القدس – خاص بـ “القدس” والقدس دوت كوم
حاتم عبد القادر: القضية الفلسطينية تمر في أخطر مراحلها ويجب إنهاء الانقسام والاتفاق على استراتيجية مواجهة جديدة
د. عبد الرحيم أبو جاموس: الغرب ينتهج ازدواجية المعايير حيث تُنفَّذ القرارات التي تخدم إسرائيل وتُعطَّل تلك التي تخص الشعب الفلسطيني
فدوى خضر: يجب توحيد الخطاب الفلسطيني وبناء تحالفات متينة مع الدول التي اعترفت بدولة فلسطين والمتضامنين معنا
إسماعيل مسلماني: اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني فرصة لإبراز عدالة القضية الفلسطينية على الساحة الدولية
د. مخيمر أبو سعدة: القضية الفلسطينية ستظل قائمة وحية ما دام هناك شعب فلسطيني يناضل من أجل حقوقه المشروعة
منال قادري: التضامن العربي والدولي مع الشعب الفلسطيني ظلّ شكلياً وأشبه بتضامن ناعم لا يُسمن ولا يُغني من جوع
أسامة الشريف: العالم لن يعود إلى ما كان عليه قبل 7 أكتوبر ولم يعد مقبولاً أن تستمر جرائم إسرائيل دون مساءلة أو عقاب
يبدو الفرق شاسعاً بين واقع الشعب الفلسطيني الآن، والظروف التي قررت فيها الجمعية العاملة للأمم المتحدة في العام 1977 اعتبار 29 تشرين الثاني/ نوفمبر، يوماً للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وهو اليوم الذي صدر فيه قرار تقسيم فلسطين في العام 1947. فما يتعرض له أبناء الشعب الفلسطيني في الوقت الراهن، خاصة في قطاع غزة، لا يحتاج لمجرد التضامن، بل وقفة أممية حقيقية توقف حرب الإبادة التي تشنها دولة الاحتلال، دون أدنى اكتراث بالقوانين الدولية والإنسانية والحقوقية، ولا بالمجتمع الدولي نفسه.
إن الحرب المسعورة على قطاع غزة، وما يتخللها من مجازر وجماعية وعمليات تشريد وتجويع وتدمير، تصل العالم لحظة بلحظة وبالبث المباشر والصوت والصورة، منذ أربعة عشر شهراً، جعلت من مظلومية الشعب الفلسطيني القضية الأولى في مختلف المحافل الدولية، وليست مناسبة ليوم تضامني واحد، حيث صدرت قرارات من أعلى هيئات أممية، لكن إسرائيل تساندها الولايات المتحدة لم تلتزم بأيٍّ منها، فيما انقسمت دول العالم بين من يتضامن مع الشعب الفلسطيني وينادي برفع الظلم عنه وإعطائه حقوقه المشروعة في الحرية، ودول أُخرى تقف إلى جانب دولة الاحتلال وتمدها بالذخيرة والدعم السياسي لتواصل مذابحها وأجرامها بحق الشعب الفلسطيي.
كتاب ومحللون أكدوا في أحاديث لـ”ے” أن القضية الفلسطينية تمر الآن في أخطر مراحلها، مشددين على أهمية ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي والتمسك بالعمق العربي والإسلامي، إضافة إلى الاستناد للشرعية الدولية كوسيلة للحفاظ على الحقوق الفلسطينية. وقالوا: “القضية الفلسطينية ستظل قائمة وحية ما دام هناك شعب فلسطيني يناضل من أجل حقوقه المشروعة”.
تصفية القضية الفلسطينية وتقويض حل الدولتين
قال حاتم عبد القادر، السياسي المقدسي: إن القضية الفلسطينية تمر اليوم في أخطر مراحلها منذ بدء الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي قبل أكثر من سبعة عقود.
وأوضح أن الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، بما تتضمنه من جرائم إبادة جماعية وحشية، إلى جانب ما يجري في الضفة الغربية من توسع استيطاني واعتداءات إجرامية من المستوطنين، وما تشهده القدس من عمليات أسرلة وتهويد ممنهجة، كلها تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية وتقويض حل الدولتين.
وأشار عبد القادر إلى أن إسرائيل، رغم كل الجرائم التي ترتكبها، فشلت في تحقيق أهدافها بتهجير الفلسطينيين واقتلاعهم من أرضهم.
وأضاف : “الصمود الأسطوري لأبناء الشعب الفلسطيني، خاصة في قطاع غزة، أثبت استحالة تصفية القضية الفلسطينية”.
