المحذوف من هذا التفاوض…بقلم:خيري منصور

2014/08/24
Updated 2014/08/24 at 8:52 صباحًا

images

ما لم يتنبّه إليه معظم من يسردون قائمة بالدوافع التي تحرك نتنياهو لاصطناع العقبات التي تحول دون التوصل إلى أي اتفاق، هو أمر سايكولوجي قبل أن يكون سياسياً أو أيديولوجياً، وقد تشكل في الوعي واللاّوعي اليهودي معاً خلال العقود الستة الماضية، خلاصته: الشعور الدائم بالتفوق العسكري .

وقد تراكمت عدة استحقاقات لدى ساسة وجنرالات الدولة العبرية، وقد تكون عبارة واحدة أوردها شمعون بيريز في خطابه ذات يوم أمام الكونغرس الأمريكي عينة نموذجية مما يسمى إدمان الظّفر، فقد قال بيريز إن أي شبر تتنازل عنه دولته للفلسطينيين هو تفضّل من المنتصر ومن غنائمه، وشمل اتفاقية أوسلو بهذه العبارة التي صفق لها الكونغرس أو بمعنى أدق الكنيست الأمريكي ثلاث دقائق على الأقل .

عقدة المصاب بهذا الظفر العسكري لعدة حروب هي في تراكم الأوهام لديه بحيث لا يرى في الخصم إلا متسولاً عليه أن يختار بين القليل أو العدم .

وما لم تنكسر شوكة المصاب بهذه العقدة فلن يتخلى عن أوهامه على الإطلاق بل يغذيها بالمزيد من الخرافات .

ومجرد القبول بالحد الأدنى من حقوق الطرف الآخر هو تنازل يصعب استيعابه، وإغفال هذه المسألة يجعل كل المقاربات والتحليلات للتعنت لدى حكومات تل أبيب المتعاقبة ناقصة .

وهذا ما بدأ يتنبّه إليه مثقفون غربيون خصوصاً في الولايات المتحدة، فهم يرون في التطرف والافراط في استخدام القوة وتكرار العدوان بعداً سايكولوجياً محذوفاً من المعادلة السياسية، والأمريكيون بالتحديد قد يكونون أكثر حرية وأقل تحفظاً في فهم هذا التكوين النفسي لدى نتنياهو بالتحديد، خصوصاً من قرأ منهم كتابه “مكان تحت الشمس” .

وهذا التحليل السايكولوجي يحول دون توقّع أي نجاح للمفاوضات . وهناك تعبير بالغ الدقة أطلقه كاتب فرنسي ذات يوم على الدولة العبرية، واصفاً إياها بالبيضة، فهي إما أن تبقى سليمة أو تنكسر ويسيل محتواها، ولهذا فهي غير قابلة لتحمل جرح بليغ واحد بعكس العربي الذي يصدق عليه وصف المتنبي وهو وقع النصال على النصال، وبالتالي القدرة على احتمال جراح لا آخر لها .

وإذا كان الأفراد المصابون بأمراض وعقد نفسية يحتاجون إلى علاج فإن هناك جماعات وأحياناً دولاً تُصاب بهذه الأمراض وقد تكون سبباً لهلاكها في المدى غير المنظور .

وهناك ثلاث صفات تتشكل لدى من يتوهم بأنه طوى تحت إبطه أو في وزارة حربه بوليصة تأمين ضد الهزيمة، هي الصلف والتعنت والازدراء، وهذا ما تمارسه حكومة نتنياهو الآن، ولهذا أصبح عدد المناوئين لها في العالم كله يتزايد على مدار اللحظة .

القدس دوت كوم

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً