من أبرز الظواهر المقلقة والتي لا تتطرق لها منظمات المجتمع المدني التي كانت تتسابق منذ فترة ليست بعيدة على حصد ثمار التمويل الخارجي تحت عناوين الشباب والإصلاح والقيادات الشابة، ظاهرة الهجرة المتزايدة بين صفوفهم بالضفة الغربية إلى دول العالم، أو ما تعرف اصطلاحا الهجرة الطوعية الصامتة.
هذا التدفق في طلبات الهجرة وتحديدا في ظل ظروف اقتصادية صعبة تمر بها الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ السابع من أكتوبر، والتي لم تتحدث عنها الجهات الرسمية أو شبه الرسمية نبدو وكأنها تشجع على ذلك، ما يدق ناقوس الخطر، فالشباب هم الرأسمال الوطني وهم قادة التغيير في المستقبل، كما تتعامى الأحزاب السياسية التي نخرها الوهن، ولم تجدد في هيئاتها وهياكلها، واوقفت عملية التثقيف الحزبي وبدا بعضها كشركة استثمارية.
ان ما يجري يؤكد أن الاستثمار في الشباب لم يأخذ الحجم المطلوب، مع غياب شبه تام في الخطط والبرامج الموجهة تجاه هذه الفئة التي تشكل نصف المجتمع الفلسطيني، عدا عما يتعرض له شعبنا بشكل عام والشباب بشكل خاص من إجراءات الاحتلال التي تدفع للهجرة مع منح التسهيلات اللازمة لذلك في خطوة ترى بها دولة الاحتلال فرصة للتخلص من أكبر عدد ممكن من السكان والسيطرة على أكبر قدر ممكن من الأراضي.
أمام هذا الوضع الخطير الذي يتفاقم دون ضجيج، بات مطلوبا التفكير بمنطق ابداعي نحو خلق فرص العمل والاستثمار بقطاع الشباب، لتمكينهم اقتصاديا على أن يترافق ذلك مع برامج التثقيف الوطني، وإجراء الاصلاحات الوطنية في برامج عمل الحكومة الفلسطينية المبني على الشفافية والصراحة ووضع حد لحالة التيه الفلسطينية.
صراحة قاتلة
نوهت وزارة المالية الفلسطينية في منشور لها حول الرواتب قالت فيه” رواتب الموظفين فور تحويل أموال المقاصة بداية الأسبوع القادم،
وأشارت الوزارة إلى أن المبلغ المطلوب للصرف هو 890 مليون شيكل وسيكتمل بعد تحويل إسرائيل لمقاصة شهر 10، والتي تبلغ قيمتها بعد الخصومات التعسفية 393 مليون شيكل، ونوهت الوزارة إلى أنه سيتم صرف الرواتب فور قيام وزارة المالية الإسرائيلية بتحويل أموال المقاصة بداية الأسبوع القادم “.
من المهم وضع جمهور الموظفين بطبيعة المبلغ الذي هم بانتظار الحصول عليه، وكذلك متى موعد الصرف نظرا للوضع المالي العام والصعب للسلطة الفلسطينية، لكن ليس مقبولا وعلى الاقل في صيغة الخبر التذكير بأن الراتب معتمد على الاحتلال وكأنه (رب عملنا)، وأن قوت عائلاتنا يعتمد على مدى (حنيه) سموتريتش.
ان المطلوب من الحكومة ووزارة المالية البحث عن البدائل بطرقها السياسية والدبلوماسية وهذا واجبها تجاه ليس الموظفين فقط بل تجاه كافة قطاعات شعبنا، يدخل الموظف اليوم ١١ في الشهر دون معرفة مصير ونسبة راتبه وهو حق للموظف، وحينما تصدر الحكومة بيانا أو وزارة ماليتها، يأتي بعد انتشار العديد من الشائعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتجبر لإصدار بيان وكأنه(رفع عتب) ، لكن بصيغة غير مقبولة وبها أيضا التضليل، فالكل يدرك ان هناك بعض التحويلات المالية التي وصلت الخزينة ومنها الدعم الأوروبي والسعودي عدا عن الضرائب المحلية ، لكن الحكومة تربط الراتب عبر خبرها المذكور أعلاه بأموال المقاصة المسروقة وكأنها تريد الاشارة بأن( الموظف بات رهينة لقرار نتنياهو لصرف راتبه ) فالإعلام سيف ذو حدين.
طوفان ترامب نتنياهو قادم
عاد ترامب إلى الواجهة من جديد، البعض ما زال يراهن على تغيير سياسته الخارجية تجاه بعض القضايا الدولية كالأزمة الأوكرانية، والعلاقة مع الصين، لكن الثابت في سياسته هو إسرائيل، التي ترتبط ارتباطا وثيقا مع الولايات المتحدة الأمريكية كدولة ونظام وليس أشخاص، فمن عمل على نقل السفارة للقدس، وأغلق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، لن يغير من سياسته تجاه القضية الفلسطينية بل سيعمل على تعميق العلاقة أكثر من صديقة نتنياهو
معروف إن السياسة الخارجية لأي دولة في العالم لا تغيير بين ليلة وضحاها، وعليه يبقى المطلوب مغادرة الرهان الخاسر مرة أخرى على إدارة ترامب وسواه ، والتوجه فورا الى الرهان الكاسب وهو توحيد الصف الفلسطيني، وعلى الكل الفلسطيني تقديم كل ما يلزم من أجل وحدة وطنية، تقود مرحلتها منظمة التحرير الفلسطينية، والا فإن طوفان ترامب نتنياهو قادم ليس لتغيير الوضع الفلسطيني فحسب، بل لرسم شرق أوسط جديد.