الايام -خليل الشيخ:توقف عدد كبير من الأطفال والفتية الذين حملوا جالونات وأوعية بلاستيكية وانتظروا لملئها بمساعدة شخص بالغ، في مخيم التل للنازحين الواقع بالقرب من مواصي القرارة عند شاطئ البحر.
وقد قرر النازح محمود طه الكفارنة (45 عاماً) توسيع الحفرة التي يستخدمها للحصول على المياه، لكي يفي باحتياجات المئات من الأسر النازحة.
وانشغل الكفارنة برفقة مجموعة من الشبان في إنشاء حفرة دائرية الشكل قد تتسع لشخصين أو أكثر؛ من أجل سحب المياه عبر وعاء بلاستيكي وملء أوعية باقي النازحين لاستخدام هذه المياه في الاستحمام والتنظيف، وهي مياه شديدة الملوحة وغير صالحة للشرب.
وفرح هؤلاء الأطفال وهم يملؤون أوعيتهم واحداً تلو الآخر ويذهبون بها إلى خيام أسرهم، ثم يعودون دون أن يعانوا تعب السير والحمل الثقيل من مسافة بعيدة.
قال الكفارنة لـ”الأيام”: قمت بحفر حفرة بعمق متر ونصف المتر أو أكثر بقليل، ووجدت مياهاً تحت الأرض، ونظراً لاحتياجات الناس المتزايدة قررت توسيع الحفرة وتمكين نازحين آخرين من الحصول على جزء من هذه المياه.
وعن سبب وجود هذه المياه، التي يُعتقد أنها من المياه الجوفية، عند عمق قليل لا يتعدى مترين أوضح أن مكان نزوحه في مستوى أكثر انخفاضاً من مستوى مياه البحر، ما ساعده في الوصول لهذه المياه.
وينزح الكفارنة وأسرته ونحو ألفي أسرة في موقع التل، الذي كانت “حماس” تستخدمه للتدريب العسكري جنوب غربي دير البلح، ويقع في منطقة منخفضة عن سطح البحر وأرضيته رملية وسهلة الحفر.
وبقيت المنطقة فارغة دون نازحين طيلة النصف الأول من العام الماضي، حتى بدأت قوات الاحتلال بإجبار المواطنين على النزوح من رفح باتجاه مواصي خان يونس ودير البلح والقرارة.
لم ينكر الكفارنة ومواطن آخر من عائلة الرشيدي النازحة في موقع “التل” جهود بعض المؤسسات التي حاولت توفير المياه للكمّ الكبير من الأسر النازحة، منذ ذلك الحين، وأكدا أن البداية كانت موفقة لكن مع مرور الوقت شحت هذه المياه ولم تعد تصل بالكمية الكافية وتدريجياً انقطعت عنهم.
“لا بديل عن تلك الطريقة التي تمكننا من الحصول على مياه الاستحمام والتنظيف وإن كانت شديدة الملوحة”، هكذا وصف المواطن الرشيدي في الخمسين من عمره واقع الحال المتعلق بخدمات المياه في هذا المخيم.
وقال: من غير المعقول أن يسير الناس لمسافات تتراوح بين كيلومترين وثلاثة وأحياناً أربعة، للحصول على بضعة لترات من مياه مالحة، مشيراً إلى أن السير وسط الخيام وتحت حرارة الشمس أمر متعب وقاسٍ، خصوصاً أن المكلفين بجلب المياه غالباً من الأطفال.
وعبر الطفل أحمد شبات (14 عاماً) عن ارتياحه وهو ينقل المياه لأسرته من مسافة قريبة لا تتعدى عشرات الأمتار فقط ويعود للحصول على كمية إضافية، مشيراً إلى أن ذلك خفف عنه عناء وتعب كبيرَين.
ويحاول أفراد آخرون من تجمعات النازحين في ذات المنطقة، المقدرة مساحتها بأكثر من 500 دونم، توسيع الحفر والحصول على المياه حيث ساد تعميم على هؤلاء النازحين بإمكانية تكرار التجربة الموفرة للوقت والجهد.
يشار إلى أن هذا المخيم ملاصق لمحطة التحلية في دير البلح والتي تشهد يومياً ازدحاماً شديداً فقط للحصول على مياه شرب، فيما يقوم مواطنون بملء براميل كبيرة الحجم بهذه المياه بشكل مجاني، وبيعها للنازحين مقابل شيكلين لكل عشرة لترات.