القدس المحتلة/كشفت صحيفة “هآرتس” الاسرائيلية امس، عن وثائق عسكرية داخلية تبين سلسلة من التزييفات وعدم الدقة في رسالة رسمية من النيابة العامة العسكرية كتبت بهدف تبرير اغلاق حاجز أمام حركة الفلسطينيين.
ويدور الحديث عن حاجز الارتباط والتنسيق (DCO) والذي يسمى “حاجز الـ VIP” المقام في الشمال الشرقي لرام الله، قرب مكاتب ما يسمى “الادارة المدنية” في مستوطنة بيت إيل. ويفصل الحاجز بين رام الله والقرى في شمالها، مثل دير بوان، بيتين وسلواد. ويكون الحاجز في معظم الوقت مغلقا أمام حركة الفلسطينيين باستثناء نحو الف من حاملي بطاقات الـ” VIP”.
وأوضحت الصحيفة ان مؤسسة “هموكيد” لحماية الفرد ووجهاء القرى توجهوا من خلال المحاميين يدين عيلام ونيتسان ألون في نيسان الماضي، بطلب لفتح الحاجز. حيث ان اغلاق الحاجز يلحق ضررا بعشرات ملايين الشواقل بالاقتصاد الفلسطيني، بسبب الالتفاف الكبير المطلوب الذي يقطعه السائقون للوصول الى رام الله والخروج منها. أما مستوطنو بيت ايئيل فيعارضون فتح الحاجز خوفا من ان يحدث الأمر أزمة سير كبيرة على طريق الوصول الوحيد الى المستوطنة.
وفي ايلول الماضي وصلت رسالة رد من النيابة العامة العسكرية، بتوقيع الرقيبة تمار بوكية، ضابطة الاستشارة في مجال حقوق الانسان باسم المستشار القانوني لمنطقة الضفة الغربية العقيد دورون بن باراك. وردت بوكية الادعاءات وكتبت بأن الضرر للفلسطينيين “طفيف”. ومع ذلك، فان الاطلاع على الوثائق التي جمعتها لغرض تقديم الرد، ووصلت الى “هآرتس” تبين فجوات كبيرة بين مضمون المعلومات الخامة التي جمعت وبين عرضها في الرسالة الرسمية.
وكتبت بوكية في بداية حديثها، بأن “مقطع الطريق شق على أرض تم الاستيلاء عليها لأغراض عسكرية عام 1995، كجزء من اعادة انتشار الجيش الاسرائيلي خارج المدن الفلسطينية في اعقاب الاتفاق المرحلي (اتفاقات اوسلو). الغاية التي من أجلها شق الطريق، كتبت، هي السماح لقوات الامن المتواجدة على طوله بالتحرك باتجاه طريق 60“.
ولكن في 2004، عندما بحث مجلس التخطيط الأعلى في المناطق توسيع الطريق كان موقف المستشار القانوني العسكري مختلفا. والفلسطينيون الذين عارضوا التوسيع ادعوا أمام اللجنة بأن الطريق يستهدف الاستخدام العسكري فقط، وفي اجيش الاحتلال لم يأخذوا بالحسبان مصلحة السكان المحليين. ورد مندوب المستشار القانوني في المجلس في حينه الرائد تيمور باسو، بشدة الادعاء. “خط الطريق الذي تقرر يستند الى تخطيط من العام 1994، لغير الاغراض العسكرية. الخط موضع الحديث يشكل مواصلات هامة بين رام الله وطريق 60”. وبكلمات اخرى، أكد مندوب المستشار القانوني العسكري بان الطريق يستهدف خدمة الفلسطينيين والمجلس صادق في النهاية على توسيع الطريق.
وفي السياق ادعت بوكية بأنه “من ناحية المواصلات، فان الطريق الذي يربط بين طريق 60 وشمالي البيرة ليس مناسبا، صحيح حتى هذا الوقت، لاستخدام حركة سير بحجوم كبيرة”. ولكن موقف الجهات المهنية كان مختلفا تماما. وتوجهت بوكية الى ضابط الاركان لشؤون المواصلات في “الادارة المدنية”، اسرائيل أفريات، مندوب الشركة الوطنية للبنى التحتية للمواصلات والذي هو المرجعية المهنية في مواضيع الطرق. وسألت بوكية: “هل يوجد مانع، من جانب مواصلاتي، السماح بفتح الحاجز لمرور الفلسطينيين الحر؟ واذا كان كذلك نطلب ان تفصل المبررات لذلك”. واجابها افريات باختصار: “لا يوجد مانع مواصلاتي بفتح الحاجز“.
مبرر آخر هو المبرر الأمني. في رسالة الرد كتبت بوكية بأن “فتح الحاجز سيلحق خطرا أمنيا هاما بالمسافرين، مع الانتباه الى أزمة السير الكبيرة المتوقع نشوئها فيه والوضع الأمني في المنطقة. وتستند هذه الجملة الى فتوى قائد لواء بنيامين العقيد يوسي بنتو. ولكن هنا ايضا يخيل أنهم في النيابة العامة اختاروا تفسيرا موسعا على نحو خاص: فقد كتب بنتو بان فتح الحاجز سيؤدي الى خطر أمني غير معقول، ينبع من احتكاك اسرائيلي ? فلسطيني ويعرض للخطر سيارات تقف في أطراف قرية بيتين، منذ اليوم يشكل تهديدا برشق الحجارة”. وخلافا لادعاء المستشار القانوني، لم يتحدث بنتو الا عن خطر “ليس معقولا“.
ويوم الخميس الماضي رفعت مؤسسة “هموكيد” التماسا الى المحكمة العليا الاسرائيلية مطالبة بفتح الطريق. وقال المحامي عيلام لـ “هآرتس” :”من الخطير ان يسمح المستشار القانوني للقائد العسكري بأن يقدم معلومات ليست دقيقة على أقل تقدير، ويبرر بذلك استمرار المس بـ 100 ألف فلسطيني لا يسمح لهم بالمرور عبر الحاجز“.
وجاء من جيش الاحتلال التعقيب التالي: “موقف الجيش الاسرائيلي، الذي يرفض فتح الحاجز في هذا الوقت، يستند الى فتوى الجهات الامنية التي تشكل الاعتبار المركزي في الموضوع وتجري مراجعته بين الحين والآخر وفقا لتقويم الوضع“.
|