بقلم: يوسي يهوشع/ فقط في دولة مثل إسرائيل، يجد رئيس أركان اسبق ووزير كبير في كابينت الحرب نفسه في زيارة الى غرفة عمليات الفرقة التي يقاتل فيها ابنه، وبالذات هناك يُبلغ بموته. من تحدثوا مع غادي آيزنكوت أمس، رووا بأنه في أثناء الزيارة لم يشاهد سياق المعارك التي شارك فيها الابن العريف أول احتياط غال مئير آيزنكوت على الشاشات، لكن بعد وقت ما توجه الى غادي اللواء احتياط نداف فدان الذي يخدم في قيادة الجبهة وروى له انه في الساعة 11:56 أصيب ابنه بجراح خطيرة بانفجار عبوة في فوهة نفق في جباليا، وبعد ذلك توفي متأثراً بجراحه في مستشفى اسوتا. فأوقف آيزنكوت الزيارة كي يتوجه الى بيته في هرتسيليا ويبلغ زوجته حنه بالنبأ المشؤوم.
مأساوي جدا ان نتذكر بأن غادي هو الذي أجاد في قراءة الخريطة قبل كثير من مهاجمة «مخربي» حماس بلدات الغلاف: ففي ذروة الأزمة في الجيش بسبب التشريع القضائي حذر من مصيبة بحجم حرب يوم الغفران. قالوا عنه انه ينثر «الذعر» وتفجرت دقته في وجوهنا جميعا. لشدة الرعب، في الأيام الأخيرة أيضا انذره قلبه بالشر، كان قلقاً من القتال وخائفاً على سلامة غال، ابن الشيخوخة المحبوب الذي كان مسعفا ومقاتلا في كتيبة 699، في اطار لواء 551. وجود غال في الجبهة لم يمنع غادي من الدفع باتجاه صفقة الاسرى من جهة ومن جهة أخرى المطالبة باستخدام هجوم على الأرض اللعينة لغزة من أجل هزيمة حماس. في بداية الأسبوع تحدثنا في موضوع المناورة البرية، بعد أن كان تأخير ما في استخدام القوات، بينما كان يعرف ان ابنه في الداخل والخطر كبير قال لي: «الويل اذا لم يناوروا بقوة». سألته اذا كانت القيادة السياسية مترددة فأجاب آيزنكوت: «العكس. يجب العمل بكل القوة لأجل تحقيق اهداف الحرب». في كل لقاء مع عائلات المخطوفين، قال انه يتصرف وكأن حفيدته مخطوفة وابنه في غزة.
هذه ليست المرة الأولى التي يقاتل فيها غال آيزنكوت في غزة تحت قيادة الاب. فعندما كان غادي رئيسا للاركان أيضا، كان غال هناك في اطار خدمته في مجلان. هذه المرة انتهى الامر بمصيبة ودولة كاملة تعلن الحداد مع غادي، زوجته حنه وباقي العائلة.
في ذروة المرحلة الثانية من المناورة البرية، في الجيش الإسرائيلي يحاولون اجمال شهرين على حرب متعددة الساحات تجري أساسها ضد حماس في غزة لكن الوضع في الشمال يبقى مقلقاً حين قتل أمس مواطن بنار مضاد للدروع من حزب الله، ويتعاظم ضغط سكان خط التماس المخلين للفهم متى بالضبط سيكون بوسعهم العودة بطمانينة الى بيوتهم. ومع ذلك فان القتال في غزة يمكن أن نلخصه في جملة واحدة: حتى الآن توجد آلاف الانتصارات التكتيكية على حماس ولا يزال لا يوجد انتصار استراتيجي. في ضوء الضغط الدولي في العالم والوضع الاقتصادي في إسرائيل، بينما يصرخ المزيد فالمزيد من رجال الاحتياط للمساعدة ولا يزالون لا يتلقونها من قادة الدولة، ينبغي الامل في أن يتحقق قريبا.
