في الوقت الذي لم يجد فيه الفلسطينيون مخرجاً لأزمتي الإعمار والرواتب، ويتبادلون الاتهامات، يواصل الإسرائيليون تعويض إخفاقهم في الضفة، عبر قرارات استيطانية جديدة
تتواصل الأزمة السياسية الفلسطينية لتطاول بعد تصريحات رئيس السلطة محمود عباس ومن يقابله في رئاسة حركة «حماس» المستويات التنفيذية. أمس أيضاً خرج حوار متلفز لرئيس حكومة التوافق، رامي الحمدالله، رسم فيه خطوطاً عريضة للإشكالات التي تواجه عمل حكومته في قطاع غزة. وقال الحمدالله، بعد دفع حكومته رواتب موظفي «رام الله» السابقين من دون غزة، إنّ من الصعوبة دفع مرتبات «حماس» عبر البنوك «لأنها تلقت تهديدات ولديها إنذارات بشأن تحويل أو تسلّم أموال».
وهاجم رئيس وزراء «التوافق» إدارة «حماس» في غزة، قائلاً إن المساعدات بعد عبورها 200 متر من معبر «كرم أبو سالم» تصادر. وأضاف: «لدينا تقارير تفيد بأن بعض المساعدات لا تصل إلى المواطنين في غزة وأخرى وضعت في مستودعات خاصة لا نعلم عنها، فضلاً عن توزيع بعضها على فئات خاصة». لكنه استدرك: «المواطنون في غزة يشعرون بما تفعله الحكومة أكثر من الضفة، لأنهم هم من يتلقون المساعدات، ونتلقى المراسلات التي تعبر عن الشكر للحكومة».
في المقابل، رد المتحدث باسم «حماس»، سامي أبو زهري، على تصريحات الحمدالله بتأكيد أن «أهل القطاع غزة يسمعون صوته (رئيس الوزراء) خلال الحرب، ولم يشعروا بأي علاقة للحكومة بهم». وشدد أبو زهري، في تصريح نشره على «الفايسبوك» على أن الفرصة لا تزال قائمة أمام حكومة الوفاق «لتنجح إذا أنصفت أهل غزة».
مؤشرات قوية
لإمكانية إدخال
مواد البناء في وقت قريب إلى غزة
وفي سياق لاحق، قالت «حماس» إن الأجهزة الأمنية في الضفة المحتلة اعتقلت خمسة من كوادرها في محافظة بيت لحم، فيما منعت ثلاثة دعاة مقربين منها من الخطابة في المساجد عقب مناصرتهم قطاع غزة ومقاومتها. ومن خطبة الجمعة الأولى لنائب رئيس المكتب السياسي للحركة بعد الحرب، إسماعيل هنية، فإنه شدد على «سلاح المقاومة مقدس»، وقال: «لا يمكن قبول أي قرار دولي يمس بهذا السلاح». وأضاف هنية: «إذا أرادوا أن ينزعوا سلاحنا نوافق بشرط أن ينزعوا سلاح المحتل». ودعا حكومة الوفاق إلى العمل على إعمار غزة وإنهاء الحصار كلياً.
في ما يتعلق بإعمار غزة، أفاد المتحدث بلسان الوكالة الدولية لغوث اللاجئين (الأونروا)، كريس غانس، بأن هناك ما فيه الكفاية من وسائل لمراقبة إدخال مواد البناء إلى القطاع، ونقلت الإذاعة العبرية عنه تأكيده أنه ليس هناك أي تسريب لمواد بناء إلى «جهات غير مخولة»، داعياً الاحتلال إلى رفع الحصار وإتاحة الفرصة أمام ترميمه.
في هذا الصدد، قال مسؤول فلسطيني إن رجال أعمال وممثلين عن القطاع الخاص في غزة، عقدوا مساء أول من أمس اجتماعاً، مع مسؤولين إسرائيليين وأمميين برعاية السلطة الفلسطينية «لبحث سبل توريد وإدخال مواد البناء إلى غزة». وأضاف المسؤول، مفضلاً إخفاء هويته، أنّ «من السابق لأوانه الحديث عن أي نتائج أسفر عنها الاجتماع، لكن هناك مؤشرات قوية لإمكانية إدخال المواد في وقت قريب». لكنّ رجل أعمال فلسطينياً، فضل هو الآخر ألا يذكر اسمه، أكد أن هناك جهوداً تبذل في الإطار، وتوقع أن يشهد الأسبوع المقبل تقدماً بشأن إدخال مواد البناء. وعن الحركة على معبر «كرم أبو سالم»، أفاد مدير الجانب الفلسطيني من المعبر، منير الغلبان، بأن «الحركة التجارية فيه لم تشهد أي تغيير حتّى الجمعة (أمس)، فالمعبر منذ وقف الحرب يعمل بالحجم الاستيعابي الذي كان وقت الحرب، ويُفتح لإدخال البضائع الغذائية والإغاثات والمساعدات فقط». ونفى الغلبان حدوث أي تغيير على قوائم السلع التي يجري توريدها إلى غزة.
على صعيد الاستيطان وتواصله، أعلنت السلطات الإسرائيلية أمس استدراج عروض لبناء 283 وحدة سكنية في مستوطنة «الكانا» في الضفة المحتلة، ونُشر استدراج عروض البناء أول من أمس. يأتي ذلك رغم تعبير المجموعة الدولية عن قلقها من أن تستأنف إسرائيل تسريع الاستيطان في الضفة، وخاصة أنها أعلنت الأحد الماضي نيتها مصادرة أربعة آلاف دونم من أراضي بيت لحم.
وقد عبّر مسؤول إسرائيلي عن رد الفعل على الخطوة قبل الأخيرة، بالقول إن إعلان حكومته «دفع الأميركيين إلى الجنون». ونقلت صحيفة «هآرتس» عن هذا المسؤول، الذي لم تحدد هويته، قوله: «لقد أرسل المسؤولون في إدارة باراك أوباما رسائل شديدة إلى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو». وتابع: «المسؤولون الإسرائيليون قالوا للأميركيين إنه ستمر سنوات عديدة قبل أي بناء في المنطقة»، وذلك لتهدئتهم.
(الأخبار، أ ف ب، الأناضول)