القاهرة: قال الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، إن هناك فرصة لإنهاء الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، معتبرا أن “الفلسطينيين والعرب مستعدون للسلام”، وأن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، هو “الرقم الحاسم” في التوصل إلى حل.
جاء ذلك خلال الجزء الثاني من حوار للسيسي مع رؤساء تحرير ثلاث صحف قومية، وهي الأهرام، والأخبار، والجمهورية، تنشره بالتزامن، يوم الخميس.
وموجهاً حديثه إلى الإسرائيليين، قال السيسي،: “لديكم فرصة للسلام، ولدينا جميعا فرصة لنعيش معاً ونوفر مستقبلاً أفضل لشعوبنا بعيدا عن الكراهية، ومن الخطأ الشديد إهدار هذه الفرصة”.
وأضاف: “ندخل القمة العربية الإسلامية الأمريكية باستراتيجية ذات آمال عريضة، وعندما التقيت مع الرئيس ترامب في البيت الأبيض (الشهر الماضي) كان تركيزنا على مكافحة الإرهاب وحل القضية الفلسطينية”.
وتابع السيسي أن “الفلسطينيين مستعدون للسلام، والعرب مستعدون أيضاً، وإسرائيل ترى أنه يوفر فرصة، وبالفعل هناك فرصة إذا أحسن اغتنامها سنصل إلى حل، وسيصبح الصراع تاريخا، والرئيس ترامب هو الرقم الحاسم في هذا الحل”.
وردا على سؤال بشأن العلاقات المصرية السودانية و”ما ينتابها من مد وجزر”، أجاب السيسي بأنها “تتسم بالخصوصية الشديدة، وتتعدى مرحلة الشراكة الاستراتيجية، إلى مرحلة المصير الواحد”.
ومضى قائلا: “أنا على اتصال دائم بالرئيس (السوداني) عمر البشير، وأرفض أية محاولات من شأنها النيل من عمق العلاقات بين البلدين”.
وتطرق السيسي إلى الوضع في الجارة الغربية ليبيا، قائلًا: “حريصون على أن يكون لنا دور إيجابي داعم لإيجاد حل سياسي يحقق الاستقرار الأمني لليبيا”.
وجدد دعوته إلى “رفع حظر تسليح الجيش الوطني الليبي”، وتحدث عن “التنسيق” بين مصر والإمارات، التي قال إنها “تلعب دورًا إيجابيًا لصالح عودة الاستقرار إلى ليبيا”.
نص الحوار:
سيادة الرئيس.. سمعناك أكثر من مرة تقول إنك لن تتقدم للترشح إلا بإرادة شعبية، وأنك لن تستمر فى منصبك إلا برغبة الشعب وكانت المرة الأخيرة فى مؤتمر الشباب بالإسماعيلية. نعلم أنك لست ممن يضيق بالمسئولية مهما تكن عسيرة.. فهل السبب هو تأكيد تقديسك لإرادة الشعب، أم أنه كبرياء المقاتل؟
إننى أريد أن أطمئن الشعب على أنه سيد اختياره. وإجابتى فى مؤتمر الإسماعيلية كانت ردا على سؤال يقول: هل لو جاءت نتائج الانتخابات فى غير مصلحتك، ستستمر فى منصبك؟! لا أشعر أبدا بالزهق من المسئولية، وأنا مستعد أن أقاتل مع الناس مادامت راضية بقتالى.
سيادة الرئيس.. أمامنا أقل من عام على الانتخابات الرئاسية المقبلة.. هل اتخذت قرارك بشأن الترشح، لاسيما أن هناك بوادر وتصريحات فى الشارع السياسى تحاول التبكير بأجواء الانتخابات؟
الرئيس: نترك هذا الموضوع لحينه، ولكل حادث حديث.
سيادة الرئيس.. هناك مخاوف لدى البعض من تعرضهم لحملات تشويه إعلامية إذا ما أعلنوا عزمهم الترشح للرئاسة.. ماذا تقول للإعلام؟
الرئيس: أدعو الإعلام إلى أن يعطى لهم الفرصة، ويتكلم بموضوعية وتجرد لأجل مصلحة الوطن.
