لبنان /يخطو تنفيذ بنود المصالحة الفلسطينية خطوات إيجابية ميدانية، مما يؤكد أن إنجازها بات قريباً، وأن قراراً داخلياً فلسطينياً قد اتخذ، بتعطيل مفاعيل كل الألغام التي توضع في طريق الإسراع في تنفيذها.
فقد بدأت لجنة الانتخابات المركزية برئاسة حنا ناصر عملها، حيث وصل وفد منها إلى غزة بتاريخ 30 كانون الثاني الماضي لتسجيل الناخبين هناك بعد تأخر لحوالى 7 أشهر، وأُعلن انه سيبدأ تسجيل الناخبين من 9 وحتى 16 الجاري، فيما نتائج المصالحة المجتمعية لإنهاء ذيول الانقسام بين حركتي «فتح» و«حماس» بدأت نتائجها تظهر، وسيكون لها مفاعيل تُساهم في تعزيز المصالحة وليس عرقلتها.
وتستضيف القاهرة في 9 شباط الجاري، لقاءً فلسطينياً جديداً لبحث وتفعيل الأطر القيادية لـ «منظمة التحرير الفلسطينية»، وبحث آلية الانتخابات لـ «المجلس الوطني الفلسطيني».
وأهمية الخطوات الفلسطينية لحركتي «فتح» و«حماس» تكمن في التغلّب على المتضررين من عرقلة المصالحة من داخل الحركتين.
وكشفت مصادر فلسطينية لـ «اللـواء» أن بعض المتضررين بدأوا يبثون أخباراً تهدف إلى عرقلة هذه المصالحة، ومنها أن حركة «حماس» وافقت على تولي رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل رئاسة «منظمة التحرير الفلسطينية»، علماً أن «حماس» غير منضوية حتى الآن في المنظمة التي تتمثل بـ11 فصيلاً (9 مُفعّل لعمله ونشاطه و2 مجمد لعضويته)، وأن رئاسة المنظمة تتم بطريقة ديمقراطية وانتخابات داخلية، بعد الاتفاق على قانون انتخابات وآلية إجرائها، وهو ما يُمكن بحثه في الاجتماع المقبل في القاهرة.
وكذلك الحديث أن لقاء القاهرة السابق الذي عُقد بتاريخ 17 كانون الثاني الماضي، قد تطرق إلى مسألة تشكيل الحكومة الانتقالية، من حيث الموعد والتفاصيل، فيما في حقيقة الأمر لم يتم التطرق إلى هذا الموضوع، الذي كان قد تقرر خلال «لقاء الدوحة» في شباط من العام الماضي، وطرح تولي الرئيس محمود عباس لرئاسة الحكومة الانتقالية، والتي سيبدأ الإعداد لتشكيلها والإعلان عنها قريباً.
وبدأت نتائج الاجتماع الأخير، الذي عُقد في القاهرة، بين وفد «فتح» برئاسة عضو اللجنة المركزية للحركة ومسؤول ملف المصالحة عزام الأحمد، و«حماس» برئاسة نائب رئيس المكتب السياسي للحركة موسى أبو مرزوق، تُعطي ثمارها، حيث يُنتظر أن تُثمر خلال الأيام القليلة المقبلة. وهو يؤكد ما أعلن عنه الرئيس عباس «إن المصلحة الوطنية الفلسطينية هدفٌ سامٍ يجب تحقيقه بكل الوسائل لمواجهة الظروف الصعبة المحيطة بالقضية الفلسطينية، لاعتبارها مصلحة وطنية عليا للشعب الفلسطيني».
ولكن التساؤلات المطروحة: ما الذي تغيّر حتى تُوضع خطوات المصالحة بشكل جدي؟
فقد تمكن الرئيس عباس من تحقيق العديد من المكاسب بعد الإصرار على التوجه إلى «الأمم المتحدة» وقبول الدولة الفلسطينية – عضو مراقب، وهو ما كرّس أن أراضي الدولة الفلسطينية على حدود 4 حزيران 1967، هي أراضٍ محتلة من قبل الاحتلال الإسرائيلي وليس أراضٍ مُتنازع عليها، وهو ما كان يسعى إليه الاحتلال.
دفع هذا الواقع، بعد عدة أشهر من تحقيقه، ببعض الدول العربية لدفع المستحقات المتوجبة عليها إلى فلسطين، والتي كانت أقرتها القمم العربية.
وقيام سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتحويل مبلغ 100 مليون دولار أميركي لـ «السلطة الوطنية الفلسطينية»، هي مستحقات من عوائد الضريبة لصالح الخزينة الفلسطينية، فيما لا تزال «إسرائيل» تحتجز أقل من ضعفي هذا المبلغ.
وبذلك تكون «إسرائيل» قد عادت عن قرارها بوقف تحويل عوائد الضرائب للخزينة الفلسطينية بداية كانون الأول الماضي.
ولكن مصادر أشارت إلى «أن هذا التحويل هو لمرة واحدة، قبل إعادة النظر بالموضوع خلال الشهر الجاري».
وكذلك دعوة «مجلس حقوق الإنسان» التابع لـ «الأمم المتحدة»، «إسرائيل» لإخلاء كافة المستوطنات في الأراضي الفلسطينية وإخراج المستوطنين تدريجياً منها، وهو ما يُشكل ضربة للكيان الإسرائيلي ومشاريعه في إقامة المزيد من المستوطنات، حيث تدرس القيادة الفلسطينية إمكانية طرح ذلك على «محكمة الجرائم الدولية».
وأيضاً قضية الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وإمكانية طرح هذا الملف على «مجلس الأمن الدولي» للضغط على الكيان الإسرائيلي للإفراج عن الأسرى الذين تغص بهم سجون الاحتلال الإسرائيلي، ومنهم وزراء ونواب وقيادات، ومعتقلين إداريين يخوض عدد منهم «معركة الأمعاء الخاوية» بالإضراب عن الطعام.
وكان إعلان الرئيس المصري محمد مرسي بأن الإدارة الأميركية رفعت الـ «فيتو» عن المصالحة الفلسطينية، واضحاً، وهو ما يساعد الرئيس المصري على تحسين الواقع داخل مصر في ظل الحراك الذي عادت مصر تشهده مجدداً، علماً أن مصر مُكلّفة من «جامعة الدول العربية» متابعة تحقيق ملف المصالحة.
ومرد هذه التطورات يعود إلى:
– اقتناع مختلف الأطراف الفلسطينية بأن الخطر الإسرائيلي الداهم لا يستهدف فريقاً من الشعب الفلسطيني دون آخر.
– تغيّر الموقف الدولي من جهة المصالحة الفلسطينية واعتبارها أقل ضرراً من غيرها، حيث بدأ المجتمع الدولي يتلمس وجود حركات جهادية في سيناء أو في الداخل الفلسطيني، يحتمل تنامي دورها في ظل المتغيرات الإقليمية.
هيثم زعيتر- الواء اللبنانية.