بيت لحم / تسعى مديرة مركز حفظ التراث في بيت لحم مها السقا الى اطلاق مبادرة لتغيير الزيّ المدرسيّ لطالبات المدارس الحكومية في محاولة لادخال التراث الكنعاني في تفاصيل الحياة اليومية لشعب يحتاج اكثر من غيره الى التمسك بهوية يحاول الاحتلال طمسها.
ويتميز اللباس بلونه العنابي ووجود زخارف حول العنق تشكل قلادة النجمة الكنعانية ذات الأضلاع الثمانية، علاوة على بعض الزخارف المطرزة حول اليدين والخصر لتشكل في النهاية زيّا كنعانيا.
تفضل السقا تسمية الزيّ المدرسيّ الجديد بزيّ “كنعان” خاصة أنه يرتكز في تصميمه الأولي على اللون “الأرجواني” المميز للفينيقيين الذين هم كنعانيون، وكذلك يتميز ببعض النقوش والتطاريز التراثية بالاضافة إلى القلادة والنجمة الكنعانية.
تقول السقا إن الزيّ الجديد سيكون بعدة أشكال حيث ان لكل مرحلة دراسية شكلا ولونا مخصصين بتطاريز ونقوش مختلفة؛ موضحة أن زيّ طالبات الصفوف الأساسية سيكون باللون الارجواني وعليه نقوش نجوم وورود حول العنق واليدين والخصر، بينما يكون زي طالبات المرحلة الثانوية بلون “أزرق أو كحلي” ومزينا بتطاريز حول العنق تتوسطه النجمة الكنعانية على شكل قلادة وهو الذي تشتهر فيها مناطق المجدل وغزة.
وتشير السقا إلى أن التغيير لا يقتصر فقط على “المريول” بل سيشمل حجاب الطالبات الذي سيكون ابيض ومزخرفا بنقوش حسب تقاليد كل مدينة فلسطينية.
وتؤكد السقا أن الشكل الزي الجديد ليس نهائيا وإنما هو مبدئي يمكن اجراء تعديلات عليه واضافة بعض النقوش والزخارف.
في موازاة ذلك، توضح السقا أن “فكرة تغيير الزي المدرسي جاءت بعد حصول فلسطين على صفة دولة وأصبح من الضروري جدا ادخال الثقافة الفلسطينية في المؤسسات والهيئات الوطنية والخاصة، بهدف توحيد الزي المدرسي في جميع الاراضي والمدن وتعريف الاجيال القادمة بالهوية الوطنية واحياء التراث والموروث الشعبي الفلسطيني الكنعاني”.
وتعتبر السقا ان “الزي الحالي لا يمت للدولة الفلسطينية الجديدة بأي صلة وتم فرضه على الطالبات (..) ان ثمة شعورا بالاحباط والملل لدى الطالبات من الزي المخطط بالأزرق والأخضر والأبيض حتى أن الكثيرات فضلن تقصيره أو اخفاءه لأنهن لا يشعرن بالفخر به”.
أما في ما يتعلق بزي الطلاب الذكور، فتقول السقا أن العمل جار على تصميم زي للشباب في المراحل الدراسية المختلفة وسيكون قميصا تضاف عليه الكوفية الفلسطينية على شكل خطوط متوازية، مؤكدة أنه سيطرح خلال الفترة القادمة.
وفي أول تجربة لعرض الزيّ “كنعان” أمام طالبات مدرسة العودة للبنات وسط بيت لحم، لاقى الزي ترحيبا واسعا من مختلف الطالبات اللواتي ابدين رغبتهن بتطبيق الفكرة في اسرع وقت ممكن.
فالطالبة ميس العزة تقول “اشعر بالفخر في هذا الزيّ الجديد لأنه يحتوي على الكثير من التطاريز التراثية الفلسطينية على عكس الزي الحالي الذي يشبه زي السجون”.
من جانبها، ابدت مديرة التربية والتعليم في محافظة بيت لحم نسرين عمرو استعدادها لتطبيق فكرة الزيّ الجديد على احدى المدارس كتجربة أولية، مؤكدة دعمها للفكرة لاسيما “أنها تتحدث عن صلب الحياة والتراث الفلسطيني”.
وتشير عمرو إلى وجود رغبة كبيرة لدى الكادر التعليمي والطالبات في تغيير الزي الحالي، مشددة على “أنه آن الأوان لتغيير الزي المدرسي الذي فرض على الطالبات وهو لا يحمل أي مدلول وطني أو تربوي أو ديني”.
وتؤكد عمرو “أنه تم توجيه مقترح إلى مكتب وزير التربية والتعليم علي أبو زهري لتبني فكرة الزي الجديد ونحن في انتظار الرد”.
وخلافا للاصوات المؤيدة، اعرب رئيس اتحاد جمعيات المستهلك عزمي شيوخي عن رفضه للزي الجديد من نواح “وطنية وتراثية واقتصادية”.
فمن الناحية الوطنية، بالنسبة للشيوخي، فان “كثيرا من الطالبات ممن يرتدين اللونين الاخضر والازرق استشهدن وهن يلبسن هذا الزي المدرسي”، معتبرا أن الطالبة الفلسطينية “سجلت ملاحم كبيرة وهي ترتدي الزي الاخضر ومنهن من اعتقل على يد سلطات الاحتلال”.
ويعتبر شيوخي في حديث لـ دوت كوم أن تغيير الزيّ الحالي من شأنه طمس جرائم الاحتلال ضد الطالبات والمسيرة التعليمية قائلا “نحن ما زلنا تحت الاحتلال، وجرائمه تم توثيقها بهذا الزيّ كما أن هذا الزيّ يعبر عن ألوان فيلق جيش التحرير الفلسطيني بلونيه الأخضر والازرق، لكن يمكن لنا ان نستخدم هذا الزيّ الجديد بعد التحرير الكامل والشامل من الاحتلال الاسرائيلي”.
ومن الناحية الاقتصادية والانتاجية، يقول شيوخي ان الزي مرفوض لأن صناعة المنسوجات الفلسطينية لم يتبق لها من صناعة الملابس إلا الزي المدرسي (المريول)، حيث أن الزي الجديد اكثر تكلفة من الزي الحالي وسيشكل عبئا اقتصاديا على المستهلك، وفق شيوخي.
القدس دوت كوم – عبد الرحمن يونس