غزة – “الأناضول”: للهروب من الموت جوعاً، اتخذت أسرة المواطن أبو عمر عودة قراراً بالنزوح في شهر رمضان من المناطق الشمالية لقطاع غزة، التي تعاني من مجاعة ناجمة عن شح الغذاء والمياه وسوء الوضع المعيشي، إلى المناطق الجنوبية.
ولم تكن خطوة الرحيل سهلة على الأسرة، حيث تركوا منزلهم وانتقلوا للعيش في خيمة بمدينة دير البلح، وسط قطاع غزة.
وتعرضت الأسرة خلال الأشهر الماضية للجوع والعطش، وتدهورت الأوضاع المعيشية في شمال القطاع، وتفشت الأمراض والأوبئة.
ويعاني السكان في مدينة غزة وشمال القطاع أوضاعاً إنسانية صعبة جراء الحصار واستمرار الحرب.
وعلى شارع “الرشيد” المحاذي لشاطئ البحر بمناطق وسط قطاع غزة، استقبل رب الأسرة، أبو عمر عودة (52 عاماً) أسرته ووالدته بحرارة كبيرة.
وحمل عودة معه كميات ضئيلة من الطعام تشمل الخبز الذي حرم منه أفراد أسرته منذ أشهر بفعل منع إسرائيل وصول المساعدات إلى مناطق شمال القطاع.
وبدموع حارة استقبلت الأسرة النازحة الطعام الذي يعتبر كنزاً ثميناً بعد مرور شهور طويلة على المجاعة الذي عاشوها.
وعلى جانب الطريق، سارع طفلان من العائلة للجلوس، لتناول طبق الأرز الذي أحضره والدهم لهم بشهية. وظهرت ملامح الجوع والشوق للطعام جلية على وجوه الأطفال، وباتت ملامح الفرحة تعلو وجوههم بعد أسابيع على القحط والجفاف.
وقالت المواطنة أم عمر (45 عاماً): “خرجنا من منزلنا في مدينة غزة ونحمل الراية البيضاء، متوجهين نحو الجنوب على أمل بأن نجد طعاماً لأطفالنا الذين يعانون من شدة الجوع”.
وأضافت: “نأمل أن نجد الطعام هنا في جنوب قطاع غزة، حيث يعاني الناس في الشمال من نقص الطعام والمياه وانتشار الأوبئة”.
من ناحية أخرى، قال أبو عمر، الذي كان أسيراً لدى جيش الاحتلال: “قضيت حوالى شهر ونصف الشهر في سجون الاحتلال بعد أن تم اعتقالي من شمال القطاع، وعندما تم الإفراج عني، وجدت نفسي في جنوب القطاع، ولم تحصل تهدئة أو نهاية للحرب فقررت جلب عائلتي إلى هنا بسبب الجوع”.
وأكد أن “الوضع في قطاع غزة صعب ومأساوي، وأنا الآن أعمل بجد لتوفير الغذاء لأطفالي وعائلتي الذين فقدوا وزنهم بشكل كبير”.
عائلة عودة ليست وحدها في قرار النزوح، فنسرين عبد المجيد وعائلتها المكونة من 5 أفراد قرروا أيضاً الانتقال إلى المناطق الجنوبية لقطاع غزة هرباً من الموت جوعاً.
وقالت نسرين: “قررنا النزوح للبحث عن الطعام في شهر رمضان، ففي مدينة غزة الأوضاع المعيشية صعبة، حيث لا يوجد طحين ولا طعام ولا حتى حليب أو سكر”.
وأضافت: “نجد أنفسنا من 3 إلى 4 أيام من دون طعام، لذلك اضطررنا للنزوح من المناطق الشمالية إلى الجنوبية بحثاً عن الطعام الذي فقدناه منذ شهور”.
وأشارت إلى أنها لم تتناول الخبز الأبيض منذ شهر، وكانت تتناول طعام الحيوانات بدلاً من ذلك، مبينة أن أطفالها يعانون من نقص في الوزن بسبب سوء التغذية وتقنين الطعام بسبب ندرته.
وأفادت وكالة الغوث “الأونروا”، بأن “الجوع في كل مكان بقطاع غزة”. وشددت الوكالة الأممية، في منشور على حسابها عبر منصة “إكس”، على أن “الوضع في شمال غزة مأساوي حيث تُمنع المساعدات البرية رغم النداءات المتكررة”.
وجراء الحرب والقيود الإسرائيلية، بات سكان غزة لا سيما محافظتَي غزة والشمال على شفا مجاعة، في ظل شح شديد بإمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود. وحل شهر رمضان هذا العام، بينما تواصل إسرائيل حربها المدمرة ضد قطاع غزة رغم مثولها أمام محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة، بتهمة ارتكاب جرائم “إبادة جماعية” بحق الفلسطينيين.
وإضافة إلى الخسائر البشرية تسببت الحرب الإسرائيلية بكارثة إنسانية غير مسبوقة وبدمار هائل في البنى التحتية والممتلكات، ونزوح نحو مليونَي مواطن من أصل حوالى 2.3 مليون في غزة، حسب بيانات فلسطينية وأممية.
المجاعة شمال غزة تجبر أُسراً على النزوح جنوباً
