رام الله/ فيما لا يزال معظم الناس ينظرون إلى المدارس الخاصة على أنها مؤسسات تعليمية باذخة و سببا رئيسا لتفوق “أبناء الذوات”، يبدي طبيب الأسنان سمير عودة، كما الموظفة في إحدى المؤسسات الأهلية أشجان عجور – يبديان تذمرا حيال كلفة التعليم الباهظة لأولادهما في مدرستين خاصتين، فيما لا يلمسان – بحسب حديثين منفصلين مع “القدس دوت كوم” – فرقا واضحا في مستوى التعليم قياسا إلى المدارس الحكومية …
قال “عودة” الذي يدفع 10 آلاف دولار كأقساط سنوية مقابل تعلم أولاده الأربعة بمدارس خاصة في رام الله،، إضافة إلى 120 دولار سنويا بدل فارق لتغير العملة و 200 دولار بدل التدفئة و القرطاسية، أنه لم يلمس مردودا أكاديميا لافتا في مستوى التعلم الذي يتلقاه أولاده عن مستوى نظرائهم في المدارس الحكومية، فيما تشير “عجور” أنها و زوجها يدفعان مقابل تعلم ابنهما و بنتهما في مدرسة خاصة أكثر من 3 آلاف دولار، معتبرة إرسال الأبناء إلى المدارس الخاصة “نوع من الموضة”، إلى جانب أن التلاميذ يتلقون دروسهم في بيئة أكاديمية جيدة و يتعلمون لغة ثالثة كالفرنسية .
في اتجاه مغاير، قال مدير “مدارس المستقبل الخاصة” في رام الله شاهر الشنطي و نائبه مراد عباس أن طلبة المدرسة يتلقون حصصا تعليمية أكثر من تلك المقررة في المنهاج الفلسطيني، فضلا عن متابعتها للتعليم المساند للطلبة ممن يعانون الضعف في بعض المواد المدرسية، وذلك مقابل رسوم تسجيل بقيمة 200 دولار و أقساط ما بين 1200 و 2400 دولار – باختلاف الصفوف، مشيرين إلى أن نسبة نجاح طلبة الفرع الأدبي العام الماضي بلغت 95 في المئة، و100 في المئة في الفرع العلمي، كما تمنح مخصصا للصفوف الثانوية مرخصا من جامعة “كامبريج” البريطانية، وهو برنامج يتيح للطلبة دخول أي جامعة في العالم، فيما تشمل مرافق المدرسة ساحات كبيرة وملاعب ومختبرات ومسبح .
وأضاف “الشنطي” أن مدارس المستقبل شركة خاصة ولا تتلقى أي مساعدات كما هو الحال لدى المدارس التابعة لمؤسسات دينية؛ فالأقساط ورسوم التسجيل هي الدخل الوحيد للمدرسة، وهي محسوبة – كما قال – بحيث تغطي نفقات المدرسة، بما فيها رواتب الموظفين والتأمين الصحي والنشاطات التربوية .
وتشير المعطيات لدى وزارة التربية والتعليم التي لا تملك سلطة التدخل في تحديد قيمة الأقساط في 335 مدرسة خاصة بالضفة ( يدرس فيها نحو 81 ألف تلميذ، ويعمل فيها 5272 معلما و معلمة ) – تشير إلى أن أقساطها السنوية تتراوح ما بين 300 و 3500 دولار، في حين أن رواتب 90 في المئة من المعلمين و المعلمات فيها تقل عن 1450 شيكل، وهو الحد الأدنى للأجور الذي أقرته الحكومة وسيدخل حيز التنفيذ العام المقبل؛ ما يعني أن المدارس الخاصة ستكون أمام خيارين : إما رفع قيمة الأقساط، أو إغلاق أبوابها !
في الإطار، قال عمر عنبر مدير التعليم العام في وزارة التربية والتعليم “إن دور الوزارة في الرقابة على المدارس الخاصة ينحصر في الجوانب المهنية والفنية، بينها التأكد من شروط الترخيص والصحة والبيئة، والمبنى، ومؤهلات المعلمين و المعلمات والمدراء، فيما تنقسم المدارس الخاصة إلى نوعين : الأول هي مدارس تابعة لمؤسسات خيرية أو وطنية أو دينية، وهي مدارس تحصل على مساعدات من مؤسسات خيرية أو دينية وأيضا.. من وزارة التربية ( كأن يتم تزويد بعضها بمعلمين ومعلمات مفرغين على حساب السلطة ) أما النوع الثاني، فهي مدارس ربحية تابعة لأشخاص أو شركات، لافتا فيما يخص الأخيرة إلى أن أقساطها المرتفعة بسبب الطلب المتزايد عليها وأدائها الجيد.
إلى ذلك، أشار “عنبر” إلى أن قرار مجلس الوزارء بتحديد الحد الأدنى للأجور بـ 1450 شيكل، سيؤثر على العديد من المدارس الخاصة، وهو أمر ستضطر معه الكثير من المدارس إلى رفع الأقساط أو إقفال أبوابها، مقدرا في هذا المجال أن يتسبب إغلاق بعض المدارس في هجرة ما بين 20 و 25 ألف طالب و طالبة إلى المدارس الحكومية، وهو ما سيشكل عبئا ماليا إضافيا على السلطة .
القدس دوت كوم – عواد الجعفري.