– “الباركود” رقم متسلسل للتعريف على مصدر المنتج
– يُمنح الباركود من قبل هيئة الترقيم العالميGS1
– اتهامات لوزارة الاقتصاد بـ “التقاعس” عن انتزاع الحق الفلسطيني بـ “الباركود”
– الوزارة: الحصول على “الباركود” قضية سياسية وليس موضوعا فنيا
– “الباركود” يمنع قضايا الغش التجاري والتزوير
حياة وسوق – ابراهيم أبو كامش – يختلف ممثلون عن القطاع الخاص وحماية المستهلك مع وزارة الاقتصاد الوطني حول امكانية حصول فلسطين على “باركود” خاص بها، ويؤكدون انه لا يوجد ما يمنع من ذلك، في الوقت الذي اتهم فيه البعض الوزارة بغياب الارادة والادارة السليمة لانتزاع الحق بالحصول على “الباركود”.
وأيا كان السبب فإن فلسطين لم تحصل لغاية الان على “باركود” خاص بها، للتدليل على ان فلسطين هي بلد المنشأ لمنتجاتها، اذ يعتبر الباركود هوية المنتج ويعرف بلد منشأه، ويمنع أي خلل وتقليد وتزوير، ويوفر للمنتج حماية، وتستعيض فلسطين عن فقدانها باركودها الخاص باعتمادها على الباركود الاسرائيلي أو الأردني دون اي امتيازات.
ويُمنح الباركود من قبل هيئة الترقيم العالميGS1، ومقرها بروكسل، وهي منظمة دولية غير حكومية، والمعتمدة لتسجيل هيئات ترقيم محلية في كل بلد، و”الباركود” هو عبارة عن ارقام متسلسلة يعرف فيها بلد المنشأ للسلعة، ونوعيتها وجهة الانتاج، وبعض مواصفاتها. والثلاثة الارقام الأولى تحدد الدولة، الارقام التي تليها عبارة عن تعاريف دولية.
“غياب إرادة”
يرى وزير الاقتصاد الاسبق، عضو مجلس ادارة الاتحاد العام للصناعات الفلسطينية د. باسم خوري أن “عدم تطبيق الباركود ليس له علاقة بعضويتنا في هذه المؤسسة، وانما له علاقة بتقاعس وزارة الاقتصاد التي يمكنها ان تباشر بتطبيق باركود خاصة بها بدون اية مشاكل والى حين قبول عضويتنا في المؤسسة العالمية”.
وفي ذات الاتجاه يعتبر الناطق الاعلامي باسم جمعية حماية المستهلك د. محمد شاهين، ان موقف وزارة الاقتصاد حول عدم حصول فلسطين على “الباركود” لأسباب سياسية، غير مقنع وقال: “ان هذا الحق مرهون بجدية وجهد ومطالبة الحكومة ووزارة الاقتصاد الوطني للانضمام لهيئة الترقيم العالمية للحصول على باركود خاص، يوضع على كافة المنتجات والصناعات الفلسطينية، تدلل على أنها انتجت وصنعت في دولة فلسطين”.
وأضاف: “لم يرد في اي من البروتوكولات او من الاتفاقيات شيئا يمنع تخصيص باركود لفلسطين، ومثلما كنا لسنا اعضاء في الكثير من الهيئات الدولية، فاننا اصبحنا بعد ما اعتمدت فلسطين دولة اعضاء فيها بما في ذلك محكمة الجنايات الدولية، فما بالكم في هيئة اقتصادية ذات بعد اقتصادي بعضوية هيئة الترقيم الدولية”؟.
“أسباب سياسية”
في المقابل تؤكد مدير عام الصناعة والمصادر الطبيعية في وزارة الاقتصاد الوطني، منال فرحات ان عدم حصولنا على “باركود” خاص بفلسطين “موضوع سياسي اكثر من كونه فنيا، لأنه يسيطر على مجلس ادارة مؤسسة الترقيم الدولية شركات كبيرة عابرة قارات اضافة الى تأثرها بالموقف الاسرائيلي”. وقالت وان حصول فلسطين على “باركود” خاص بها خطوة مهمة في تكريس الاستقلال الاقتصادي لفلسطين، ومن شأنه ايضا التحرر من التبعية، والهيمنة الاقتصادية الإسرائيلية”.
