اخيراً اعلن رئيس الوزراء الفلسطيني د.سلام فياض ان السلطة الوطنية ( دولة فلسطين ) مفلسة ! ، وكان قد سبق هذا التصريح الواضح ، اجابات للرئيس ابو مازن بأننا نجتاز صعوبة جدية مالياً ؟! والأمور اكثر وضوحاً فقد توقفت السلطة عدم صرف رواتب الموظفين منذ ثلاثة اشهر ، وفياض يقول ، اننا مدينون بأكثر من مليار ونصف دولار! ، والجميع اوضح ان اسرائيل تمتنع عن صرف جباية الضرائب الفلسطينية المستحقة ، وان الدول العربية لم تنفذ قرارات لجنة المتابعة والجامعة العربية ، بصرف مائة مليون دولار شهرياً ، شبكة امان مالي للسلطة ، وأميركا امتنعت عن صرف منحة معدة بقيمة 450 مليون بداعي مواقف الكونغرس ، والحقيقة كاملة لهذه التصرفات ان الشعب الفلسطيني شب عن الطوق ووصل الى الامم المتحدة واخذ اعترافا بدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران 67 ، وان المستوطنات غير شرعية ،وان الرباعية فشلت ، وأميركا ليست وصية على الفلسطينيين ، وان الامة العربية تقاد بعكس التيار !!!!
بالمعنى السياسي ، فان عملية منظمة تجري لعدم اقامة دولة فلسطينية ، وكان هذا احد اهداف ( اتفاقات اوسلو ) ، وقد سعى المفاوضون الاسرائيليون لإتمام تلك الاتفاقات ) ، كمحاولة بحثيةECF) تدعى( NGOS )كمحاولة بدأت اكاديمية ومن طرف مندوبين لأحد الجمعيات، للخروج من الازمة السياسية التي فرضتها الانتفاضة على اسرائيل ، وإيجاد بديل ، وإنهاء هذه الانتفاضة ، برؤية رومانسية سياسية ، وإذ قبلها الطرف الفلسطيني ، معتبراً ذلك مدخلاً على طريق الدولة ، دون اعتبار ان لإسرائيل مجتمع يضم احزاب دينية ويمينية وله رؤى استراتيجية، ربما تتسلم السلطة كما حصل مع (بغين )عام 1977، وأنها قد ترفض او لا تعترف بتلك الاتفاقات تماماً مثل ما فعل نتنياهو الذي اعلن معارضته في الكنسيت وشح موقفه بتوسع في كتابه المعروف ، ثم اصبح رئيس اسرائيل ، الى جانب ان الفلسطينيين لم ينتبهوا لإقامة قاعدة دولة ، بقدر ما اقاموا اطاراً للمحسوبية ، مما افقدها الاحترام المحلي والدولي ، ودون انتباه لبناء قاعدة اقتصادية لبناء دولة ،وهذا ما كانت تدركه اسرائيل التي بدأت منذ احتلالها عام 76 ، بعملية الحاق اقتصادي كامل للأراضي المحتلة ، وفقط جاءت اتفاقات باريس بهامش اتفاقات اوسلو لتنظم أمر ( المقاصة ) اي بدلات عائدات الضرائب على البضائع المشتراة من اسرائيل والتي تصل قيمتها الى حوالي 125 مليون دولار شهرياً ، وان الاراضي الفلسطينية اكبر سوق لإسرائيل وبالتالي فان فرصة اقامة دولة مستقلة قادرة على البناء والازدهار ، صعبة ان لم تكن مستحيلة ، وان الخيار امام الفلسطينيين هو الحكم( الاداري الذاتي ) الذي ورد في اتفاقات كامب ديفيد مع مصر ، وهو فلسفة الليكود للحل ، او الادارة المدنية وهي فلسفة حزب العمل للحل .
وعليه لم تتوقف اسرائيل عن بناء المستوطنات ، وتنامي لدى مجتمعها الفكر اليمني ، خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وقدوم اليهود بأكثر من ثلث السكان لإسرائيل اليوم ، وهم مجموعة بشرية ترفض الفكر التقدمي وتعاديه ، متأثرة بحياتها في الاتحاد السوفياتي ، حليف العرب والفلسطينين !! وكان ان توجه الفلسطينيون الى انتفاضة مسلحة ، كانت في فكر من شجعها انها قد تدفع الى معادلة سياسية جديدة ، افضل من انتفاضة الحجارة ، دون ادراك ان هذا الملعب هو المفضل لدى اسرائيل ، وانها الاقدر فيه ، مما ادى الى تراجع اقتصادي فلسطيني هائل ، ونزوح اعداد كبيرة من الكفاأت ، الى جانب الالاف من الشهداء والمعتقلين ،وادان العالم الارهاب الفلسطيني.
