الايام- خليل الشيخ:”رغم إني كنت أتحسس بدقة موضعاً لقدميّ فشلت في إيجاد مساحة لتفادي الدعس على أشلاء الشهداء، عندما كنت أبحث عن الأحياء ولم أجد إلا القليل، وبعدما تيقنت أنه لا يوجد أحياء في مكان المجزرة شرعت بجمع الأشلاء ووضعها في كيس كبيرة دون معرفة أي منها يعود لأي شهيد”.
هكذا وصف المسعف أحمد أبو فول بعضا من تفاصيل المجزرة التي وقعت في مركز إيواء “التابعين”، فجر السبت الماضي، في سياق مقابلة مع “الأيام” عبر الهاتف.
وأكد أن بشاعة المجزرة التي استهدفت المصلين بمختلف الأعمار وبشكل مباشر جعلت منهم أشلاء متراكمة تم انتشالها.
ويضيف أبو فول، لأول مرة في مسيرة عمله كمسعف والتي امتدت لأكثر من 25 عاماً تشاهد عيناه بشاعة وإجراما وقتلا كالذي فعلته صواريخ الاحتلال في تلك المجزرة التي راح ضحيتها عشرات الشهداء.
وأوضح أنه كان يبحث عن أحياء ووجد ثلاثة منهم كانوا يلفظون أنفاسهم الأخيرة فحمل الواحد تلو الآخر، لكنه استاء بعدما علم انهم استشهدوا متأثرين بجروحهم التي كانت حرجة.
وفيما يتعلق بانتشال الشهداء قال أبو فول، إنه عجز عن انتشال ولو شهيداً واحداً مكتمل الجثمان، في حين انه يتذكر انه انتشل العشرات من أنصاف الجثامين سواء الأنصاف العلوية أو السفلية منها.
وأوضح أنه عمل مع عدد كبير من المسعفين الذين أغمي على بعضهم فيما أجهش آخرون بالبكاء بينما ظل هو متماسكاً، حتى انتهاء هذا اليوم الدامي، بحسب تعبيره.
ويعاني المسعف أبو فول الذي يبلغ من العمر 46 عاما من حالة نفسية صعبة وبدت علامات الاكتئاب تظهر عليه لا سيما انه رفض التوجه للعمل، أمس.
ويقول أبو فول، “استيقظت من النوم منهك القوى لكني افتقد الرغبة للعمل وبقيت صامتاً لساعات وأبلغت مقر عملي بأني لا استطيع انتشال جثامين أو مصابين هذا اليوم”، مؤكداً أنه لا يزال متأثراً من هول المشاهد التي عايشها إلى حد الاكتئاب.
وتابع، تخيل أن تشاهد بركة كبيرة من الدم يوجد بها أشلاء أطفال ورجال مختلفة الأحجام، ويخرج الدخان من بعض الأشلاء، مؤكداً انه كان من أوائل المسعفين الذين حضروا إلى المكان.
يذكر أن المسعف أبو فول يعيش وحيداً بلا عائلة في جباليا، بعدما استشهد أكثر من 29 فرداً من عائلته في مقدمتهم زوجته وأبناؤه وأشقاؤه وزوجاتهم وأبناؤهم في شهر كانون الثاني الماضي.