سيادة الرئيس.. ألا تشعر بالقلق نفسه الذى يساور الكثيرين إزاء مستقبل الحكم بعد فترة الرئاسة الثانية إذا قررت خوضها وفزت بها، فى ظل ضعف الحياة السياسية وغيبة وجود قوى سياسية فعالة وشخصيات مؤثرة يمكنها كسب ثقة الجماهير ومؤسسات الدولة بما يحفظ استقرار الحكم فى البلاد؟
الرئيس: أولا.. أنا لست ضامنا عمرى.
ثانيا.. إننى أنظر إلى الدولة وأبحث عن عناصر تستطيع قيادة مصر مستقبلا عن طريق الاحتكاك المباشر، والاختبار والتأهيل وإسناد المسئوليات ومتابعة النتائج.. أبحث عن شخصيات قادرة تتمتع بالكفاءة والنزاهة والشرف والمقدرة على قيادة مؤسسات الدولة والإدراك الواعى لدولة بحجم مصر.. وكلما نجحنا فى أن تعمل مؤسسات الدولة بصورة قوية وفى تكامل بينها، نقدر نتوقع أن يعمل القادم بشكل أفضل وأسهل.
إننى لا أنسى مشهد الرئيس الفرنسى أولاند وهو يشير مودعا الرئيس الجديد ماكرون بكل اللطف والأمان، وأتمنى أن أرى هذا المشهد فى مصر.
سيادة الرئيس.. على ذكر مؤسسات الدولة.. سمعناك أخيرا تدعو المؤسسات إلى التكامل ونبذ الخلافات، ما الذى ينقصنا لبناء علاقات صحية بين المؤسسات الدستورية؟
الرئيس: هذه تجربتنا فى ظل دستور جديد يصوغ مسارات تعامل جديدة بين المؤسسات.
وأى دستور فى أى دولة هو الذى يشكل صيغة مجتمعية بين الشعب ومؤسسات الدولة.. ولابد لنا أن نقبل التجربة ولا نخشاها، وأتمنى كمؤسسات دولة أن نكون منتبهين كى تنجح تجربتنا.
سيادة الرئيس.. قانون الهيئات القضائية أثار جدلا بين رجال القضاء ونعلم أنك لم تشأ التدخل احتراما للسلطة التشريعية، ثم وجدنا مجلس الدولة يرسل إليكم اسم مرشح وحيد لرئاسة المجلس، خلافا لنص القانون.. كيف ترى علاقة الحكم بالقضاء؟
الرئيس: أنا أحترم كل مؤسسات الدولة وأحافظ عليها، والقضاء مؤسسة محترمة تحب مصر وتخاف عليها، أما بالنسبة لمجلس الدولة فهم درسوا الموضوع بشكل متكامل، ووضعوا اختيارهم وسأتخذ قرارى طبقا للقانون وللمصلحة الوطنية.
سيادة الرئيس.. تثار أقاويل فى بعض الأروقة السياسية وفى بعض الكتابات عن وجود صراع أو منافسة بين الأجهزة.. هل لذلك ظل من حقيقة، وبماذا تفسر هذه الأقاويل؟
الرئيس: هذا الكلام غير موجود على الإطلاق. ولا تنسوا أن هناك مغرضين يطلقون شائعات الهدف منها النيل من هيبة الدولة، ثم على أى شىء سيتنافسون أو يتصارعون؟! ثم إن المدد الزمنية لرئيس الجمهورية التى كفلها الدستور، لم تعد كما كانت من قبل حينما كانت أنظمة الحكم تبقى 20 أو 30 سنة، وتداول السلطة معناه أن من يأتى للحكم هو وشأنه مع أجهزة الدولة.. ومعنى الصراع غياب صانع القرار.. إننى أنظم العمل بين الأجهزة بحكم سلطاتى الدستورية.. فكيف يحدث صراع.. «أمال أنا باعمل إيه»؟!
سيادة الرئيس.. هل اختلفت عملية صنع القرار واتخاذه بين المشير السيسى والرئيس السيسى؟
الرئيس: أريد أن أطمئن بأن الأمور لا تؤخذ إلا فى إطار مؤسسى، هناك مؤسسات سيادية ومجالس متخصصة ورؤى خبراء ومتخصصون من خارج الإطار التنظيمى.. كما أننى أقابل شخصيات فى لقاءات غير معلنة وأستمع إلى تصوراتهم وتقديراتهم، والأداء يتطور كل يوم إلى الأفضل.
