأجهزة الأمنية الفلسطينية بالتصدي لكل عمل خارج عن القانون في الاحتجاجات، لافتًا إلى أن السلطة لن تسمح باندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة، وأن الفلسطينيين سيُواصلون النضال بطرق سلمية فقط.
كما قال إن السلطة الفلسطينية لن تسمح لحركة حماس في الضفة الغربية أوْ لأي تنظيم أخر بحمل السلاح، مشددًا على أن الأسلحة يحملها أفراد الأجهزة الأمنية فقط، على حد تعبيره، مشيرًا إلى أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية أحبطت عدة محاولات من قبل حماس لتنفيذ أعمال أإرهابية، كما أنها قامت بإحباط عمليات تهريب أسلحة قامت بها حماس من إسرائيل إلى الضفة الغربية المحتلة، قال عباس.
‘القدس العربي’- زهير أندراوس.