غزة / رغم ان سلطة النقد أعلنت عن ان يوم أمس الاحد يوم عمل طبيعي في بنوك المحافظات الجنوبية، ورغم اعلان محافظ سلطة النقد جهاد الوزير، بالحق القانوني لكل مواطن بالوصول إلى أمواله المودعة في المصارف، وفي ظل أجواء الارتياح التي عكسها تشكيل حكومة الوفاق الوطني، الا ان عناصر من حركة “حماس” بحماية من شرطة غزة، اغلقت منذ ساعات الصباح كافة فروع البنوك العاملة في قطاع غزة، لليوم الرابع على التوالي، لمنع موظفي القطاع العام والجرحى وأسر الشهداء من استلام رواتبهم ومخصصاتهم.
الجريح ياسر كحيل من منطقة المغراقة يضطر للسير على الأقدام لأكثر من ساعتين للوصول إلى أحد بنوك غزة على أمل الحصول على راتبه والجريح أشرف حبيب يخشى الرجوع إلى البيت لكي لا يصدم بطلبات العائلة والديون المتراكمة، والجريح محمد مشتهى استدان من جاره لكي يصل إلى البنك ووعده بتسديد ما يلزم فور تسلم الراتب وكل هذا لم يتحقق في ظل إغلاق البنوك من قبل شرطة حماس.
والحال على جانبي الطرق القريبة من بنوك مدينة غزة مثلما الحال في مختلف مناطق القطاع، يتواجد عناصر الشرطة المدججون بالهراوات والأسلحة على مداخل البنوك ووضع السيارات العسكرية على شكل حواجز لكي تمنع التحرك والدخول، فيما وقعت بعض المشادات بين عناصر الشرطة والأشخاص الذين تواجدوا على مداخل البنوك في محاولة للحصول على رواتبهم خاصة المرضى وأصحاب الحالات الطارئة.
ولعل المواطنة ” أم أحمد ” كانت من أكثر الحالات الغاضبة مشيرة لـ”الحياة الجديدة ” انها بعد طول انتظار حصلت على التنسيق لاستكمال علاج ابنها في أحد المستشفيات داخل الخط الأخضر وجاءت للبنك لكي تسحب راتب ابنها الجريح لتتمكن من السفر ودفع ما يلزم ولكنها فوجئت بتواجد عناصر حماس ولا تعرف ماذا تفعل في ظل عدم قدرة أحد على تقديم المال لها من شدة الديون المتراكمة عليها.
وقال المواطن محمد مشتهى الذي يعيل عشرة أفراد انه يستلم راتب أسر الشهداء بقيمة 1300 شيقل منذ العام 94 ولأول مرة لم يتمكن من الاستلام ويأتي من حي الشجاعية سيرا على الأقدام على أمل العودة بالراتب ولكن دون جدوى جراء إغلاق البنك.
أما الجريح أشرف حبيب ولديه ثلاثة أطفال فقال ان راتبه 1000 شيقل ويقوم بتكييف حياته وفق قيمة الراتب ولكن منذ خمسة أيام لم يتمكن من استلامه ولذلك يقضي يومه خارج البيت لتلافي طلبات عائلته التي لا تعرف ماذا يعني الخلاف السياسي على الحق في استلام الراتب.
وأكد الجريح محمود أبو طوطح أنه استدان 1100 شيقل وراتبه لا يزيد عن 1200 شيقل ومع ذلك لم يتمكن من استلام الراتب لتسديد ديونه المتراكمة ويأمل بحل الأزمة بعيدا عن زج الشعب في المشاكل السياسية.
وأوضح المواطن محمد الأشرم من مخيم الشاطئ أنه يستلم راتب عائلة الشهيد منذ العام 2003 وتعتمد عليه العائلة بشكل أساسي لتسديد أجرة البيت وشراء المستلزمات الضرورية وفوجئ بإغلاق البنوك من عناصر حماس دون الرأفة بمشاعر الجرحى وعائلات الشهداء.
وإن كانت شريحة الجرحى والشهداء أعربت عن استيائها من إغلاق البنوك فإن أسر شهداء حرب 2008 وما بعدها كان لهم نوع آخر من الغضب سيما وأنهم واصلوا اعتصامهم أمام مؤسسة أسر الشهداء والجرحى لعدة شهور متتالية تحت المطر والحر وتكلل هذا بمصادقة الرئيس محمد عباس على صرف رواتبهم بدءا من الشهر الجاري ولكنهم فوجئوا بإغلاق البنوك مما دفع العديد منهم إلى الصراخ والتعبير عن غضبهم بأصوات عالية والضرب بقوة على أبواب البنوك في محاولة بائسة للمطالبة بصرف رواتبهم التي حلموا بها منذ سنوات طويلة.
بدوره، استنكر التجمع الوطني لأسر شهداء فلسطين منع أسر الشهداء في المحافظات الجنوبية من الحصول على المخصصات الشهرية من البنوك أو الصرافات الآلية منذ الأربعاء الماضي.
وقال الأمين العام للتجمع محمد صبيحات، “إن عناصر من حماس منعت أكثر من عشرة آلاف أسرة شهيد من الحصول على مخصصاتها في سابقة هي الأولى من نوعها”. وأوضح أن من بين هذه الأسر حوالي ألف أسرة شهيد تم صرف مخصصاتها للمرّة الأولى، وهي أسر شهداء الحرب التي شنتها إسرائيل عام 2008، مشيرا إلى أنه تلقى العديد من الاتصالات الهاتفية من قبل أسر الشهداء حول الموضوع.
وأعرب العديد من المواطنين والموظفين عن بالغ قلقهم واستيائهم من استمرار إغلاق البنوك التي أدت إلى إحداث الخلل والشلل في حركة الشراء والتنقل وعدم دفع الديون وحدوث العديد من الإشكاليات والخلافات والشكوك بشأن إمكانية صمود اتفاق المصالحة.
|