سيادة الرئيس.. دعوت أكثر من مرة إلى اندماجات بين الأحزاب المتشابهة فى برامجها وتوجهاتها السياسية، ليكون عندنا أكثر من حزب قوى يسهم فى تفريخ الكوادر ويضمن تداول السلطة.. كيف يمكن عمليا أن تتحقق هذه الدعوة؟
الرئيس: علينا ألا نتعجل، وينبغى ألا نسىء لأحزابنا ونصفها بأنها كرتونية أو ضعيفة، يجب أن نشجعها لتقوم بدور أكثر فاعلية، وأتمنى أن نرى الأحزاب, ذات الأيديولوجيات المتشابهة, تسعى لإيجاد صور للتنسيق أو الاندماج، وأنا داعم لها جميعا، وأطمئن إليها، وأثق فيها ثم كم مضى من فرص على تجربتنا الحزبية؟! إن هناك دولا مضى عليها أكثر من 200 أو 300 سنة ونضجت تجربتها الحزبية، ومع ذلك مازالت تتحرك وتتطور، إننى ضد الإساءة لقوانا السياسية، ونكون أشبه بمن يعاير ابنه لو رسب فى مادة ولا يعاونه على النجاح.
سيادة الرئيس.. لاحظنا تغيير أكثر من وزير للتعليم فى الفترة الأخيرة، هل لهذا علاقة بالرغبة فى الإسراع بملف تطوير التعليم؟
الرئيس: الدكتور طارق شوقى وزير التعليم الجديد كانت عنده الفرصة كأمين عام للمجالس الرئاسية المتخصصة ومسئول عن المجلس التخصصى للتعليم والبحث العلمى ليتابع هذا الملف بعناية، وكان هذا الموضوع محل دراسة من جانبه، وهو صاحب فكرة بنك المعرفة الذى وصفه خبراء عالميون بأنه فكرة عبقرية، وسألونا كيف نتيح هذه المكتبة التى تحوى نتاج أرقى المراكز والبحوث فى العالم، وجزء كبير منها معرب، وجزء آخر بالإنجليزية واللغات الأخرى، وكل ما نتمنى معرفته من علوم متاح وفقا للعقد الذى أبرمناه، ولبنك المعرفة موقع هائل له «سيرفر» استغرق تجهيزه نحو 4 أشهر، ليس معنى هذا أن الوزراء السابقين على الدكتور طارق كانوا سيئين.. أبدا إنما التحدى كبير لذا اخترنا أن نعطى فرصة للمتابع.
سيادة الرئيس.. ملف الزيادة السكانية أحد أهم التحديات التى تجابه التنمية فى مصر.. هل هناك إجراءات تتم دراستها لمواجهة ارتفاع معدلات زيادة السكان؟
الرئيس: لعلكم لاحظتم أننا بدأنا نرفع نبرة الحديث عن هذه القضية بعدما كنا نتحدث عنها على استحياء بسبب خطة تثبيت الدولة.
الحكومة تتحرك لدراسة برامج ومقترحات ومشروعات قوانين لضبط الزيادة السكانية، بعدما ارتفع عدد المواليد سنويا إلى 2.5 مليون نسمة بمعدل يزيد على 3 أمثال النسبة فى الصين التى نجحت فى ضبط النمو السكانى منذ عقود وحققت نتائج اقتصادية مبهرة.
بمناسبة مؤتمرات الشباب ما تقييمك للنجاح الذى تحققه هذه المؤتمرات، وتواصلك مع الشباب.. وهل صحيح ما يردده البعض عن أنه مغلق على اتجاهات سياسية؟
الرئيس: فكرة عقد هذه المؤتمرات عبقرية، وحققت كل أهدافها، ووعى الشباب الذين ألتقيهم فى المؤتمرات أكثر من رائع، فأستمع إلى تجاربهم وأفكارهم، من خلال هذا الجسر الحقيقى مع الشباب، وأنا أعتبر هذه المؤتمرات أحد عناصر قوة مصر الناعمة.. وفى زياراتى الأخيرة استمعت إلى ثناء مسئولين كبار على هذه المؤتمرات ورغبتهم فى حضورها، وستتم دعوتهم إلى المؤتمرات المقبلة، وهناك أيضا مؤتمر دولى للشباب فى نوفمبر يجرى الإعداد له، ودعوة المؤسسات الشبابية من مختلف دول العالم لحضوره.