ويتفق كل من د. خوري ود. شاهين، على عدم وجود موانع من ان تبدأ السلطة الوطنية باعتماد باركود فلسطيني، ففي حين اكد د. خوري، انه لا يوجد ما يمنع نهائيا بان تبدأ دولة فلسطين بتنفيذ الباركود الفلسطيني من اليوم، “فهو موضوع سيادي، وهذا الى حد ما يعترف بنا وبسيادتنا على منتجاتنا واراضينا، ولا يوجد ما يمنعنا، اليوم حتى من غير انضمامنا لمؤسسة الترقيم العالمية في بلجيكا التي تخضع للتأثير الاسرائيلي، لذلك يحتاج الانضمام لعضويتها الى معركة يجب التحرك لها لاننا متأخرون عنها”.
ولكن فرحات تشدد على ان الوزارة تقدمت اكثر من مرة بطلبات العضوية لمؤسسة الترقيم الدولية، واستعانت مؤخرا بمساعدة وحدة المفاوضات في وزارة الخارجية التي بدورها تدخلت وتقدمت بكتاب بعد ان حصلت فلسطين على عضو مراقب في الامم المتحدة.
وقالت: “بالرغم من تصويت بلجيكا لصالح عضوية فلسطين كدولة مراقب في الامم المتحدة، الا ان قوانينها لغاية الان لا تعترف بفلسطين كدولة، وهي ذريعة مؤسسة الترقيم في عدم اعطائنا الباركود لغاية، علما ان هناك (جهات) ليست دولا وبنفس وضعية فلسطين، حصلت على عضويتها، لذلك نرى ان الموضوع سياسي اكثر من انه فني”.
واوضحت فرحات ان التصويت البلجيكي لصالحنا في الامم المتحدة لم يقترن بتغيير قوانينها، والتي لا تستبعد تأثرها باتفاقية الشراكة مع دول الاتحاد الاوروبي وبالتالي فان احتمالية تغيير القوانين البلجيكية التي تخضع لها مؤسسة الترقيم الدولية واردة، ولذلك فان وزارة الاقتصاد الوطني طالبت ووحدة شؤون المفاوضات في وزارة الخارجية بالتدخل في هذه القضية.
“الباركود” يدعم المنتج الوطني
ويؤكد شاهين ان الحصول على الباركود الفلسطيني، من شأنه تعزيز المنتج الوطني، داعيا وزارة الاقتصاد للعمل على دخول فلسطين كعضو في هيئة الترقيم الدولية من اجل الحصول على الباركود الفلسطيني. قائلا: ان الباركود الفلسطيني جزء من الهوية للصناعة الوطنية في الداخل والخارج، وسيساهم بشكل كبير في تسويق الصناعات في داخل فلسطين وفي خارجها.
ويؤكد خوري أن “الباركود” يحارب الغش والتزوير، ويضمن المواصفة الجيدة، واليوم ان وجدت سلعة فاسدة او مسرطنة مستوردة او العاب اطفال فيها كيماويات مسرطنة في السوق المحلية، فانها تكون مستوردة عبر اسرائيل ببيانات جمركية مكتوب عليها “ممنوع دخولها الى اسرائيل” ولأنه لا يوجد عليها باركود اسرائيلي، فلا يمكن بيعها في اسرائيل، لذلك فانها توجه للسوق الفلسطيني وتكب فيه، والسؤال: من هو المسؤول عن هذه السلعة، لا احد يعرف؟!.
ويرى د. خوري، انه حينما يطبق الباركود تتوقف التجارة غير العادلة، وتصبح السلع المحلية قادرة على منافسة السلع الصينية الرخيصة التي تغرق السوق، مبينا ان كان على هذه السلع باركود قبل دخولها فلسطين لأن جزء منه يحدد سعر البيع، الامر الذي يمنع التلاعب بالسعر. وبالنتيجة فان الباركود ينهي موضوعة التجارة غير العادلة، ويتيح المجال لمتابعته ومراقبة وايقاف اي سلعة لا تتقيد بشروط وتعليمات الباركود ولا تلتزم بالمواصفات العامة، مثلما يمنع وجوده وتطبيقه انتاج وبيع سلع مؤسسات ومنشآت محلية في حال عدم وجوده.