وكان ان وقع الانقسام بين الضفة وغزة ، واخذ طابع اسلامي ، لبيرالي ، وان حمل في ثناياه معاني كثيرة ، منها الفساد والرشوة والمحسوبية وغيرها ، الا ان المضامين اخذت بعداً سياسياً ، وهي ان الفلسطينين ليسوا مؤهلين للعملية الديمقراطية ، وان الاسلام السياسي وصل الى حد اقامة امارة على حدود اسرائيل ، ليس فقط مسلحة بل ولها علاقات ممتدة مع كافة الحركات الاسلامية التي تسجل لدى العالم ( بالارهابية ) ، فاستغلت ذلك اسرائيل ،امام مطالبة العالم لها بانهاء الاحتلال ، وللفلسطينين بالتفاوض ونبذ الارهاب ، ولا يعني الاعتراف بالدولة المراقب بالامم المتحدة تغيراً في هذا المفهوم ،في بلد يعتبر قاعدة متقدمة للاستعمار العالمي بقيادة اميركا،وايضا فهو داخلياً يتنامى في اسرائيل اليمين المتطرف والديني الى درجة الدعوة لفصل النساء عن الرجال في الباصات والعمل وغيره ،وهي الدولة التي تقول انها بلد ديمقراطي ليبرالي امام العلم ليتعاطف معها ، تبرز لديها حركات دينية سلفية فاشية ، وهي احزاب ترى في التخلي عن الضفة والقدس انتهاكاً للتوارة والدين والاصولية؟! .
ولعل وصول الازمة حدها الاعلى ، وحالة التفاضل في العالم العربي تحت مسميات الربيع والثورة وغيره ، ولكن مضمونها اخراج دول ( المواجهة ) من دائرة الصراع ، وابقاء الفلسطيني امام مغتصبي حقه، يتيماً عاريا حافي ، هو ما اعاد فكرة الكونفدرالية للتفاعل ، فالادرن ايضاً ليس افضل حالاً من الفلسطينين ، مع غياب مقومات الدولة الاقتصادية ، والطرفان يعيشان على الاعانات الخارجية ، ولعل دمجها معا متوقع حيث هو تغير على منطقة الشرق الاوسط ،قد يضيف لهم ما يعزز قدراتهم ، هو ما يمكن التفكير فيه من الناحية الاستراتيجية ، وينهي ما اطلق عليه بازمة الشرق الاوسط ، ويضعف النمو اليمين الاسرائيلي ، ويحقق الاستقرار للسياسية الامريكية بالمنطقة ، المتمثلة اساساً بالهيمنة على مصادر الطاقة ، وتعزيز قدرتها على مواجهة النمو الصيني والروسي وعدد اخر من البلدان الصاعدة في العالم بما فيها بعض بلدان اميركا اللاتنينة ، ويعيد التوازن الاقتصادي ويساهم في الخروج من الازمة المالية العالمية المتفاعلة منذ 2007 .
وفي كل الاحوال فان بقاء الاردن في وضعه الحالي سياسياً،واقتصادياً امر غير ممكن ، وبقاء فلسطين بانتظار الفرج المالي بالمنح الخليجية وغيرها ،غير ممكن ، خاصة بعد ان تهدأ العواصف العربية ، ويعود كل الى اهله واعادة بناء بلده ، وتعود الامور الى الذاكرة تحن الى الماضي وتتطلع الى المستقبل والذي قد يكون بلا أفق،ورغم وجود معرضة واسعة للكونفدرالية في الطرفين ، الا ان المعطيات الموضوعية تشير الى ان تفكيك الشرق العربي الى دويلات ، يصطدم بضرورة فك الازمة الاردنية ، ولن يكون عبر ذهابها الى مجلس التعاون الخليجي ،وان ضمان اقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح يحتاج الى الاردن كضامن مضمون .