وأكد أن الاحتلال لن ينجح في محاولاته، مهما بلغت وحشيته، في كسر إرادة الفلسطينيين أو فرض مشروعه لتصفية القضية.
وشدد عبد القادر على أهمية ترسيخ الوحدة الوطنية الفلسطينية وإنهاء الانقسام في هذه المرحلة الحرجة.
ودعا إلى الاتفاق على استراتيجية جديدة لمواجهة الاحتلال، بما يضمن حماية المشروع الوطني الفلسطيني، واستثمار الزخم الدولي والإنساني الذي اكتسبته القضية الفلسطينية نتيجة العدوان الإجرامي على قطاع غزة.
وختم عبد القادر بتوجيه رسالة للإسرائيليين، مفادها أن السلام والاستقرار في المنطقة لن يتحققا إلا بالاعتراف بالحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، وعلى رأسها إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس.
المجتمع الدولي مسؤول عن إنهاء الاحتلال
بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي د. عبد الرحيم أبو جاموس: إن يوم 29 نوفمبر من كل عام أصبح رمزاً للتضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني، ويأتي هذا اليوم إحياءً لذكرى قرار التقسيم رقم 181 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1947، والذي نص على إقامة دولتين في فلسطين: واحدة يهودية وأخرى فلسطينية، إلا أن القرار لم يُنفذ بشكل كامل، حيث أُقيمت إسرائي، فيما لم تُقم الدولة الفلسطينية حتى اليوم.
وأشار أبو جاموس إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة قررت عام 1977 اعتبار 29 نوفمبر يوماً للتضامن مع الشعب الفلسطيني، بناءً على توصية من لجنة حقوق الشعب الفلسطيني. ويُحتفل بهذا اليوم سنوياً لتأكيد حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، بما في ذلك حق العودة وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة.
وأوضح أبو جاموس أن الاحتلال الإسرائيلي ما زال العقبة الكبرى أمام إقامة الدولة الفلسطينية وبسط سيادتها، سواء على أساس قرار التقسيم 181 أو قرارات الشرعية الدولية الأخرى مثل 242 و338.
وأكد أن ممارسات الاحتلال، بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية، تحول دون تنفيذ مبدأ حل الدولتين، رغم الإجماع الدولي على ضرورة إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967.
وانتقد أبو جاموس السياسات الغربية، خصوصاً الأمريكية، التي تنتهج ازدواجية المعايير في التعامل مع القضية الفلسطينية، حيث تُنفذ القرارات التي تخدم إسرائيل وتُعطل تلك التي تدعم حقوق الفلسطينيين.
وأشار إلى أن هذا النهج الاستعماري يساهم في استمرار الاحتلال والاستيطان والعدوان على الشعب الفلسطيني.
وأكد أبو جاموس أن الشعب الفلسطيني لن يتوقف عن نضاله من أجل حقوقه، مشيراً إلى أن الفلسطينيين قد بنوا مؤسسات حكومية ومدنية تمهد لإقامة دولتهم المستقلة. ورغم كل العقبات، فإن الفلسطينيين يمتلكون جميع مقومات الدولة، وهم جديرون بحقهم في تقرير المصير وحق العودة إلى ديارهم التي هُجّروا منها.
ودعا المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة.
وشدد أبو جاموس على أن استقرار المنطقة لا يمكن أن يتحقق إلا بتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني، متمنياً أن تنضج المواقف الدولية قريباً بما يحقق تطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال.
المتضامنون بالعالم كشفوا الوجه الحقيقي لإسرائيل ويجب تكريمهم
من جانبها، قالت الناشطة النسوية المقدسية فدوى خضر: إن صمود الشعب الفلسطيني، وخاصة أهلنا في غزة، أمام عمليات الإبادة الوحشية والجرائم الفاشية التي ترتكبها الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة، يمثل رمزاً للصمود والكرامة.
وأضافت: بالرغم من الاعتقالات والقتل والنزوح والتجويع الممنهج، فإن الشعب الفلسطيني يواصل الدفاع عن حقوقه بعزيمة لا تقهر، ملحقاً خسائر كبيرة بجيش الاحتلال ومرتزقته.
وشددت خضر على ضرورة توحيد الخطاب الفلسطيني في هذه المرحلة الحساسة، والعمل على بناء تحالفات متينة مع الدول التي اعترفت بدولة فلسطين والمتضامنين مع المشروع الوطني.