مؤتمرات الشباب غير مغلقة، ونحن نحرص على أن تعقد فى كل مرة بمحافظة مختلفة، ويحضرها أبناء هذه المحافظات بالأساس بجانب شباب من باقى المحافظات، وهناك شباب من أحزاب وقوى سياسية يشارك فى المؤتمرات بالحضور أو من خلال الأسئلة, كما تابعنا فى مؤتمر الإسماعيلية عبر جلسة ((اسأل الرئيس))، وهذه المؤتمرات أكثر اتساعا وشمولية من اللقاءات المغلقة، فضلا عن أنها تستمر 3 أيام وتذاع جلساتها على الهواء بمحطات التليفزيون ويشاهدها باقى أبناء الشعب، وبالنسبة للفئات الجماهيرية الأخيرة من غير الشباب كالعمال والمرأة، فإننى حريص على حضور كل مناسباتهم
سيادة الرئيس.. ألم يحن الوقت لإطلاق حملة قومية لمحو الأمية خلال فترة زمنية محددة؟
الرئيس: تتذكرون فى مؤتمر الشباب بشرم الشيخ، أنه تم تكليف شباب الأحزاب فى مقررات المؤتمر بتبنى قضية محو الأمية والعمل التطوعى، وقد انتهوا فعلا من وضع ملامح لحملة قومية وإجراءات تنفيذها، وسوف ترسل إلى الرئاسة أول الأسبوع المقبل، والأمر المشرِّف أن الأحزاب شاركت بحماس وقدمت مقترحاتها.
سيادة الرئيس.. التقيتم مجلس أمناء مكتبة الإسكندرية منذ أيام كيف ترى دورها فى نشر الثقافة ومجابهة التطرف؟
الرئيس: نحن حريصون على كوادرنا والشخصيات التى أعطت وأثرت الحياة الثقافية, مثل د.إسماعيل سراج الدين رئيس مجلس الأمناء السابق للمكتبة، وقلت له: أنت معنا فى مجالس أخرى، كمجلس كبار العلماء والمجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف.
وقلت لأعضاء مجلس الأمناء إننا مستعدون للقيام بدور أكبر وأوسع سواء داخل مصر أو خارجها لدعم رسالة مكتبة الإسكندرية كمنارة عالمية.
سيادة الرئيس.. بمناسبة ذكر المجلس الأعلى لمكافحة التطرف والإرهاب.. متى يتم تشكيله؟
الرئيس: نحن نعمل على وضع قانون المجلس وتشكيله، وقد عقد رئيس مجلس الوزراء ثلاثة اجتماعات للتنسيق وبحث تشكيل المجلس ومهامه والتشريع الخاص به. وأمام المجلس قضية كبرى هى قضية الفكر المتطرف ومكافحة الإرهاب الناجم عنه، ومهمته وضع إجراءات فكرية وإنسانية من خلال عمل مؤسسى له القدرة على تمرير قراراته على مستوى الدولة.
سيادة الرئيس.. هل لايزال الإرهاب يمثل خطرا يهدد بقاء الدولة؟.. وكيف تسير الحرب على الإرهاب؟
الرئيس: لا.. لم يعد الإرهاب يهدد بقاء الدولة المصرية.. ولن يستطيع أحد أن يهدد بقاء الدولة إلا الداخل المصرى.. شعب مصر وحده هو من يقرر الحفاظ على الدولة وبقائها من عدمه.. وهذا رهانى الكبير الذى أعلقه على عقل وقلب وضمير المصريين جميعا هو أن يحافظوا على بلادهم. والإرهاب بصفة عامة فساد فكرى فى عقائد من يعتنقونه.
والموقف بالنسبة للحرب على الإرهاب تحسن بشكل كبير، وقدرتنا على المجابهة تزداد بصورة كبيرة، والإرهاب قضية لا تنتهى فى يوم وليلة، لذا يستخدم كأداة لتدمير الدولة، ولنا أن نلاحظ حجم الخسائر التى لحقت بنا فى إيرادات السياحة التى تأثرت بالإرهاب.
