لا شك ان الفصائل السياسية او الاحزاب, تشكل مكونا سياسيا شعبيا, في المجتمعات و يحدد دورها ووجودها النظام الديمقراطي,الذي يسود هذا المجتمع او ذاك,ولا شك ان تشكيل هذه الاحزاب هو نوع,من انواع المشاركة الشعبية والسياسية,في صناعة القرار الوطني بكل مستوياته,و هي تعبرعن التوجهات المختلفة,عند اي شعب بكل شرائحه وطبقاته, اضافة الى كونها قتاة التواصل بين الحاكم والشعب,فمن خلالها يمارس الشعب دوره السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي والثقافي المؤثر في هذه المفاصل,من خلال موافقته او عدمها على السياسات العامه للحكم,وبالتالي فاي تنظيم حزبي,يفقد هذا الحضور والدور يعتبر فاقدا لشرعية وجوده,وفي هذا السياق يأتي حديثنا عن الحالة الحزبية الفلسطينيية,وعن دورها.
ليس جديدا أن نقول أن الفصائل الفلسطينية بمختلف تشكيلاتها السياسية والأيديولوجية ، قد احتلت دورا هاما ، في الحياة الفلسطينية ، منذ أربعة عقود أو يزيد ، ولكن هذا الدور كان منحصرا في الجانب السياسي والتحشيد الجماهيري للعمل الكفاحي التحرري ، وذلك لحيثيات العملية النضالية الفلسطينية ، التي تستهدف حشد الطاقات ، باتجاه انجاز التحرر الوطني ، من خلال العمل المقاوم للاحتلال, إضافة إلى جوانب أخرى :اجتماعية وثقافية ، ولكن هذه الجوانب بقيت محدودة ، وبما يخدم السياق العام لفعل هذه القوى السياسية ، ولا سيما في مرحلة الشتات،او تحت سلطة الاحتلال, أي قبل قيام السلطة الوطنية الفلسطينية .
غير أن قيام السلطة الوطنية الفلسطينية ، منذ ما يقارب العقدين ، استوجب دورا آخر لهذه الفصائل ، فهنا
أصبحت الفصائل في عملية ملامسة يومية ، لتفاصيل حياة المواطن الفلسطيني ، وليس العمل التحرري ، وحسب ، وأصبح لزاما على القوى السياسية أن تعمل في الجو انب الأخرى ، الاجتماعية والثقافية … إلخ سيما أن هذه القوى تحمل برامج وأهداف ورؤى في أدبياتها الحزبية ، تشير إلى طبيعة دورها في هذه السياقات التي تحدثت آنفا عنها .
ولكن وبكل أسف ، على مدار سنوات طويلة من عمر السلطة ، لم يشاهد المواطن والمراقب للحالة الحزبيةالفلسطينية من هذه القوى ، سوى فعاليات سياسية ، وهذا لا يعني حضا على الكف عن تلك الفعاليات ، ولكن بالقدر الذي نعطي قدسية ما ، واحتراما للفعاليات الأسبوعية والتي من شانها مناصرة الأسرى, والاحتجاج على السياسات الاحتلالية, ، أو ضد سياسات احتلالية أخرى ، نرى فعلها واجب ، وهام في سياق الحراك الحزبي,للضغط الاعلامي على المحتل, فهناك واجبات أخرى ، تحتم أن ينظم ضدها أو معها فعاليات ، نصرة للدور المجتمعي ، الذي يحتم على الفصائل لعب دور أساسي فيه .
فهل تكدس أبناءنا ، خريجي الجامعات ، في المنازل والشوارع ، وهم يبحثون عن فرصة عمل ، لا يستحق
فعاليات منظمة تطالب وترغم الجهات المعنية بالبحث عن حل لمشاكلهم الحياتية ؟!..
وإذا علمنا أن الخريجين العاطلين عن العمل ، في الضفة الغربية وقطاع غزة ، قد بلغ عددهم ما يقارب 222 ألف ، وان السلطة الفلسطينية حتى الان، لم تنجح في وضع برامج ناجعة ، تفضي للكيفية والآلية التي
تحد من ذلك ، بينما هذه الشريحة من المجتمع، ما تزال تعاني البطالة الخانقة فمنهم من يقبل بعمل مؤقت ، ومنهم من لا يجد أي شيء ، ومنهم من يفكر بمغادرة الوطن ، إلى أوطان أخرى ، بحثا عن ذاته وحياته ، فهل هذا يتساوق مع أجندة القوى السياسية ، التي تريد استكمال النضال الوطني وانجاز التحرر ؟!.
وهل غلاء الخبز وانقطاع التيار الكهربائي ، بشكل غير طبيعي ، والذي أصاب الناس هنا ، بمصائب مختلفة ،
ألا يستوجب ذلك فعاليات مجتمعية وفصائلية ترغم السلطة ، أيا كانت ، في البحث عن مخارج وحلول لهذه الأزمات
بما يليق بشعب صامد وصابر ، فوق الأرض الفلسطينية .. ؟
أن ذلك بلا شك يحيلنا إلى الدور المناط ، بأي فصيل أو حزب في المجتمع ، والذي أعتقد أن حزبا ما ، ايا
كانت توجهاته ، لا يستطيع خدمة المجتمع الذي يعمل من خلاله ، ومن اجله ، لابد أن يعيد النظر ، بأدواته ووسائله ، ومبررات وجودة .. وهذا ما لم تفعله فصائلنا ، منذ عقدين تقريبا ،وهذا ما يحيلنا الى امرين لا اعتقد بثالث لهما:
اولا:اتكاء هذه القوى على الفعل السياسي”الشعاراتي” وحسب,وبما يخدم وجودها المعنوي,الذي اصبح لا يخدم سوى بعض القيادات والتشكيلات الحزبية المتكلسة,التي لم تعي المتغير الجديد,في خضم العملية النضالية,وبالتالي فقدت قدرتها على التأثير وسط الجماهير.
ثانيا:ان هذه القوى لم تستطع الخروج من دورها القديم”المريح”واستنباط ادوات جديدة تتوائم مع طبيعة المرحلة الجديدة,وهذا يعني انها لم تقم بضخ دماء جديدة,الى مركز صناعة القرار فيها,وفي كلا الحالتين يتطلب منها الانتباه ومراجعة الامر,او ان احدا مايجب ان يقرع الجرس,ويقول لها:انتبهي:الطريق ليس من هنا, فهل تنتبه الى ذلك قبل فوات الأوان.