وأكدت أن هذه التحالفات يجب أن تستند إلى المصداقية والوضوح، بعيداً عن التأثيرات الإمبريالية والرأسمالية الصهيونية التي تهدف إلى إفشال المشروع الوطني الفلسطيني وتشريد شعبه.
ودعت خضر إلى تكريم الشخصيات الأدبية والفنية والحركات الطلابية ولجان التضامن حول العالم التي دعمت القضية الفلسطينية وناضلت من أجلها.
وأكدت أن هؤلاء المتضامنين كشفوا للعالم الوجه الحقيقي للسياسات الإسرائيلية الفاشية، ووقفوا بشجاعة إلى جانب حقوق الشعب الفلسطيني، ما يتطلب تقدير جهودهم من خلال سفارات فلسطين في الخارج.
وأشارت خضر إلى ضرورة التحرك القيادي الفوري بوحدة صف ومصلحة وطنية مشتركة، بعيداً عن المراهنات التي قد تُفشل النضال الوطني الفلسطيني.
تجريم الاحتلال الإسرائيلي وقياداته
وأكدت أن الاستثمار في يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني يجب أن يتجاوز الشعارات إلى أفعال ملموسة، تشمل مطالبة المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه تجريم الاحتلال الإسرائيلي وقياداته على جرائمهم المستمرة.
وطالبت خضر بالتحرك العاجل لإنفاذ قرارات محكمة الجنايات الدولية بحق قادة الاحتلال، مثل بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت، والعمل على المطالبة بتعويضات عن الخسائر التي تكبدها الشعب الفلسطيني على مدى عقود، خاصة في غزة، القدس، والضفة الغربية، بالإضافة إلى معاناة الفلسطينيين في الشتات.
وحذرت من محاولات الاحتلال لتدمير وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وإغلاق مكاتبها في القدس، لما له من تأثير خطير على قضية اللاجئين وحق العودة وفق القرار الأممي 194.
وشددت خضر على رفض سياسة الكيل بمكيالين، حيث لا يمكن السماح باستمرار العنصرية والتمييز بحق الفلسطينيين، في حين تُمنح حقوق وامتيازات كاملة للبيض في ازدواجية بات العالم يرفضها في زمن انتهى فيه عهد العبودية.
العام الأكثر سخونة بالنسبة للقضية الفلسطينية
من جهته، قال المحلل السياسي المقدسي إسماعيل مسلماني: إن اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، الذي يوافق 29 من تشرين الثاني/ نوفمبر كل عام، يمثل فرصة لإبراز عدالة القضية الفلسطينية على الساحة الدولية.
وأضاف: إن هذا التضامن يعكس اعترافاً متزايداً برواية الشعب الفلسطيني كصاحب الحق والأرض، في مواجهة الرواية الصهيونية المزيفة التي تستند إلى الأكاذيب والتضليل.
وأوضح مسلماني أن العام الحالي يعد الأكثر سخونة بالنسبة للقضية الفلسطينية، خصوصاً في ظل الإبادة الجماعية التي تعرض لها قطاع غزة، من قصف وحصار وتجويع باستخدام أسلحة أمريكية متطورة.
وبيّن أن هذه الممارسات الإسرائيلية، التي تشمل قتل النساء والأطفال وتجويع السكان، تمثل تطهيراً عرقياً يتابعه العالم بالصمت والعجز.
وأشار مسلماني إلى أن الأحداث الأخيرة، خاصة بعد السابع من أكتوبر 2023، وضعت القضية الفلسطينية في قلب المناقشات الدولية، حيث باتت العدالة الفلسطينية تُذكر في كل بيت أوروبي وعالمي.
وأكد أن مذكرة الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق مسؤولين إسرائيليين ليست مجرد إدانة لأفراد، بل تُحمّل إسرائيل بأكملها المسؤولية عن الجرائم المرتكبة.
وأكد مسلماني أن الشعب الفلسطيني ما زال يسجل مواقف بطولية وصموداً أسطورياً، خاصة في قطاع غزة، حيث القضية الفلسطينية لا تزال حية في الوجدان العالمي.
وأضاف: القضية الفلسطينية تؤرق العالم كله، ورغم عجز الشرعية الدولية عن تنفيذ قراراتها بإنشاء دولة فلسطينية، فإن صمود الشعب الفلسطيني سيظل مفتاح تقرير المصير قريباً.