لذلك نجد د. شاهين يجدد مطالبته بضرورة وجود باركود فلسطيني لكل البضائع والمنتجات السلعية والخدماتية وبخاصة الغذائية منها، لأنه كثيرا ما تختلط هذه الصناعات عند التسويق الداخلي او في التصدير الخارجي مع الاسرائيليين ومنتجات مسستعمراتهم.
ويؤكد شاهين، على ضرورة الباركود، للدلالة على ان بلد المنشأ هو فلسطين سيما اننا نكتشف بان بعض المستهلكين لا يعرفون بان هذه صناعة وطنية، لأن معطياتها البيانية تختلط مع بعض الصناعات الاسرئيلية التي تصنع داخل اسرائيل وبطاقة بيانها باللغة العربية، واهميته تكمن ايضا للتصدير ولاثبات ان هذه صناعة وطنية بامتياز ولها علاقة بالهوية الوطنية وبالمنافسة الخارجية وبالخلط الذي يحصل بين البراءة الاسرائيلية والبراءة الفلسطينية في الخارج والتزوير الذي يحصل من قبل بعض الصناعات الاسرائيلية لبعض الدول التي فيها نوع من المقاطعة للبضائع الاسرائيلية.
ويؤكد د. خوري، في حال تم تطبيق الباركود، فانه سيقلب الواقع الاقتصادي في فلسطين من موضوع جباية الضرائب والعمل والمصانع والورش غير المسجلة والالتزام بالسلامة العامة، ووقف التهريب وضمان امن المنتجات المستوردة.
وحول العقبات التي يواجهونها في التصدير، اكد د. خوري، انهم لا يواجهون في شركة دار الشفاء عقبات لأنهم يصدرون منتجاتهم الدوائية الى اوروبا، وعند تصديرهم للدول العربية فانهم يعتمدون على الباركود الاردني، لأن لديهم تصنيع من الكود الاردني.
ولا يرى خوري، ان المشكلة في التصدير وانما يجد المشكلة بوضوح في ضبط السوق الداخلية والسلامة العامة والبضاعة الامنة للمواطن والتهرب الجمركي والضريبي هذه هي المشكلة الرئيسية والمنافع الرئيسية.
وبهذا الصدد تؤكد فرحات، عدم تكبد الصادرات الفلسطينية خسائر جراء عدم توفر باركود فلسطيني، لكنها قالت:”ان الخسارة الوحيدة تكمن في ان السلع والبضائع الفلسطينية تصدر ولا تحتسب كمنتجات فلسطينية، حيث انها تصدر عبر باركود اردني بشهادة منشأ فلسطينية، او عن طريق مطار اللد وتوصم بباركود اسرائيلي وكأنها اسرائيلية المنشأ، وللاسف ان الجمارك في اي دولة تعتمد منتجاتنا لصالح الدولة صاحبة الباركود، والنتيجة كانت ان بعض المنتجات الفلسطينية التي حصلت على باركود اسرائيلي تأثرت سلبا ومنعت من دخول أسواق بعض الدول العربية التي اصبحت تتعامل معها وكأنها اسرائيلية المنشأ والمنتج، الأمر الذي عرضنا لمشكلة كبيرة في القدرة على اثبات ان هذا المنتج فلسطيني وليس اسرائيلي، وصادراتنا التي تخرج عن طريق اسرائيل للاسف تكون موصومة بباركود اسرائيلي مع انه مصحوبا معها عند التصدير اليورو 1 فلسطيني، وبالنتيجة فانها في الجمارك عند الدول تبين وكأنها منتجات اسرائيلية وليست فلسطينية، ما أثر سلبا في مقاطعة الاوروبيين البضائع باعتبارها اسرائيلية”.
