بقلم: يوآف ليمور / الردود والتهديدات من كثير من السياسيين الإسرائيليين على قتل 12 طفلا في مجدل شمس تدل مرة أخرى على مدى ضحالة النقاش العام في إسرائيل ومدى عدم تعلم الكثير من منتخبي الجمهور شيئا من أحداث السنة الماضية، وهم يواصلون الآن أيضا إطلاق الشعارات الفارغة وعديمة المسؤولية.
لشدة الحظ، في الغرف التي تتخذ فيها القرارات (وهذا لا يتضمن “الكابنت” الذي اصبح محطة للتنفيس) تجرى مداولات أعمق تنظر إلى الصورة الأوسع والى التداعيات المحتملة لكل عمل. هذا سلوك واجب لأن الواقع الذي تعمل فيه إسرائيل الآن معقد على نحو خاص – ولعله الأكثر تعقيدا – ولكل رد ستكون أمواج صدى ينبغي أخذها بالحسبان.
نقطة المنطلق هي أن إسرائيل سترد وبقوة اكبر مما فعلت منذ بدأت المعركة في الشمال، في 8 أكتوبر من العام الماضي. وبعد هذا العنوان مطالبة إسرائيل بأن تقرر طبيعة الرد الذي يمكنه أن يتضرر ثلاثة أصناف محتملة وربما خليط من ثلاثتها: ضربة لأهداف عسكرية لـ”حزب الله” (قيادات، منشآت بنية تحتية، مخازن سلاح وغيرها)، تصفية مسؤولين كبار في المنظمة، وضربة لأهداف في دولة لبنان (بنى تحتية أساسا). استمرارا لذلك، ستكون إسرائيل مطالبة بأن تقرر ما هي منطقة العمل، فيما إن المعضلة الدائمة هي إذا كانت ستعمل أيضا في مدن لبنانية مركزية، وعلى رأسها بيروت.
الخليط الذي سيتقرر حرج، لأنه سيقرر بقدر كبير طبيعة رد “حزب الله”. فضربة ذات مغزى في صور أو في صيدا كفيلة بأن تؤدي إلى ضربة في خليج حيفا، وضربة في بيروت – إلى ضربة في تل أبيب. هجوم مكثف يلحق ضررا وإصابات كثيرة سيلزم “حزب الله” أيضا بردود ثمينة مضادة على إسرائيل، وضربة للبنى التحتية اللبنانية – التي امتنعت إسرائيل عنها حتى الآن، وذلك أيضا كي لا تثير عليها ضغطا دوليا ستؤدي بيقين إلى ضربة مضادة للبنى التحتية في البلاد.
وهذا هو الحكم في تصفية مسؤولين كبار. صحيح أن “حزب الله” يجد صعوبة في أن يضرب سياسيين وقيادات من الجيش الإسرائيلي لكنه رد بإطلاق مكثف للسلاح إلى الشمال على تصفية بعض من قياداته الميدانية الكبيرة في جنوب لبنان. ولا يزال، كدرس من الرد الإيراني غير المتوقع على تصفية كبير الحرس الثوري حسن مهداوي، امتنعت إسرائيل حتى الآن عن تصفية القيادة العسكرية والسياسية للمنظمة، وهو موضوع من المعقول أن يطرح الآن مرة أخرى على البحث.
ما يريدون تحقيقه
القرارات عن طبيعة الرد يجب أن تأخذ بالحسبان مكونات أخرى. الأول هو الإمكانية “المعقولة” للتصعيد، بما في ذلك إمكانية التدهور إلى حرب شاملة في الشمال. ضربة إسرائيلية تؤدي إلى ضربة مضادة، تستوجب ردا، يؤدي إلى رد مضاد، فيما إن كل خطوة كهذه ترفع تقريبا المستوى إلى أن يجد الطرفان نفسيهما في مناوشة كاملة من المشكوك أن يكونا خططا للوصول إليها. على إسرائيل أن تستعد لإمكانية أن تجر مثل هذه المناوشات ايران أيضا إلى المعركة، وكذا قوى تعمل تحت رعايتها في اليمن، في العراق وفي سورية، وربما أيضا في الضفة. لمثل هذا التصعيد ستكون تداعيات أيضا على ساحة القتال الأساس في غزة وعلى المخطوفين المحتجزين فيها.
سؤال أساس يُسأل بيقين في هذا البحث هو هل للرد الإسرائيلي إمكانية لإحباط الصفقة المطروحة على الطاولة الآن، وإبعاد إسرائيل عن إنجاز أهداف الحرب كما حددتها – وعلى رأسها إعادة المخطوفين وهزيمة “حماس” في غزة.
صحيح حتى يوم أمس، الشمال ليس جزءاً من هذه الأهداف، ويجدر بالحكومة أن تحدد هذا صراحة قبل أن تتخذ القرارات في طبيعة الرد. فحرب واسعة، وبالتأكيد حرب من شأنه أن تتدهور إلى معركة إقليمية، ليست لعبة أولاد. فهي تستوجب تحديد أهداف وغايات واضحة، وإعدادا وتنسيقا مسبقا مع جملة أصدقاء وشركاء في المنطقة وفي العالم وعلى رأسهم الولايات المتحدة وذلك أيضا لأجل السماح بوجود شرعية دولية ونقطة خروج من المعركة. على الجيش الإسرائيلي أيضا أن يوضح ما هي جاهزية القوات للمعركة في لبنان، والكفيلة بأن تكون قاسية وطويلة، وما هو طول نفسها من ناحية السلاح وقطع الغيار والقوة البشرية.
وفوق كل هذا، مطالبة القيادة السياسية – الأمنية بتنسيق المواقف مع الجمهور الذي يعطيها ثقة متدنية جدا منذ الفشل المدوي في 7 أكتوبر. في ضوء الاحتمالية العالية للتدهور إلى معركة واسعة إضافية، من المجدي أن نسمع من أصحاب القرار ما الذي يريدون تحقيقه – بعد أن يجروا إسرائيل إلى مغامرة خطيرة.
عن “إسرائيل اليوم”