وهدم الدولة لا يكون عبر التأثير على الاقتصاد، وإنما عبر استخدام الاقتصاد كأداة لهدم آمال الناس. لذا لابد من تحرك الناس لإصلاح الواقع، وهذا لن يتحقق إلا بالعمل والفهم وإدراك التحديات، وأننى مطمئن للجهود الأمنية العسكرية التى تتحسن كل يوم فى مجابهة الإرهاب.
سيادة الرئيس.. فور وقوع حادثى كنيستى طنطا والإسكندرية، لم تتردد فى إعلان حالة الطوارئ لمدة 3 أشهر.. هل أثمر هذا الإجراء؟
الرئيس: حالة الطوارئ أتاحت الفرصة للأجهزة للتعامل فى إطار صلاحيات أوسع، وأعطت إشارة قوية بأننا لن نتردد فى حماية بلادنا مهما تطلب الأمر.. وجاء رد فعل الشعب ليعكس فهمه ووعيه بحجم المخاطر، ولاحظنا ذلك فى إجماع البرلمان على قرار إعلان الطوارئ وموقف الرأى العام.
سيادة الرئيس.. فى غير مجابهة الإرهاب، لا يلحظ أحد أن هناك حالة طوارئ معلنة فى مصر.. ما السبب؟
الرئيس: لأننا لا نحاول اتخاذ إجراءات استثنائية لا لزوم لها.
سيادة الرئيس.. لاحظنا فى الأسبوع الماضى خروج فتاوى غير مسئولة بتكفير مواطنين مصريين من أناس كان يفترض فيهم الوعى والتحلى بالمسئولية.. كيف تابعت هذه التصريحات؟
الرئيس: هذه التصريحات تؤكد أن تخلف الفهم الدينى مازال هو التحدى، ولابد أن نتحسب من الهوس الدينى، فنحن نريد أن نعيش ونمارس إيماننا باعتدال حقيقى وبسماحة وفهم، وأرى أن رد فعل الناس واستياءهم كان أبلغ رد على مثل هذه الفتاوى غير المسئولة.
سيادة الرئيس.. الأزهر تعرض لهجمة إعلامية شرسة، لم تخفت حدتها رغم العبارات القاطعة التى أعلنتها بخطابك فى أثناء زيارة بابا الفاتيكان لمصر، والتى تؤكد الإعلاء من شأن الأزهر والتقدير لشيخه.. كيف ترى دور الأزهر؟
الرئيس: الخط العام لنا هو الحفاظ على مؤسسات الدولة المصرية وتشجيعها على القيام بدورها وتطويرها لتتناسب مع التحديات والمخاطر التى تواجهنا، والأزهر له مكانة كبيرة فى مصر وخارجها، لذا نحن مصرون على أن ينهض بهذا الدور، والمنطقة والعالم أحوج ما يكونان لهذا الدور.
سيادة الرئيس.. زيارة البابا فرانسيس لمصر كانت أكثر من ناجحة.. ورغم ذلك لم نستطع استثمارها الاستثمار الأمثل عالميا, سواء من الناحية السياسية والأمنية أو من الناحية الدعائية السياحية.. هل تتفق مع هذا الرأى؟
الرئيس: لست معكم، لماذا لا تصدقون أن ما تحقق جيد جدا.. لماذا تشعرون بأنكم مقصرون وتجلدون ذواتكم؟.. الاستفادة تحققت بالفعل، العالم ينظر إلينا.. فهل تحقق هذا دون جهد مبذول. كذلك وسائل التواصل الاجتماعى وغيرها تحدثت عن الزيارة وعن مصر.. تنفيذ الزيارة فى حد ذاتها فى هذا التوقيت إنجاز.. ترتيباتها إنجاز.. فعالياتها إنجاز.. كلام البابا عن مصر أم الدنيا, وعن أنها التى أنقذت العالم من المجاعة فى عهد النبى يوسف، وأنها التى ستنقذ المنطقة من مجاعة الأخوة والمحبة.. كل هذا إنجاز، نحن الذين نعطى الآخرين الانطباع عن بلادنا.. لو قلنا إن البلد به فساد سينقلون عنا.. ولو قلنا إنه غير مستقر أو أن الحكومة ضعيفة سينقلون ذلك أيضا عنا.
