رسالة الوطد الاشتراكي إلى جبهة النّضال الشّعبي الفلسطيني ،الرّفيق المناضل الأمين العامّ لجبهة النّضال الشّعبي الفلسطيني
الرّفاق المناضلين في الجبهة عبر كلّ الأجيال ومن جميع المواقع.
تحيّة نضاليّة ثوريّة حمراء تشدّ على أياديكم التحاما مع شعبنا العربيّ المقاوم في فلسطين وانخراطا مبدئيّا في معركة التحرّر الوطني الفلسطيني والمقاومة الباسلة ضدّ الغاصب المحتلّ الصّهيوني والقوى الامبرياليّة الدّاعمة له فضلا عن الأذيال العملاء المطبّعين وخاصّة من الرّجعيّة العربيّة والإقليميّة.
وأنتم تحيون الذّكرى الخامسة والخمسين لانطلاقة جبهة النّضال الشّعبي الفلسطيني، يسرّني بل يشرّفني أصالة عن نفسي ونيابة عن كلّ مناضلات ومناضلي الحزب الوطني الدّيمقراطي الاشتراكي بتونس، أن أساهم بشهادة، لن تفيَ، مهما كانت صادقة وبليغة، الشعب الفلسطيني الجبّار ما يليق به من التحيّة والإجلال وهو يعلي صوت الكفاح والصّمود رغم تألّب الأعداء عليه من الدّاخل والخارج ومن كلّ صوب وحدب، كما لن تقدرَ على ترجمة ما تستحقّونه أنتم من التّقدير والإكبار، وأنتم الذين امتشقتم مشعل النّضال لمدّة نصف قرن، تسيرون بالجبهة، منذ أسّستموها في تلك الظروف المحليّة والعربيّة المُحبِطة نتيجة المرارة التي خلّفتها هزيمة 1967 وعقم الأنظمة العربيّة واستتباب ضياع الأرض والعرض، على درب التحدّي والصمود، منتفضين كطائر الفينيق ينبجس من رماد اليأس والانكسار، لتصالحوا الشعب الفلسطيني والعربي عامّة مع الأمل في أن يكون لهم يوما ما يريدون .
انطلقتم من مدينة القدس وكان لذلك دلالته الرّمزيّة المكثّفة وكيف لا والقدس عروس العروبة ورمز الأصالة وعنوان شرعيّة القضيّة، وكان الرّهان استرجاع الحقوق السّليبة وخوض معركة التّحرير واستعادة الأرض والكرامة الوطنيّة.
تلك كانت عناوين جواز العبور إلى الانخراط الفعلي والميداني في النّضال واحتلال الموقع الرّفيع في الخارطة النّضاليّة الثّوريّة الفلسطينيّة والأمميّة: التسلّح بالاستماتة في الدّفاع عن القضيّة الفلسطينيّة والتوسّل بالموقف الوطني الأصيل الحرّ وإقرار أولويّة المعركة الوطنيّة للشعب الفلسطيني كمعركة تحرّريّة مقاوِمة للاحتلال وفي المقابل نبذ التّشتّت والتشظّي والعمل على وحدة الصفّ والدّم والعمل الوطني المشترك.
وبتلك الثوابت والقناعات شققتم الطّريق وخضتم كافّة أشكال المقاومة الجماهيرية والسياسية والمسلّحة، وشاركتم في كافّة معارك الدّفاع عن الثورة. منذ دفنتم شهداءكم، ضحايا العدوان الصهيوني 1967 ، دفنتم معهم أحزانكم وشرعتم في النضال بل طوّرتم في آلياته وارتقيتم به إلى المقاومة المسلّحة راسمين في سجلّ الفخر والعزّة عديد العمليات الفدائية البطولية إلى جانب المشاركة في معارك الثورة الفلسطينية، بدءاً من معركة الكرامة عام 1968، ومرورًا بمواجهة الاجتياح الصّهيوني للبنان عام 1982، ثم معارك الدفاع عن المخيمات عام 1985، فالمشاركة في الانتفاضات الشعبيّة المتوالية…
ولم تكن مواقفكم السياسيّة دون السّقف الذي رفعتموه لنضالكم المسلّح، كانت البوصلة دائما هي المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني، دون سقوط في أيّة مساومة أو تنازلات لا تخدم القضيّة. قاومتم كافّة محاولات الطمس والتذويب والاحتواء، وتصدّيتم لجميع أشكال التدخّل وفرض الوصاية الإقليمية والدولية، ودفعتم ثمن ذلك ملاحقات واعتقالات بل وتصفيات جسديّة، وعبثا حاولوا ترهيبكم أو ثنيكم عن مبادئكم الوطنيّة الحرّة، فقد رفضتم كلّ التّسويات السياسيّة التي تنتقص من حقوق الشعب الفلسطيني وتمسّكتم بأنّ الكفاح المسلّح هو الطريق الوحيد لتحقيق الأهداف الوطنية، وأحسنتم إدارة ثنائيّة التكتيكي والاستراتيجي عندما يلزم الأمر.
وبذلك استطعتم أن تؤمّنوا من خلال جبهة النّضال الشعبي الفلسطيني، تنظيما وطنيّا ديموقراطيّا حافظ على خطّه المبدئي ومنطلقاته الوطنيّة التي تأسّس عليها واستطاع أن ينحت مساره وسط العواصف الهوجاء مراوحا بين الثابت والمتحوّل وموجّها بوصلته إلى القدس عاصمة لفلسطين .
مع تحيّاتي الأمين العامّ للحزب الوطني النّوري التّومي.