وانتقد مسلماني صمت الأنظمة العربية وعجزها عن دعم القضية الفلسطينية، قائلاً: “الشعب الفلسطيني يواجه الاحتلال وحيداً، كما قال محمود درويش: لماذا تركت الحصان وحيداً؟، لكنه أشاد بالدعم الذي يتلقاه الفلسطينيون من الشعوب الحرة في العالم، التي ما زالت تقف إلى جانبهم بكل قوة وإصرار.
وشدد المحلل مسلماني على أن الاحتلال الإسرائيلي لن ينعم بالأمن والاستقرار طالما لم تتحقق حقوق الشعب الفلسطيني، مشيراً إلى أن القضية الفلسطينية ستبقى رمزاً للحرية والنضال، وأن النصر قادم بإذن الله.
القضية الفلسطينية تمر بظروف صعبة ومعقدة
من جهته قال الدكتور مخيمر أبو سعدة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر، إن القضية الفلسطينية تمر بظروف صعبة ومعقدة في الذكرى الـ77 لصدور قرار التقسيم.
وأوضح أن الشعب الفلسطيني يواجه حرب إبادة وتجويع وتهجير، تم التعبير عنها بوضوح في تصريحات وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش، إلى جانب تصعيد الاستيطان في الضفة الغربية ومشاريع الضم.
وأشار أبو سعدة إلى أن انتخاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مجددًا قد يؤدي إلى مزيد من التدهور في القضية الفلسطينية، مشيرًا إلى خطورة تصريحاته العلنية التي تدعو إلى توسع إسرائيل باعتبارها “دولة صغيرة”.
وأضاف: “بالرغم من هذه التحديات، فإن القضية الفلسطينية لا يمكن تصفيتها، الشعب الفلسطيني ليس كالهنود الحمر، وما دام هناك فلسطينيون يعيشون على أرض فلسطين التاريخية وفي أرجاء العالم، ستبقى القضية الفلسطينية حية”.
وأكد أبو سعدة ضرورة العمل الجاد للحفاظ على القضية الفلسطينية، مشيرًا إلى أهمية ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي والتمسك بالعمق العربي والإسلامي، إضافة إلى الاستناد إلى الشرعية الدولية كوسيلة للحفاظ على الحقوق الفلسطينية.
وحول إمكانية إقامة الدولة الفلسطينية في ظل الظروف الحالية، قال أبو سعدة إن ذلك غير ممكن حالياً نتيجة الظروف الإقليمية والدولية، لكنه أكد أن هذا الواقع لا يعني التخلي عن حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وإقامة دولة مستقلة على أساس قرارات الشرعية الدولية.
وأكد أبو سعدة أن القضية الفلسطينية ستظل قائمة وحية ما دام هناك شعب فلسطيني يناضل من أجل حقوقه المشروعة.
29 نوفمبر منصة لتذكير العالم بالقضية الفلسطينية
أما أستاذة علم الاجتماع في جامعة تونس منال قادري، فأكدت أن يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني، الذي يصادف التاسع والعشرين من نوفمبر سنويًا منذ عام 1977، كان يُفترض أن يكون منصة لتذكير العالم بالقضية الفلسطينية باعتبارها قضية إنسانية تتجاوز حدود فلسطين، إلا أن هذا التضامن أصبح في كثير من الأحيان شكلياً وغير مؤثر.
وقالت: “قيل عنه اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، يوم للتضامن وللتذكير بقضية إنسانية وليست فلسطينية بحتة، هو فرصة أمام الفلسطينيين للفت انتباه المجتمع الدولي، وتوعية الجمهور على حقيقة أنّ القضيّة الفلسطينية لا تزال عالقة ولم تحل على الرغم من مرور عشرات السنين وصدور القرارات الدولية ذات الصلة، وأنّ الشعب الفلسطيني لم يحصل بعد على حقوقه الإنسانية- المجتمعية”.
وأضافت: “على الرغم من التنديدات والمظاهرات والشعارات، فإن التضامن العربي والدولي مع الشعب الفلسطيني ظلّ شكلياً، وصار أشبه بتضامن ناعم لا يسمن ولا يغني من جوع”.
وأشارت قادري إلى أن التضامن الحقيقي مع القضية الفلسطينية تصنعه الشعوب بدمائها، بينما يقابله صمت رسمي من قبل الحكومات.
وقالت: “إن التضامن يصنعه الشعب وتسحقة قرارات الحاكم، تضامن يرتّب له المحكوم ويقوم بإخراجه في صور متعددة، مقابل ذلك يكون القرار للحاكم بإخراج التضامن في قرارات وتشريعات فعلية لكنه خيّر ويخيّر الاكتفاء بالمتابعة والثناء على المجهودات دون سعي لخلق تشريعات أو قوانين تنصف القضية الفلسطينية وتقزّم ذلك العدوّ- الاحتلال”.