سيادة الرئيس.. نسألك فى كل مرة عن الإعلام المصرى.. هل تجد أنه بدأ يصحح مساره، أم يرتد إلى الوراء؟
الرئيس: لا يوجد ارتداد إلى الوراء، إعلامنا يتحرك للأمام وسنتحسن أكثر وهذه ليست مجاملة للإعلام.
سيادة الرئيس.. أخيرا أنشئ المجلس الأعلى للإعلام، والهيئتان المسئولتان عن ماسبيرو، والصحافة القومية.. ما هو الدور الذى تنشده من المجلس والهيئتين؟
الرئيس: التجربة مازالت فى بدايتها.. وكل الدعم لها فى ضوء الدستور والقانون، نحن لا نريد أن نتعجل النتائج, فالأمور تأخذ وقتها، ولابد أن نشجع ونحترم المؤسسات التى أقرها الدستور، وأنا أدعم وأحترم هذه المؤسسات لأنها تقوم بدور رائع فى خدمة دعم وبناء الوطن، وهذا الدور سيكتمل بعد صدور قانون الصحافة والإعلام، وإننى متأكد من أنها ستحقق النتائج المرجوة.
سيادة الرئيس.. نأتى لعلاقات مصر مع محيطها العربى والدولى.
تلقيت دعوة من خادم الحرمين للمشاركة فى القمة العربية – الإسلامية – . الأمريكية بالرياض.. هل ستشارك فيها؟
الرئيس: سأشارك – بإذن الله – فى هذه القمة التى ستعقد فى 21 مايو، وأنا حريص على تلبية أى دعوة من الملك سلمان.. فمصر والسعودية جناحا هذه الأمة، والتنسيق والتعاون والتشاور يتم على أعلى درجة.. ودائما تجد مصر مع أى جهد يسهم فى تحقيق الاستقرار ومجابهة التطرف والإرهاب.. وسنحاول استثمار المؤتمر ولقاءاته لمصلحة الاستقرار فى المنطقة.
سيادة الرئيس.. التقيت الرئيس الأمريكى ترامب الشهر الماضى فى واشنطن، وتلقيت منه اتصالا هاتفيا منذ يومين تناول قمة الرياض المقبلة، وعبر فيه عن تطلعه لزيارة مصر فى أقرب وقت.. كيف ترى مسار العلاقات المصرية – الأمريكية فى ضوء وعود الرئيس الأمريكى الجديد لمصر بتقديم كل العون والمساندة لها؟
الرئيس: لدى ثقة كبيرة فى شخص الرئيس ترامب وفى قدراته وفى وعوده.. وهناك أشياء نعلن عنها وأشياء لا نعلنها.. الأمور تسير بإيجابية, وأنا أعتبر الرئيس ترامب شخصية متفردة وعظيمة للغاية، فهو إذا دخل فى قضية لا يقبل عدم النجاح فيها ، ولا يرضى بغير النجاح.
سيادة الرئيس.. أطلقتم على القضية الفلسطينية اسم «قضية القرن»، وتحدثت مع الرئيس ترامب بشأن العمل على إحلال السلام وحل هذه القضية والتعاون لإنهاء باقى أزمات المنطقة.. هل هناك أمل إزاء حل هذه القضية فى ظل إدارة ترامب؟
الرئيس: الفلسطينيون مستعدون للسلام.. والعرب مستعدون للسلام.. وإسرائيل ترى أنه يوفر فرصة، وبالفعل هناك فرصة إذا أحسن اغتنامها فسنصل إلى حل وسيصبح الصراع تاريخا.. والرئيس ترامب هو الرقم الحاسم فى هذا الحل.. وتقديرى أنه لا يأخذ أوقاتا طويلة فى حسم القضايا، والآليات ومحاور الحركة لديه مختلفة لأنه شخصية قادرة، لا يعمل كالآخرين.. وأقول للرأى العام والشعب الإسرائيلى إن لديكم فرصة للسلام، ولدينا جميعا فرصة لنعيش معا ونوفر مستقبلا أفضل لشعوبنا بعيدا عن الكراهية، ومن الخطأ الشديد إهدار هذه الفرصة ونحن ندخل القمة العربية – الإسلامية – الأمريكية بإستراتيجية ذات آمال عريضة، وعندما التقيت الرئيس ترامب فى البيت الأبيض كان تركيزنا على مكافحة الإرهاب وحل القضية الفلسطينية.. ومصلحتنا واحدة فى هذا الشأن.
