الناصرة / على الرغم من عدم التكافؤ في القوة العسكرية بين الشعب العربي الفلسطيني وبين دولة الاحتلال، إلا أن شعب الجبارين، كما أطلق عليه الرئيس الفلسطيني الشهيد، ياسر عرفات، لا ينفك عن ابتكار الطرق والوسائل لمقارعة الاحتلال بسلمية تجعل حتى وزير الأمن الإسرائيلي، إيهود باراك يُلوح بالتوجه إلى الشرطة الإسرائيلية بسبب الورطة التي قام الفلسطينيون بإدخاله إليها.
والحديث يدور عن إعلان باراك نيته هدم قرية سوسيا لأغراض عسكرية، أهالي القرية ومناصريهم من القرى والمدن الفلسطينية استجابوا للنداء الذي وجهته حركة سوسيا S.O.S وباشروا بتوجيه رسائل إلى ديوان وزير الأمن باراك عبر جهاز الفاكس، حيث تتم عملية الإرسال مباشرة عن طريق الإنترنت، وأيضًا في ما يُسمى الإدارة المدنية في الضفة الغربية المحتلة، التي تتلقى هي الأخرى الرسائل، قالت صحيفة ‘هآرتس’ العبرية أمس اتصلوا بالشركة المسؤولة عن عملية إرسال الفاكسات، وطلبوا منهم التوقف عن حملة توجيه الرسائل، مدعين أنها باتت تُشكل مصدر إزعاج كبير للإدارة المدنية، وقالت الصحيفة أيضًا إنه منذ إطلاق المبادرة تم إرسال أكثر من عشرة آلاف فاكس إلى كل من ديوان باراك والإدارة المدنية، ومنسق شؤون الاحتلال في الضفة الغربية من قبل الحكومة الإسرائيلية، وإلى المسؤول عن توجهات الجمهور في ما يُطلق عليه الإدارة المدنية، كمن تم توجيه هذا الكم من الرسائل بواسطة الفاكس أيضًا إلى ديوان قائد ما يُسمى بالمنطقة الوسطى في جيش الاحتلال وإلى ديوان المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، وبسبب الكم الهائل من الرسائل فقد قُطع الاتصال في ديوان قائد المنطقة الوسطى وفي مكتب شكاوى الجمهور.
ولفتت الصحيفة إلى أن ثلاثة مسؤولين من وزارة الأمن الإسرائيلية اتصلوا مع الشركة وطلبوا منها الكف عن توجيه الرسائل لأنها باتت مصدر إزعاج كبير، وأكدوا للشركة على أن الرسائل تؤدي إلى تعطيل الفاكس في ديوان باراك، وقالت الصحيفة أيضا إن ممثلي وزارة الأمن هددوا العامين في الشركة الفلسطينية بالتوجه إلى الشرطة الإسرائيلية لوقف الحملة.
يشار إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تهدد فيها قرية سوسيا، فالقرية قد هدمت وهجر سكانها مرتين قبل ذلك، والآن يعيش أهالي القرية والبالغ عددهم ما يقارب 400 فرد هواجس الترحيل مرة أخرى. ويعيش أهالي قرية سوسيا جنوبي مدينة الخليل في الضفة الغربية هواجس الخوف والترقب بعد إخطار السلطات الإسرائيلية أهالي القرية بقرارها هدم جميع بيوت القرية والبالغ عددها 58 بيتا، بالإضافة إلى عيادة صحية، ومركز اجتماعي، ومنشآت لتوليد الطاقة الشمسية.
واتخذت السلطات الإسرائيلية هذا القرار بحجة أمنية لحماية أمن مستوطنة إسرائيلية مقامة على أراضي القرية رغم أن أهالي قرية سوسيا يعيشون في هذه المنطقة قبل إقامة المستوطنة بسنوات طويلة. في سياق ذي صلة، أبلغت النيابة العامة الإسرائيلية المحكمة العليا، بأن وزير الأمن باراك قرر هدم ثماني قرى فلسطينية في جنوب جبال الخليل، بزعم أن أراضي القرى حيوية لتدريبات الجيش.
وأشارت صحيفة ‘هآرتس’ إلى أنه من المفترض أن يتم نقل سكان القرى المهددة بالهدم إلى يطا والبلدات المحيطة، حيث تزعم الدولة استنادا إلى معلومات مصدرها ثلاثة عملاء مجهولين للاحتلال أنه يوجد لغالبية سكان القرى مساكن دائمة في هذه البلدات.
وأضافت الصحيفة أن الاحتلال سوف يسمح لسكان القرى الفلسطينيين بفلاحة أراضيهم ورعاية مواشيهم في الفترات التي لا يجري فيها الجيش أية تدريبات في المنطقة. وبينما أشارت الصحيفة إلى أن 4 قرى يسكنها نحو 300 نسمة تقع في شمال منطقة التدريبات سوف تظل قائمة بالرغم من أنها تسبب تقليص مساحة التدريبات وتمنع استخدام الذخيرة الحية، أشارت أيضا إلى أنه سيتم تهجير نحو 1500 آخرين من ثماني قرى. ورغم أن هذه القرى قائمة قبل الاحتلال عام 1967، وقبل قيام إسرائيل عام النكبة، وهي قائمة منذ سنوات الثلاثينات من القرن التاسع عشر، على الأقل، إلا أن جيش الاحتلال وما يسمى بالإدارة المدنية يعتبران سكان هذه القرى كـغزاة لمنطقة إطلاق النار 918. أما القرى التي تقرر هدمها فهي: مجاز وتبان وسفاي وفخيت وحلاوة والمركز وجينبة وحروبة.
في حين أن القرى الأربع المتبقية هي طوبا ومفقرة وسارورة ومغاير العبد. يذكر أن جيش الاحتلال كان قد أصدر في نهاية سنوات التسعينيات من القرن الماضي أوامر بإخلاء 12 قرية، إلا ان الأوامر تم تجميدها من قبل المحكمة العليا، وذلك في أعقاب التماسات تقدم بها 200 من عائلة عن طريق المحامي شلومو لكر وجمعية حقوق المواطن.
القدس العربي .