واشارت فرحات الى خطة الوزارة، التي تهدف الى رفع نسبة الصادرات الفلسطينية إلى الخارج، بنسبة 67٪، خلال السنوات الخمس القادمة، بمعدل نمو سنوي يبلغ 13٪، مؤكدة ان قيمة الصادرات الفلسطينية، خلال العام الماضي 2014، بلغت نحو 870 مليون دولار أمريكي، وسط توقعات بارتفاع قيمة الصادرت للعام الحالي الى مليار دولار.
في حين يؤكد د. شاهين على ما يواجهونه من مشاكل في قضية بضائع المستوطنات حيث يحصل تلاعب بالباركود المعمول للصناعة التي تتم في داخل المستوطنات مع الباركود في الصناعة الاسرائيلية، ويكون من الصعب التمييز ما بينهما، الى جانب الخلط ما بين صناعة فلسطينية وأخرى، فبغياب الباركود يسهل ادخال بعض منتجات المستوطنات او المهربة ويكون من السهل التلاعب في السوق بشكل واضح.
وفي حين لا يوجد ما يمنع اليوم وجود منتجات محلية بباركود فلسطيني على ارفف عرض وبيع المحال التجارية بحسب د. خوري، فاننا نجده يدعو الى ضرورة الاقتداء بتجربة شركة دار الشفاء في هذا المجال، التي تقوم بعرض منتجاتها بباركود خاص بها، وهي ليست عضوا في مؤسسة الترقيم العالمية، لذا قال:”على وزارة الاقتصاد الوطني ان تخترع رقما معينا تعلنه كرقم باركود مميز لفلسطين، والزام الشركات واصحاب المنتجات به على بضائعهم وسلعهم الى حين اعطاء فلسطين رقمها المميز من قبل المؤسسة الدولية”.
بدوره يرى د. شاهين، الاستمرار في المطالبة بعضوية مؤسسة الترقيم الدولية، ليصبح من حقنا الحصول على الباركود الفلسطيني لنضعه على كل السلع والبضائع الفلسطينية، ولنضع “صنع في فلسطين” على كل منتجاتنا بباركود محدد ومميز للصناعة الوطنية الفلسطينية.
الحل باتفاقية شراكة كاملة مع الاتحاد الاوروبي
لكن فرحات، تؤكد ان الوزارة تركز عملها في بلجيكا حاليا، وتحاول مخاطبة العديد من الوزراء والبرلمانيين البلجيك، اضافة الى مخاطبة الخارجية، والتحرك الميداني عن طريق السفارة الفلسطينية في بروكسل مع مؤسسات المجتمع المدني للضغط على البلجيك من اجل الحصول على باركود فلسطين.
وترى فرحات، ان اكثر الطرق سهولة هي ابرام اتفاقية شراكة كاملة بين دولة فلسطين مع الاتحاد الاوروبي التي تعتبر بلجيكا واحدة من دوله، والتي ستفتح لنا مجالات كثيرة، وتقول:”حينما ندخل كعضو كامل دولة مقابل دولة، سيسهل علينا الحصول على عضويتنا في مؤسسة الترقيم الدولية، خصوصا ان الاتفاقية الاوروبية تعترف بفلسطين كدولة، ومن شأنها ان تحل الكثير من المشاكل ويقوي الموقف الفلسطيني”.
وقالت: “نتحرك في اكثر من تجاه بهذا الموضوع منذ 4 سنوات، لأهمية الباركود للمنتج الوطني ويثبت ويظهر هويته الفلسطينية، ولا مجال امامنا الى بمواصلة الضغط بالتعاون مع القطاع الخاص والشركات الكبيرة على المؤسسة الدولية وعلى مجلس ادارتها لاحداث تقدم في هذا المجال”.
وتؤكد فرحات ان الوزيرة عبير عودة، بدأت مباحثاتها في هذا المجال مع شركات كبيرة، وتصبو لرؤية نتائج ايجابية. وكشفت، عن “حراك دولي تقوده حكومة التوافق الفلسطينية، من أجل الانضمام لهيئة الترقيم العالمية GS1 (منظمة دولية غير حكومية)”.