سيادة الرئيس.. كيف تقيم التعاون المصرى – الخليجى فى ضوء جولتك الأخيرة بدول الخليج الشقيقة؟
الرئيس: العلاقات المصرية – الخليجية لا يمكن أن تنفصم، فنحن مصيرنا واحد.. والجولة جاءت فى إطار تعزيز علاقات التعاون وبحث الوضع الإقليمى.. ونحن نزور الأشقاء فى دول الخليج وهم يزوروننا من أجل التنسيق والتشاور.
سمعناك توجه الشكر لدولة الإمارات عند افتتاح صوامع الغلال الجديدة؟
الرئيس: هذا صحيح.. فدولة الإمارات الشقيقة أهدت مصر 25 صومعة غلال، قيمة الواحدة منها 150 مليون جنيه منذ 3 سنوات، وقد أنشأت هذه الصوامع 3 جهات مصرية هى المقاولون العرب، والهيئة الهندسية، والهيئة العربية للتصنيع, بالتعاون مع خبرة أجنبية.
سيادة الرئيس.. سوريا تحتل مكانة تاريخية خاصة لدى مصر.. أين الدور المصرى فى حل الأزمة السورية؟
الرئيس: دائما نسعى إلى أن يكون لنا دور إيجابى فى دعم أى جهد سياسى لإيجاد مخرج فى إطار الحفاظ على الأراضى السورية ووحدتها واحترام إرادة الشعب السورى فى اختيار مصيره، ورفض أن يكون هذا الشعب أسيرا، أو الدولة السورية أسيرة للجماعات الإرهابية المتطرفة. وهذا هو موقفنا مع كل القضايا العربية الأخرى، فلن نستعيد عافيتنا كمنطقة عربية إلا باستعادة هذه الدول وانتشالها من أزماتها.
سيادة الرئيس.. يبدو الدور المصرى نشيطا فى الأزمة الليبية، وقد التقيت منذ أيام المشير خليفة حفتر قائد الجيش الليبى.. إلى أين تسير جهود تحقيق الوفاق الوطنى الليبى؟
الرئيس: ليبيا دولة جوار مباشر، واستقرارها يؤثر بشكل مباشر على أمننا القومى.. ونحن حريصون على أن يكون لنا دور إيجابى داعم لإيجاد حل سياسى يحقق الاستقرار الأمنى لليبيا الشقيقة.. والحقيقة أن لقائى المشير حفتر كان لقاء رائعا، وأنا أثق به, ونحن ندعم بقوة صمود التوافق بين الأشقاء الليبيين، وندعو إلى رفع حظر تسليح الجيش الوطنى الليبى الذى نعتبره الأساس فى تحقيق الاستقرار والأمن فى ليبيا.. نحن ندعم الجيوش الوطنية فى كل الدول العربية التى تعانى أزمات. وهناك تنسيق بيننا وبين الأشقاء فى الإمارات الذين يلعبون دورا إيجابيا لمصلحة عودة الاستقرار إلى ليبيا، والمصلحة واحدة بيننا فى إعادة الأمن والاستقرار لهذا البلد الشقيق من أجل عودة الدولة الليبية.
سيادة الرئيس.. سمعنا كثيرا من روسيا عن قرب عودة رحلات الطيران إلى مصر، لكن لم يتحقق شىء، وبدأنا نسمع تصريحات من مسئولين روس ترجئ هذا الأمر.. كيف تسير العلاقات المصرية الروسية.. وإلى أين وصل اتفاق إنشاء محطة الضبعة النووية؟
الرئيس: أحد ثوابت علاقات مصر الدولية هو الانفتاح على جميع الدول بعيدا عن الاستقطاب والتحالفات.. ونحن نقدر روسيا ودورها ودعمها لنا, ولا يمكن أن نعلق علاقتنا على موضوع عودة السياحة.. فالعلاقات بين الدول أكبر من هذا بكثير، إننا نسعى لتوفير الأمن والأمان لكل السياح وليس للسياح الروس فقط، وهذا يعكس قوة وهيبة الدولة المصرية، ومن يزور مصر آمن ولابد أن يكون آمنا.
