رام الله / أظهرت نتائج جلسة نقاش نظمها معهد الأبحاث والسياسات الاقتصادية (ماس) امس الاثنين، أن السلطة والحكومة الفلسطينية، فشلتا في التنبؤ بقراءة موازنة 2012، ما دفع بعض الحضور ليُشبه توقعات الحكومة الفلسطينية كالذي يبني قصوراً في الهواء.
هكذا فان ما تم رسمه نظريا لم يكن غير، توقعات خيالية سرعان ما اطاحت الحقائق على الارض بها.
وظهرت في موازنة العام الماضي فجوة بين التوقعات المتعلقة بكل من الإيرادات والنفقات على حد سواء، ما وضع السلطة في أزمة، خففت منها بعض عمليات الجباية لديون متراكمة على المواطنين والمؤسسات الفلسطينية.
وعلى سبيل المثال، كانت توقعات الجهات المسؤولة، (حسب بيانات وزارة المالية) أن يبلغ حجم الديون على مؤسسات السلطة وبلدياتها نحو 400 مليون شيكل، لكن الحجم الفعلي لهذه الديون مع نهاية العام بلغ 1.093 مليار شيكل، اي بفارق او بعجز قدره 693 مليون شيكل.
ومن الامثلة الاخرى التي تظهر الفجوة سالفة الذكر، فان وزارة المالية تنبأت بأن يصل حجم المساعدات الخارجية التي سترد للموازنة 4.951 مليار شيكل، لكن الحجم الفعلي لهذه المساعدات انحصر بـ 3.587 مليار شيكل، اي بعجز قدره 1.364 مليار شيكل، ما يطرح تساؤلات حول مدى مواءمة التنبؤات بالايرادات والنفقات الفعلية، وحدود قدرة وزارة المالية والحكومة على ان تتحول إلى منظم للاقتصاد، وليس صارف للرواتب.
وابدى وزير الاقتصاد السابق، باسم خوري، استغرابه من قضاء الحكومة أكثر من 5 شهور لإعداد موازنة خاطئة بما تحويه من أرقام، وقال:” إن الفرق بين المساعدات المتوقعة لعام 2012 والفعلية لنفس العام، يبين مدى سوء التنبؤ وقراءة الواقع للسلطة والحكومة الفلسطينية”.
ويرى النائب في المجلس التشريعي وأستاذ الاقتصاد السابق في جامعة النجاح، الدكتور عمر عبد الرازق، أن آلية إعداد الموازنة لم تكن ضمن توقعات وزارة المالية، داعياً أن تقوم الوزارة بـ” رسم سياسة مالية، وليس التقريب بين مجموعة من الارقام”.
واوضح ان “فشل التوقعات في الموازنة، يعود إلى حالة عدم الاستقرار في الاقتصاد، بسبب القيود الإسرائيلية، والبيئة القانونية للاستثمار وإدارته، إضافة إلى الحريات وسيادة القانون، والتآكل المستمر في حجم الشركات الانتاجية، التي كانت تساهم بنحو 32% من الناتج المحلي قبل 5 سنوات، وتراجعت اليوم إلى 18%”
وكانت موازنة العام الماضي 2012، وضعت مبلغ 1.140 مليار شيكل، للنفقات التطويرية، إلا أنها فشلت أيضاً في تطبيق هذه الأرقام، ليبلغ حجم الإنفاق على تلك المشاريع نحو 601 مليون شيكل فقط.
ويقول الدكتور عبدالرازق: إن فاتورة الرواتب تشكل عبئاً كبيراً على السلطة، “حيث أن هنالك أكثر من 30% من الموظفين يقفون في طابور البطالة المقنعة، عدا عن بعض الموظفين الوهميين غير الموجودين أصلاً في أي وزارة، بل حتى في البلد ككل”.
وحسب عبد الرازق، فإن حصة الأمن من الموازنة تعتبر “كبيرة جداً”، مع الأخذ بعين الاعتبار أهميته في المجتمع الفلسطيني، لكن “هنالك أجهزة مثل الأمن الوطني، الذي لا يملك أي دور محدد مثل باقي الأجهزة الأمنية الأخرى”.
وأخفقت السلطة ومؤسساتها الاقتصادية كذلك، في وضع تسهيلات استثمارية، لرؤوس الأموال التي هربت من بيئة الأعمال التي رسمتها هذه المؤسسات، ما يتطلب ضرورة إعادة النظر بقوانين مثل محاربة الاحتكار، والسلامة الأمنية، وتدخل الاجهزة الامنية كما يقول الدكتور عبدالرازق.
ويرى عبد الرازق ان المخرج يكمن في، “أن تشجع الحكومة الخروج من الوظائف الحكومية بالتعاون مع القطاع الخاص والمؤسسات الأهلية، والاتجاه إلى القطاعات الانتاجية، لتوفير نسبة مقبولة من فاتورة الرواتب لصالح الموازنة”.
واشار الى ان التهرب الضريبي يفقد الموازنة الفلسطينية اكثر من 500 مليون شيكل.
واوضح رجل الأعمال محمد مسروجي، ان السلطة تقف عاجزة عن التعاطي مع بروتوكول باريس، ولا تقوم بأي خطوة تجاه إعادة النظر في تفاصيله، التي وضعت الاقتصاد الفلسطيني في حالة تبعية للاقتصاد الإسرائيلي.
وفي تعقيب له على الوظيفة الضبابية لبعض الأجهزة (الأمن الوطني مثالاً)، يقول مسروجي بأنه يتوجب على السلطة أن توجد عملاً فعلياً لهم، “حتى لو ترسلهم إلى قرى الضفة لفتح الشوارع يدوياً بالفأس والمجرفة، حتى يصبح عملهم مبررا وله معنى وهدف”.
وشدد مدير مركز “بال ثينك” للدراسات الاستراتيجية، عمر شعبان من قطاع غزة، على عجز السلطة الفلسطينية عن استعادة 40% من اقتصادها لدعم موازنتها، ويقصد بذلك قطاع غزة، والذي برأيه يمكن ان يتم حتى بدون المصالحة، عندما يتم الحديث عن قضايا اقتصادية بحتة.
واشار شعبان الى أن شركات إسرائيلية فتحت لها فروعا في قطاع غزة عبر عدد من الوكلاء، بهدف الاستحواذ على نصيبها من كعكة الاقتصاد هناكا الذي يقوم على مصر وإسرائيل معاً.
القدس دوت كوم – محمد عبد الله .