بقلم: تامير باردو*/ حتى هذه اللحظة، تطالب حكومة إسرائيل بـ”منطقة آمنة” حتى نهر الليطاني كأمر واقع، لأن أمان السكان مشروط بعدم وجود “حزب الله” جنوب النهر. لا يوجد خطأ أكبر من هذا.
منذ الآن، يشير “حزب الله” إلى صورة الحرب المقبلة. فمنذ بداية المناورة البرية نقل الحزب الحرب إلى منطقة “العمق القريب”؛ من نهاريا حتى منطقة حيفا.
إن إطلاق النار الكثيف، باستعمال أدوات مختلفة، حوّل هذه المنطقة إلى منطقة حرب. علينا القول إن اختيار هذا الحل يمنح الأمان الجزئي فقط من الاجتياح البري على خط التماس عدة كيلومترات من الحدود، ويمكن أن يحوّل ثلث الدولة إلى منطقة حرب.
كان التعامل مع تهديد “حزب الله”، قبل حرب 7 تشرين الأول، على أنه تهديد بالنيران.
ومنح الجيش والحكومة المواطنين الشعور بأنه لا يستطيع نقل المعركة إلى أراضينا من دون أنفاق تخترق الحدود. لقد ركز السياسيون والمهنيون على التحذير من الدمار الكبير للبنى الاستراتيجية في المناطق كافة. وأوضح السابع من تشرين الأول الخطر الكامن في الاجتياح البري، واحتلال النقب الغربي على مدار يوم كامل حوّل هذا الخطر، وبحق، إلى كابوس، ومن المفهوم، ضمناً، أن إبعاد قوة الرضوان عن الحدود الشمالية هو شرط لكل اتفاق مستقبلي.
بشكل غير مفهوم، تحوّل نهر الليطاني إلى الحدود الأمنية. كان هذا صحيحاً قبل أكثر من عقد، عندما كانت قدرات الحزب النارية أقل من الحالية، ومن دون قدرات مناورة.
وكي لا يتم تضليلنا، هذه الكيلومترات المعدودة ليست منطقة أمان، وليست الحد الأدنى من ذلك، بالنسبة إلى سكان الشمال، ليس على صعيد القدرة على إطلاق النار، ولا المناورة البرية السريعة.
وأكثر من ذلك، إن إطلاق النار على “العمق القريب” حتى حيفا، حوّل هذه المنطقة برمتها إلى منطقة حرب شرعية. إن لم نغيّر رؤيتنا بشأن الترتيبات المطلوبة جذرياً فسنجد أننا نستبدل كريات شمونة وحانيتا وصفد بـ”كفار مسريك” و”كريات بياليك”.
فرنسا والولايات المتحدة مستعدتان اليوم للدفع إلى إنهاء الحرب بثمن ممنوع أن ترضى به إسرائيل.
حكومة إسرائيل، ولأسباب غير مبررة، مستعدة للتنازل في مجال استمرار عمليات “حزب الله” المستقلة في لبنان، إذ توافق فعلياً على استقلالية عمل إيران من داخل لبنان.
على إسرائيل أن توضح للبنان أنه دولة واحدة مع جيش واحد. ولن يكون لأيّ قرار في مجلس الأمن أهمية، إذا سمح المجتمع الدولي لـ “حزب الله” بالاستمرار في مراكمة قوته. فالبديل الوحيد لعدم الاتفاق على دولة واحدة وعلَم واحد وجيش واحد هو انتشار قوات عسكرية مسؤولة، لديها صلاحيات في المناطق اللبنانية كافة، وضمنها المعابر الحدودية. إن نشر قوات عسكرية من فرنسا والولايات المتحدة الأميركية، ومن دول إضافية غربية، تُعطى صلاحيات السيطرة على المعابر الحدودية البرية والبحرية والجوية، واقتحام أيّ موقع مشتبه فيه وإحباطه هو الأمر الوحيد الذي يمكن أن يسمح بتحقيق الأمان. وهذا كله بديل لمسؤولية حكومة لبنان على أراضيها.
على حكومة إسرائيل إزالة تهديد “حزب الله” كجهة مستقلة في لبنان، كشرط لإنهاء الحرب في الشمال.
وسيشكل القضاء على استقلالية “حزب الله” في لبنان ضربة حرجة للاستراتيجية الإيرانية، ويجب أن يتم التعامل معه كمصلحة عليا لدولة إسرائيل والدول المعتدلة، وأيضاً الدول الغربية.
وعلى اعتبار أنه جرى تحقيق هدفين من أصل 3 أهداف في القطاع – تفكيك الأطر العسكرية التابعة لـ”حماس” وسلطتها – آن الأوان للتركيز على الثالث، الذي كان يجب أن يكون الأول: إعادة المخطوفين.
إن تبنّي المبادرة الأميركية لإدارة القطاع من طرف قوي وآليات إقليمية ودولية، واستناداً إلى شرط رئيس الحكومة نتنياهو من شهر أيار (قبل أن يغيّره والادّعاء أنه من الضروري البقاء في محورَي فيلادلفيا ونيتساريم)، هو ما سيسمح بتركيز الجهد على إعادة المخطوفين.
لذلك، فإن وقف الحرب في الجنوب سيدعم مطالب إسرائيل في السياق اللبناني، ويرفع احتمالات تجنُّد القوى العظمى ودول المنطقة المعنية من أجل تنفيذ هذه المطالب.
عن “N12”
*شغل منصب رئيس “الموساد” في الأعوام 2011 – 2016.