بعد ان نجحت السلطة الاسرائيلية في تفكيك الجيش العراقي وحله بالتحريض على غزو العراق واحتلاله، وبعد ان اطمأنت الى اضعاف الجيش السوري وانشغاله في حرب اهلية طاحنة، بات محور خوفها منصبا على خطرين اساسيين:
‘ الاول: الجيش المصري الذي يملك اسلحة امريكية متطورة، من بينها طائرات من طراز ‘اف 16’ ودبابات حديثة وعقيدة عسكرية ما زالت تعتبر اسرائيل الخطر الاكبر على الامة.
‘ الثاني: اتساع دائرة الفوضى الحالية المتفاقمة في سورية، ووصول التنظيمات الجهادية الى حدودها مع سورية ولبنان والاردن.
التغيير الديمقراطي الذي اطاح بنظام الرئيس محمد حسني مبارك في مصر اربك الحسابات العسكرية والامنية الاسرائيلية، فقد ظلت الجبهة المصرية هادئة لاكثر من اربعين عاما بفضل اتفاقات كامب ديفيد اولا، وحرص النظام المصري السابق على احترامها ثانيا.
اول انعكاس مباشر لهذا القلق الاسرائيلي على الجبهتين المصرية والسورية تمثل في اقامة سور امني اوشك على الانتهاء على الحدود مع سيناء، ووضع مخطط لبناء حائط امني آخر على حدود هضبة الجولان.
بناء الاسوار اجراء وقائي مكلف ومهم في الوقت نفسه، يمكن ان يقلص عمليات التسلل الراجلة مثلما يقول الخبراء العسكريون، ولكنه قد لا يمنع الهجمات الصاروخية مثلما هو الحال في قطاع غزة وفي جنوب لبنان.
صواريخ المقاومة الفلسطينية التي تنطلق من قطاع غزة وصلت الى تل ابيب والغلاف الاستيطاني المحيط بالقدس المحتلة. صحيح ان القبة الحديدية الاسرائيلية استطاعت صواريخها ان تتصدى وتسقط بعض هذه الصواريخ قبل وصولها الى اهدافها، ولكن الصحيح ايضا ان بعضها تجاوز هذه القبة، واخترق سياجها، ووصل الى اهدافه.
حل الجيش العراقي وانهاك الجيش السوري من المفترض ان يؤديا الى تخفيض ميزانية المؤسسة العسكرية الاسرائيلية في ظل الازمة الاقتصادية الطاحنة، لكن ما يحدث حاليا هو العكس تماما، فقد ظلت هذه الميزانية على حالها وهناك مطالب بزيادتها، واضافة المزيد من الاسلحة الحديثة والمتطورة.
الخبراء العسكريون والامنيون الاسرائيليون يراقبون تطورات الاحداث الداخلية في مصر عن كثب، ويخشون ان تؤدي حالة عدم الاستقرار الحالية الى محاولة السلطات المصرية تصدير الازمة الى الخارج، والغاء معاهدة كامب ديفيد الامر الذي قد يؤدي الى التوتر وربما انفجار حرب.
ما يمكن قوله ان اسرائيل التي عاشت في حالة امن واستقرار لاكثر من اربعين عاما تقريبا باتت تشعر، وبفضل تغيير انظمة، واضعاف اخرى، وغرق ثالثة في حالة من الفوضى باتت تشعر ان هذا العصر الذهبي بدأ يتبخر تدريجيا في تواز مع ضغوط غربية متنامية للتراجع عن سياساتها المتغطرسة، وانحسار شعبيتها في اوساط المواطنين الغربيين وتحولها الى عبء امني وسياسي في نظر اغلبيتهم.
القدس العربي.