بيروت/ أسفل عمود إضاءة في الشارع يحتمي طفل بغطاء خفيف لا يغطي قدميه مما يجعلهما عرضة لبرد ديسمبر القارس وهم نائم على جانب رصيف في حي راق بدمشق.
ويقول ناشط المعارضة الذي وضع على الانترنت صورة الطفل – الذي يبدو بالكاد في سن المراهقة – انه من مخيم اليرموك القريب من وسط المدينة والذي اصبح احدث ساحة معارك بالنسبة للمعارضة وهدفا لمدفعية الرئيس بشار الاسد.
وتستضيف سوريا زهاء 500 ألف لاجيء فلسطيني يعيش معظمهم في اليرموك وهم أبناء وأحفاد اللاجئين الذين استقبلتهم سورية عقب قيام إسرائيل عام 1948. ويسكن اغلبهم في المخيم المكتظ بالمباني السكنية.
وبينما استولت قوات المعارضة على المنطقة في وقت متأخر مساء الاثنين ردت القوات الحكومية سريعا بقصف مدفعي مكثف. وقال السكان الفارون انهم فروا في غالبيتهم على الاقدام بعدما دمرت منازلهم جراء القصف.
واستقل عدة الاف سيارات اجرة وحافلات الى الحدود اللبنانية على بعد50 كيلومترا. وكان لاخرين اصدقاء واسر قدمت الدعم لهم. لكن بعد 21 شهرا من الصراع اصبح الكثيرون بلا مال ولا يملكون أي خيار آخر.
ويتحدث سكان دمشق عن وجود مئات الاسر في الشوارع الواسعة بمنطقة وسط دمشق الراقية وهم ينظرون في ذهول بينما يجلسون في الحدائق وعلى الارصفة.
وابلغت امرأة تعيش هناك رويترز ان الفلسطينيين في حالة من الذهول بشأن مصيرهم وقالت ‘كنت احاول ركوب سيارة اجرة عندما شاهدت مسنا في حالة ذهول على الرصيف’ز ورفضت المرأة نشر اسمها خوفا من انتقام المسؤولين.
وكان الرجل الذي يرتدي سترة زرقاء يحاول تغطية جسمه بأوراق صحيفة للاحتماء من البرد. وقالت المرأة ‘لم يتمكن من تغطية قدميه لانه لم يكن لديه أوراق صحف كافية. وضع يداه حول رأسه التماسا للدفء‘.
وقالت ساكنة اخرى ان النازحين اقاموا تجمعات فلسطينية حول احياء ومناطق وسط المدينة الواقع تحت سيطرة حكومية شديدة والذي لا تتعرض للقصف خلافا للضواحي الواقعة على اطراف العاصمة المخترقة من جانب قوات المعارضة.
واضافت ‘هذه حديقة في الجهة المقابلة تماما لفندق فور سيزونز اصبحت مأوى للعديد من الاسر‘.
وتابعة قائلة ‘كنت امر من هنا وسألني طفل في العاشرة او الحادية عشرة عما اذا كان هناك اي عمل يمكن ان يقوم به‘.
واخذها الصبي الى الحديقة الصغيرة حيث كان شقيقة البالغ من العمر 18 شهرا ينام تحت شجرة في صندوق من الورق المقوى.
وقالت ‘ما حدث في اليرموك كان مفاجئا لدرجة ان المواطنين اتخذوا قرار الفرار في جزء من الثانية.
‘لم يأخذوا شيئا معهم.’
وتعرقل الحكومة السورية بشدة عمل وسائل الاعلام المستقلة مما يجعل من الصعب التحقق من التقارير.
ويصور الاسد ووالده من قبله على مدى 40 عاما سوريا على انها المدافعة عن القضية الفلسطينية. لكن خلال الحملة والحرب التي قتل فيهما 40 الف شخص فقد الاسد اغلب حلفائه الفلسطينيين.
وانتقلت قيادة حركة حماس التي تتوافق دينيا وسياسيا بصورة اكبر مع المعارضة من دمشق الى قطر الخصم الشديد للاسد.
وفر بالفعل نحو 2.5 مليون شخص من منازلهم في سوريا ويبدو انه لم يعد لدى الحكومة اماكن ايواء او ان احدث زيادة مفاجئة في اعداد الفارين فاقت القدرة الاستيعابية للملاجئ.
وقالت ليزا جيليام المسؤولة بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) ان 100 الف منهم ينتقلون من مكان لاخر. واضافت ان عمال الاغاثة يقدمون الطعام والمأوى ‘لكننا لا نعرف اين يوجد الجزء الاكبر من ذلك العدد‘.
وتقيد سوريا وصول جماعات الاغاثة الدولية وتعتمد الامم المتحدة على الهلال الاحمر العربي السوري في توزيع معوناتها. لكن الكثير من النازحين يعتبرون عمال الاغاثة المحليين موالين لحكومة الاسد.
ويتهم بعض السكان المحليين فريق الهلال الاحمر السوري بالعمل كمخبرين وبتقليص المساعدات التي يقدمونها لسكان المناطق التي تسيطر عليها المعارضة مثل اليرموك مما يساعد بشكل اساسي الجيش على فرض عقاب جماعي. وينحي آخرون باللائمة على المعارضة في تقييد تحركات الهلال الاحمر السوري قائلين ان المقاتلين يهاجمون قوافله احيانا.
ومع اقتحام قوات المعارضة لمناطق اكثر حول العاصمة اصبح وسط دمشق من اكثر الملاذات امنا في المدينة.
وجاء في تعليق على صورة الصبي النائم في الشارع انها التقطت في حي ابو رمانة الراقي. وتوجد بالقرب منه ساحة الامويين وهي في دمشق مثل ميدان الطرف الاغر في لندن وساحة تايمز سكوير في نيويورك.
وينام هذا الصبي مع الاف آخرين مثله في العراء بالمدينة حيث تهوي درجات الحرارة اثناء الليل لتقترب من درجة التجمد في الشتاء. وكان الجو صحوا اليوم لكن الامطار في طريقها للهطول.
رويترز