محاولات لتصفية القضية الفلسطينية نهائياً
وقالت قادري: “هي مرحلة ليست كغيرها من المراحل التي مرّت بها القضية الفلسطينية، قرارات دولية مهزومة، أصبحت ديكورية لا غير، أمام هذه الصورة المقيتة التي نعيشها، ماذا عن تضامن دولي سنوي تقوم به شعوب بسيطة تجوب الشوارع أو تذكّر بالقضية الفلسطينية في جامعات أو نواد ثقافية… هل ما زال ذلك يجدي نفعاً؟”.
وأكدت أن القضية الفلسطينية تمر بمرحلة غير مسبوقة، تتسم بمحاولات لتصفية القضية وحسم الصراع نهائياً، وقالت: “بتضامن أو بدون تضامن وبعيداً عن تلك الشعارات الإنسانية الرنّانة، عن أي تضامن نتحدث؟
بل عن أي مبادئ إنسانية نتحدث أمام صور سوداويّة لم يشهدها العالم سابقا، نحن اليوم أمام مرحلة حسم الصراع وتصفية القضية الفلسطينية، ليس لأن الرأي العام انتفض أو لأنّ الشوارع مليئة بالمظاهرات وبرفع غير مسبوق للعلم الفلسطيني، أو لأنّه من الواجب علينا التضامن مع الشعب الفلسطيني، بل لأنّنا في مرحلة رأى فيها صانعو هذه الحرب بأنّنا وصلنا للتصفية لأنّ الأهداف تحقّقت والتطورات المرجوة دولياً من طوفان الأقصى حصلت.
وقالت قادري: “القضية الفلسطينية لطالما كانت ذات أبعاد إنسانية وسياسية معقدة. وعندما تتحقق الغايات، يبدأ الحديث عن تصفية الصراع. هذه هي الطريقة التي تُدار بها الحروب وأساس إدارة القضية الفلسطينية هي غايات ترجى من ورائها ونوايا تحقّق مهما كان الثمن بشريّاً أو طبيعيّاً”.
حرب غزة شكلت تحدياً غير مسبوق للنظام الدولي
بدوره، قال المحلل السياسي الأردني أسامة الشريف: إن جميع المحاولات الرامية لتصفية القضية الفلسطينية ستفشل ولن تنجح في إنهاء الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.
وأشار إلى أن إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب منحت إسرائيل الضوء الأخضر لضم الضفة الغربية أو أجزاء منها، إلا أن هذا الإجراء لن يؤدي إلى إنهاء الصراع، بل سيخلق أزمات قانونية وسياسية مستمرة.
وأضاف الشريف: “إن ترمب خرق القانون الدولي في ولايته الأولى من خلال اعترافه بالقدس كعاصمة موحدة لإسرائيل واعترافه بضمها للجولان السوري المحتل، ومع ذلك، لم تغير هذه التحركات من واقع الاحتلال الإسرائيلي أو حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره على أرضه”.
وأوضح أن نتائج إضعاف السلطة الفلسطينية وتصعيد عمليات الاستيطان وقتل الفلسطينيين، والاستيلاء على أراضيهم وهدم منازلهم واعتقال الآلاف، ظهرت جليةً في الأحداث الأخيرة.
وأشار الشريف إلى أن العالم اليوم يقف على مفترق خطير بسبب تداعيات حرب غزة واستمرار القضية الفلسطينية.
وقال: “إما أن ينصاع المجتمع الدولي للقانون الدولي وقرارات المؤسسات الأممية، أو أن ينهار النظام الدولي القائم ومؤسساته، ما سيؤدي إلى نهاية نظام القطب الواحد الذي ثبت فشله الذريع”.
وأكد أن حرب غزة شكلت تحدياً غير مسبوق للنظام الدولي السائد منذ نهاية الحرب الباردة، حيث أصبحت الولايات المتحدة بسياساتها المنحازة لإسرائيل والغطرسة في إدارة الأزمات سبباً رئيسياً في تدمير هذا النظام.
واختتم الشريف بقوله إن العالم لن يعود إلى الوضع الذي كان عليه قبل السابع من أكتوبر 2023، مشدداً على أنه لم يعد مقبولاً أن تستمر جرائم إسرائيل دون مساءلة أو عقاب.