بيت لحم- الحياة الجديدة- زهير طميزة – أعلنت ما تسمى الإدارة المدنية التابعة للاحتلال عن مصادرة 600 دونم من أراضي منطقة المخرور غرب بيت لحم لصالح توسعة “وشرعنة” البؤرة الاستيطانية “ناحال حيلتس”.
وجاء هذا الإعلان ضمن خطة وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش بإنشاء خمس مستوطنات جديدة في الضفة الغربية المحتلة.
وحسب بيان أصدرته وزارة الخارجية والمغتربين الخميس، فقد قامت حكومة الاحتلال الحالية بـ” شرعنة” 22 بؤرة استيطانية، تمهيدا لتوسيعها على حساب الأرض الفلسطينية المحتلة.
وفي خضم حملة الاستيطان المسعورة التي أطلقتها حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل، تأتي عملية توسعة الشارع الاستعماري المعروف بشارع رقم (60)، والذي التهم حتى الآن أكثر من (1431 دونما) من أراضي محافظة بيت لحم، امتدادا من مستوطنة “جيلو” المقامة على أراضي المحافظة شمالا، وحتى مجمع “غوش عصيون” الاستيطاني جنوب المحافظة.
وعلى الرغم من الذريعة المعلنة من قبل الاحتلال بأن التوسعة تستهدف تسهيل حركة المرور، فإن المشهد النهائي الذي سيبدو عليه الشارع عند الانتهاء من العمل فيه، يبين أن الهدف منه كما بقية الشوارع الاستعمارية، هو محاصرة وعزل المدن والقرى الفلسطيية وإخفاؤها عن المشهد العام لصالح خلق مشهد “بانورامي” استيطاني يبرز المستوطنات على أنها أصل وأساس المشهد الطبيعي للمناطق الحضرية في الضفة الغربية المحتلة، فإذا بمدينة بيت لحم عاصمة العالم المسيحي ونافذة فلسطين على العالم، تتحول من مركز الكون إلى مجرد عشوائية هامشية إلى جانب مستوطنة “أفرات” التي تتمدد كالسرطان على أرض المحافظة.
وقال سهيل خليلية مدير وحدة مراقبة الاستيطان في معهد الأبحاث التطبيقية- القدس “أريج” لـ “الحياة الجديدة” إن الهدف من توسعة هذا المقطع من الشارع الذي التهم مئات الدونمات من أراضي المحافظة، يرمي كما الشارع الالتفافي المحيط بشرق وجنوب المحافظة والمعروف بالتفافي زعترة تقوع، إلى فصل حركة المواطنين عن حركة المستوطنين، ضمن المشروع الاستيطاني المسمى “القدس الكبرى”، وهي تمثل خطوة أخرى نحو تطبيق خطة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب المعروفة بـ “صفقة القرن”، والتي بمقتضاها يتم ضم أجزاء واسعة من المناطق المصنفة “ج” إلى إسرائيل، وفصل المناطق الفلسطينية المأهولة عن إسرائيل وتحويلها إلى جزر تتواصل عبر الأنفاق والجسور.
من جانبها بينت هيئة مقاومة الجدار في بيت لحم لـ “الحياة الجديدة”، ان 87% من مساحة محافظة بيت الحم البالغة 666 ألف دونم (666 كم2)، تخضع لإجراءات الاحتلال المختلفة مثل الأوامر العسكرية والأغراض الأمنية والمحميات الطبيعية أو المصنفة أراضي آثار، إضافة الى المساحة التي يشغلها جدار الضم والتوسع الذي سيلتهم ويعزل عند اكتماله أكثر من 77 ألف دونم، وكلها اجراءات تخدم التوسع الاستيطاني الاستعماري وإحكام السيطرة على الضفة الغربية المحتلة.
وفي حين أن المساحة التي تشغلها 23 مستوطنة مقامة على أراضي المحافظة تشغل قرابة 23 ألف دونم، فإن هناك أكثر من 8 آلاف دونم اخرى مخصصة لخدمتها، على شكل شوارع “أمنية وخدماتية ومناطق صناعية”، يضاف الى كل ذلك وجود 23 بؤرة استيطانية موزعة على مختلف اراضي المحافظة. كما أن توزيع هذه المستوطنات والبؤر في مختلف جهات ومناطق المحافظة تؤدي الى عزل ومحاصرة المناطق المسكونة وخنقها.
وتضيف هيئة مقاومة الجدار، بأن المقطع الذي تتم توسعته من الشارع الاستعماري رقم (60) غرب بيت لحم، التهم حتى الآن (1431 دونما) من اراضي المحافظة، وفي حال تنفيذ المخططات المستقبلية للمشروع الاستيطاني، فسيبلغ مجمل ما سيلتهمه من أراضي بيت لحم (4425 دونما).
ويفسر د. محمد فرحات أستاذ علم الاجتماع في جامعة القدس المفتوحة في بيت لحم، السياسة المعمارية الاستعمارية الاستيطانية هذه كتعبير عن أبعاد عدة: الأول انها تعبر عن رؤية اسرائيل للمجال المكاني الفلسطيني كمجال مملوك لها. والثاني انها محاولة من اسرائيل ترمي من خلالها الى خلق مشهد معماري استعماري لا وجود فيه للفلسطيني، وكأنه غير مرئي، سواء بالنسبة للمستعمر الاسرائيلي أو عابر الشارع ان كان سائحا أو زائرا. وعندما يظهر الفلسطيني في المشهد يجري العمل على طمسه حقوقا ووجودا ما أمكن ذلك، مشيرا الى موروث قوي حكم النظرة الصهيونية للفلسطيني على انه عقبة من عقبات الطبيعة مثله مثل الصخور.
ويضيف فرحات لـ “الحياة الجديدة”، ان التحايل من خلال إعادة رسم الجغرافيا وفق منظور استعماري على حساب الديمغرافيا الفلسطينية وحقوقها السياسة وإنكار واستبعاد الفلسطينيين، هي في العمق عملية الغاء لأي تسوية مستقبلية للصراع، فحتى فكرة أن الأرض المحتلة عام 1967 هي أراضي متنازع عليها، تقوم الحكومة الاسرائيلية بالغائها تماما.
تجدر الاشارة الى انه ومنذ بداية العدوان وحرب الإبادة ضد شعبنا الفلسطيني في السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2023، شهدت منطقة بيت لحم هجمة استيطانية شرسة حسب ما وثقته هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، من خلال منع المزارعون من الوصول الى اراضيهم وتخريب عشرات الدونمات من الأراضي الزراعية واقامة عدة بؤر استيطانية عليها، في محاولة لاستغلال حالة الطوارئ التي اعلنتها سلطات الاحتلال خلال العدوان، للاستيلاء على هذه الأراضي.