لقد مرت مناورة البدء بنجاح رغم التخويفات حول قدرات الجيش البري، ووصل الجيش الى مستشفى الشفاء، المكان الذي قلة آمنوا بان القوات ستدخل ابوابه. مدينة غزة احتلت ورغم وقف النار، عاد الجيش للقتال وبقوة. والآن يركز الجيش على ثلاثة جهود: في الشجاعية، في جباليا وفي خان يونس، حيث تعمل وحدة رأس الحربة 98. حتى أمس، لم يسقط الحيان بعد، والقتال هناك ضار لكنه يتقدم. يدور الحديث عن كتيبتين لحماس الحقتا الضرر الأكبر بسكان غلاف غزة وقد استعدتا على مدى سنوات طويلة لدخول الجيش الإسرائيلي. بالمناسبة، الى الشجاعية دخل الجيش الإسرائيلي في الجرف الصامد، لكن في مخيم اللاجئين جباليا لم تطأ قدم مقاتل إسرائيلي منذ الحملات التي سبقت فك الارتباط في 2005.
في جباليا أيضا تحققت صورة ينبغي أن تكون مخطوطة في الوعي، في توثيق استثنائي لم يشهد له مثيل حتى الآن في الحرب: عشرات المشبوهين بالمشاركة في الإرهاب يرفعون أيديهم، يحتمل أن يكون هذا بعد أن استسلم بعضهم وسلموا أنفسهم لقوات الجيش الإسرائيلي. إضافة الى ذلك قتلت قواتنا مئات «المخربين» في الحيين. غولاني، المظليون، كفير، لواء 188 والهندسة يقاتلون في معارك وجهاً لوجه ويبدون تفوقاً واضحاً على العدو. يوجد قتلى وجرحى، لكن أمام التحدي من الصعب أن نرى جيشاً آخر في العالم كان سيحقق نتائج افضل في القتال فوق الأرض واساساً تحت الأرض. نحن نتألم على كل مقاتل ومقاتل من بين الـ 78 بطلاً الذين سقطوا في المناورة، لكن لحماس يوجد اكثر من 6 آلاف قتيل وآلاف عديدة من الجرحى. تعرض القطاع لخراب تام يثير منذ الآن انتقاداً داخلياً ضد قيادة المنظمة الاجرامية، التي بسبب هجومها في 7 أكتوبر قتل عشرات الاف الغزيين وأصيب مئات الآلاف.
ولا يزال من المهم القول ان إسرائيل لم تحقق الانكسار، «قرقعة» حماس. يمكن لهذا ان يكون تصفية السنوار، محمد ضيف او مروان عيسى، الأمر الذي لم يحصل بعد. هذه المهمة مكلف بها الشاباك أساساً، والى أن تأتي الفرصة، فان الجيش الإسرائيلي ملزم بأن يحقق نقطة انكسار في المعركة في خان يونس. ضغط كهذا فقط يمكنه أن يحمل حماس على قبول صفقة أخرى لتحرير مخطوفين ومخطوفات. «اذا ما سمعنا القرقعة، الجرة ستنقلب رأساً على عقب»، يقول ضابط كبير في هيئة الأركان.
ان التحدي في خان يونس هو توجيه ضربة قاضية للعدو دون المس بالمخطوفين. في الجيش يأخذون بكل الجدية الشهادات القاسية عن الظروف في الاسر والسلوك الوحشي لـ «مخربي» حماس وفرضوا قيودا على استخدام سلاح الجو والقوات الخاصة. إضافة الى ذلك فان غرفة عمليات الأسرى والمفقودين بقيادة اللواء احتياط نيتسان الون تعمل على نحو وثيق مع هيئة الأركان وقيادة المنطقة الجنوبية. المعنى هو أيام وليال ممزقة لأعصاب عائلات المخطوفين والمخطوفات، عائلات المقاتلين والجمهور كله، الذي يوجد منذ شهرين في حرب للبث الحي والمباشر، يجبي منه أيضا ثمناً اقتصادياً ولحظات قاسية حزينة جدا ستبقى ترافقنا لشدة الاسى لكن أيضا بدون خيار: اذا كنا نريد أن نكون جديرين بضحايا عائلات مثل عائلة آيزنكوت، فليس لنا خيار آخر غير النصر.
عن «يديعوت أحرونوت»