أما بالنسبة لموضوع الضبعة، فالاتفاق يشمل أربعة عقود وتم التوصل نهائيا لثلاثة منها، والتفاوض مستمر على ما تبقى من عقود، وبمجرد أن تكون جاهزة، سنبدأ العمل فى اتجاه توقيعها، والأمور على مسار العلاقات المصرية – الروسية تمضى بشكل طبيعى.
سيادة الرئيس.. كيف ترى العلاقات المصرية – الفرنسية، فى ظل دخول الرئيس الجديد إيمانويل ماكرون قصر الإليزيه؟
الرئيس: علاقتنا بفرنسا رائعة، وقد أصدرنا بيان تهنئة للرئيس الفرنسى الجديد باسم رئاسة الجمهورية.. ونحن نقدر انشغال الرئيس ماكرون بتسلم السلطة لتوه، لنهاتفه ونقدم له التهنئة.. أيضا علاقتنا بألمانيا طيبة وتسير بشكل جيد معها ومع دول الاتحاد الأوروبى.
سيادة الرئيس.. نلاحظ أن العلاقات المصرية – السودانية ينتابها مد وجزر، بالرغم من الأواصر التاريخية الوطيدة التى تربط البلدين والشعبين.. إلى درجة التراشق عبر وسائل التواصل والإعلام.. كيف تقيم هذه العلاقات؟
الرئيس: العلاقات المصرية – السودانية تتسم بالخصوصية الشديدة وتتعدى مرحلة الشراكة الإستراتيجية إلى مرحلة المصير الواحد.. النيل الذى جمع الشعبين المصرى والسودانى على مدى التاريخ سيظل شاهدا على ذلك.. وأنا على اتصال دائم بالرئيس عمر البشير, وأرفض أى محاولات من شأنها النيل من عمق العلاقات بين البلدين.
سيادة الرئيس.. كيف تسير الأمور مع إثيوبيا فى ملف سد النهضة؟
الرئيس: منذ أن توليت مهام منصبى وأنا أولى العلاقات مع إثيوبيا أهمية خاصة.. ورؤية الدولة تجاه العلاقات مع إثيوبيا قائمة على الاحترام المتبادل ومراعاة تحقيق مصالح البلدين.. ونحن حريصون على استمرار التعاون والاتصال بين الدولتين.. وخلال القمة الإفريقية الأخيرة التقيت رئيس الوزراء الإثيوبي, واتفقنا على استمرار عمل اللجان الفنية والهندسية الخاصة بمتابعة سد النهضة, وحرصنا على أن نزيل جميع مسببات التوتر بين البلدين.
قبل أن نختتم حوارنا.. نود أن نسألك عن تحالف 30 يونيو ونحن نقترب من الذكرى الرابعة لهذه الثورة المجيدة.. هناك من يرى أن هذا التحالف قد انتهى أو على الأقل أصابه التآكل.. هل تتفق مع هذه الرؤية؟
الرئيس: هذا التحالف الوطنى لم ينته وقد فرضته الحالة القائمة وقتها والظروف. وشعبنا قادر بوعيه وإرادته على أن يتحرك تلقائيا ببوصلة تثير الإعجاب الشديد، وشعبنا كان يرى كل شىء دون توجيه.. وكل الناس تتحرك فى مواجهة الخطر.
وأنا لم أشاهد أن هذا التحالف أصابه ضعف أو تفكك فهو موجود وقائم سواء فى مواجهة خطر وقتى أو خطر ممتد. ونحن ليس أمامنا خيار إلا العمل والصبر والتضحية ثم الإيثار.
سؤالنا الأخير.. كما تعودنا أن نسألك يا سيادة الرئيس: هل مازلت متفائلا؟
يبتسم الرئيس ويقول: كيف بعدما ذكرت لا أكون متفائلا.. إن حجم التخلف والتراجع الذى لحق ببلدنا كان يفوق الخيال، وصار حجم العمل والإنجاز فوق الخيال.
إننى متفائل لأن مصر دولة تنتفض وتنهض.. وأقسم بالله أننا سنحقق معا ما هو فوق خيال المصريين.. إذا صبروا.
السيسي: هناك فرصة لإنهاء الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وتحقيق السلام ..وترامب “الرقم الحاسم”
Leave a comment