رام الله/ صمت حماس ازاء الاتهامات الاسرائيلية لها بالضلوع في عملية خطف المستوطنين الثلاثة، وعمليات القتل والاجتياح والبطش واعادة الاحتلال، التي تمارسها اسرائيل باسمها؛ هذا الصمت ليس ذهبيا، ولا حتى فضيا؛ ذلك انه عندما تقوم حماس او اي فصيل وطني باية عملية، فانه لا يقوم بها بدون اهداف – اتفقنا معها او اختلفنا – كما عودتنا من قبل وهذه الاهداف ينبغي ان تكون محددة ومعلنة، وقابلة للتحقيق.
قد يسود الصمت يوما او بعض يوم، للاغراض الامنية، واللوجستية، واعادة التموضع بعد ذلك فان الواجب الوطني يملي على الجهة التي قامت بالعملية ان تعلن مسؤوليتها او تنفي هذه المسؤولية عنها، لا سيما وان الشعب الفلسطيني برمته، من هم داخل الاسر او خارجه، يسددون من نزف جراحهم، ووجع معاناتهم، فاتورة باهظة مرشحة للارتفاع في الايام القادمة لحساب عملية لم يتبنها احد، ولم ينف مسؤوليته عنها احد، بينما وجهت اسرائيل ولا تزال اتهاماتها لحماس منذ الدقائق الاولى لهذه العملية التي تتوارى في خيوطها العنكبوتية قطبة مخفية تطرح اسئلة اكثر مما تقدم اجوبة ازاء الاهداف والاجندات والجهات التي تقف خلفها.
اتفقنا ام اختلفنا مع حماس او اي فصيل وطني قام بالعملية، فان المسؤولية الوطنية توجب عليه ان يعلن عن اهدافها واغراضها؛ حتى يدفع المواطنون ما يدفعونه من اكلاف بطيب او بغير طيب خاطر، ويعلموا ان فصيلا وطنيا اجتهد وقام بما قام به لغرض الافراج عن اسرى وانقاذ المضربين عن الطعام، لاجبار اسرائيل وتحت ضغط الاختطاف على الاستجابة لاوجاع الاسرى المضربين، وتخفيف معاناتهم والافراج عنهم، اما ان لا يكون اي من هذه الاهداف معلنا من وراء عملية الاختطاف، فانه يصبح مشروعا استدعاء نظرية المؤامرة والاعيب المخابرات القذرة، للبحث عن ذرائع تطلق يد اسرائيل للبطش بالاسرى داخل السجون وسحب امتيازاتهم التي حصلوا عليها بالنضال واعادة اعتقال من خرجوا في صفقة كلفت الشعب الفلسطيني اكثر من ثلاثة الاف شهيد، في عملية صب فيها الرصاص فوق رؤوس الفلسطينيين صبا، لتأتي هذه العملية الغامضة اخيرا لتشكل ذريعة لاعادة اعتقال هؤلاء الاسرى والزج بمئات اخرين في السجون الاسرائيلية، وتدمير المؤسسات الوطنية، بما فيها مؤسسات حماس، دون ان نسمع في اليوم العاشر عن هدف العملية ومن الذي قام بها باسمنا او بغير اسمنا.
ليس مسموحا ولا مقبولا بعد اليوم العاشر للاختطاف المريب ان تظل الجهة التي قامت به لائذة بالصمت المريب، دون ان تخبرنا عن الهدف، بينما الوطن ممدد تحت جنازير الدبابات، وقصف الطائرات، وتتواصل مواكب الشهداء صباح مساء، في عملية انتقام تنبئ الشواهد المرئية لها على الارض بان القضية ليست رمانة، وان ما يجري كان فقط ينتظر طلقة البداية ما يضع الشكوك ازاء من اطلق هذه الطلقة، مهما تلفع باردية النضال والوطنية، فحتى يكون الشعب شريكا في الغرم عليه ان يعرف من قام باسمه بهذه العملية، المريبة المواعيد والمواقيت والاجندات والاهداف .. فهل كان علينا ان نتبنى قتل رابين بينما القاتل عامير ؟؟!
واذا كان مقبولا ابقاء الغموض عن العملية في ايامها الاولى بحجة عدم البطش بالفصيل الذي قام بها، فان ما يجري خلال الأيام التسعة الماضية يجعل من نمط التفكير هذا مثيرا للشفقة.
واذا كانت حماس بالفعل لم تقم بهذه العملية ولاعلاقة لها من قريب او بعيد بها – رغم الاتهامات الاسرائيلية الموجهة لها والاكلاف التي تدفعها هي ومعها الشعب الفلسطيني كله باسمها – فعليها ان تخرج عن صمتها وتعلن عدم مسؤوليتها عنها؛ لـ[ سمعة المحل]، وجودة البضاعة، وحتى لا يكون المنتج الذي يباع بالاسواق باسمها صينيا، يحمل ماركة وطنية .. اليس كذلك؟!
القدس دوت كوم