كلف محمود عباس رئيس دولة فلسطين احسان صالحة أحد قيادات حركة “فتح” في سوريا تقديم واجب العزاء بإسمه في كل من المرحومين سعيد موسى مراغة، أمين سر اللجنة المركزية لحركة “فتح/الإنتفاضة” الذي توفي في العاصمة السورية الثلاثاء عن 86 عاما، بعد معاناة طويلة من المرض، والدكتور الياس شوفاني، الذي اعتبر المنظر السياسي والفكري لحركة “فتح/الإنتفاضة” بداية انشقاقها عن حركة “فتح” سنة 1983، وشغل عضوية لجنتها المركزية قبل أن يغادرها في وقت لاحق، والذي توفي هو الآخر خلال ذات الأسبوع.
المرحوم وتأتي خطوة عباس مخالفة لقرار سابق للجنة المركزية لحركة “فتح” بحظر التواصل مع “المنشقين”، في إشارة إلى “فتح/الإنتفاضة”.
وسبق للرئيس عباس أن تحدث مع المرحوم أبو موسى” على هامش حفل غداء اقامه الرئيس السوري للرئيس الفلسطيني في إحدى زياراته لدمشق، ودعي له جميع قادة الفصائل الفلسطينية في العاصمة السورية، في حين ظل فاروق القدومي أمين السر السابق لحركة “فتح” ملتزما بالقرار بشكل أقل مرونة من مرونة عباس، علما أن أبو موسى كان اتخذ مقرا لنفسه ولقيادته في مقر جمعية الصدافة الفلسطينية ـ السوفياتية، الذي كان مقرا لعباس قبل الإنشقاق، وظل يجلس على ذات المكتب الذي كان يجلس عليه عباس حتى وفاته..!
ويعتبر أبو موسى من أبرز القادة العسكريين في الثورة الفلسطينية المعاصرة، وكان قد بدأ حياته متطوعا في صفوف ثوار فلسطين في حرب 1948، ثم التحق ضابطا في الجيش الأردني، قبل أن ينشق عنه سنة 1970، في ظل الإشتباكات المريرة بين الجيش الأردني والفدائيين الفلسطينيين، حيث التحق بحركة “فتح”، التي إنشق عنها سنة 1983، على خلفية الصدام مع سياسات الرئيس الراحل ياسر عرفات، الذي كان بدأ العمل على الإنخراط في العملية السياسية لحل القضية الفلسطينية.
ورغم انشقاقه عن حركة “فتح”، ظل أبو موسى يحظى باحترام معظم قادة وكوادر حركة “فتح”، خاصة العسكريين منهم، وكان بعضهم يزوره سرا، وينقل له تفاصيل الخلافات داخل الحركة الأم، ويعمل على تشويه صورة خصومه أمام قائد “فتح/الإنتفاضة”، وقد توسط المرحوم أبو موسى لدى المسؤولين السوريين ليسمح له بزيارة دمشق، بعد أن كان محظورا عليه ذلك، معتقدا أنه يريد زيارته لأمر جلل، وفوجئ المرحوم بسبب الزيارة أنه يريد أن ينم على صديق سابق له، قبل أن يطرح على أبو موسى امكانية أن يفتح أمام حركة “فتح/الإنتفاضة” باب التمويل الإيراني، وعبر حزب الله اللبناني..!
وتشكل خطوة الرئيس عباس استمرارا للسياسة التي انتهجها سلفه ياسر عرفات، الذي احتض القادة المنشقين عن “فتح”، أو اسرهم، خاصة سميح أبو كويك (قدري) ثاني أمين سر لحركة “فتح/الإنتفاضة”، عضو اللجنة المركزية السابق في الحركتين “فتح” ثم “فتح/الإنتفاضة”، والمرحوم نمر صالح قائد الإنشقاق، وأول أمين سر لحركة “فتح/الإنتفاضة”.
وقد ظل الباب مفتوحا على الدوام لعودة المنشقين عن حركة “فتح”، وكان الرئيس الراحل عرفات تبادل مراسلات خطية مع قادة حركة “فتح/الإنتفاضة”، بمبادرة منهم (المرحوم أبو خالد العملة نائب أمين السر، بعلم وموافقة المرحوم أبو موسى)، قبيل مرضه الأخير (تسممه) الذي أفضى إلى موته، وذلك بهدف إعادة توحيد الحركة.
ويبدو أن الرئيس عباس يريد استئناف تلك الجهود بمبادرة منه في هذه المرة، على عتبة جهود جديدة على طريق تجسيد دولة فلسطين على الأرض، بعد قرار الأمم المتحدة الإعتراف بها دولة غير عضو في المنظمة الدولية.
وسبق للرئيس الراحل عرفات أن فتح باب العودة كذلك أمام كوادر في حركة “فتح/المجلس الثوري” بزعامة المرحوم صبري البنا (أبو نضال) في حياته، ومن ثم بعد مقتله في حادث غامض في بغداد، حيث تم احتضانهم في الأراضي الفلسطينية وإعادة صرف رواتبهم.
المستقبل العربي .