رام الله/ يكثر في الآونة الأخيرة، حديث قادة الاحتلال عن انتفاضة ثالثة وشيكة، في حين أكد آخرون انها بدأت بالفعل، وان كانت كذلك، فانها بمبادرة اسرائيلية، ففي الوقت الذي كثفت فيه قوات الاحتلال اعتقالاتها وخطفها للمواطنين، اضافة لاقتحامها بلدات واراضي زراعية، فانها تغلق كل الآفاق السياسية بتعنت حكومتها؛ الذي من شأنه ان يؤدي الى عدم ايجاد حل شامل بالمنطقة.
ووفق احصائيات وزارة شؤون الاسرى فان حجم الاعتقالات تضاعف في الشهر الاخير، لأكثر من الثلثين، حيث وصل عدد المعتقلين في شهر كانون الاول (ديسمبر) لـ 150 معتقل، بينما كان عدد المعتقلين في شهر تشرين الاول (اكتوبر) 72 معتقلا.
ما ذكر ووثق من احصائيات، يدعو للبحث حول ما اذا كانت الانتفاضة الثالثة على الأبواب، وانها كما يرى قادة جيش الاحتلال بدأت فعلا، حيث شرعوا بالاستعداد لها.
والتساؤل الذي يراود الكثيرين؛ ما هي طبيعة الانتفاضة الثالثة؟ وهل هي ناضجة؟ ام انها مازالت قيد النضوج، وما الذي تحتاجه بدايتها.
المحلل السياسي احمد رفيق عوض، يرى ان العوامل متوفرة للانتفاضة في ظل انعدام الأفق السياسية، وتضييق الاحتلال على المواطنين، وتكثيف اعتقالاته، واستفحال الاستيطان، والتهويد في القدس، اضافة الى ازدياد نسبة الفقر في المجتمع الفلسطيني.
هذا واشار عوض الى ان “ما يحتاجه قيام انتفاضة ثالثة يتمثل بعوامل مسببة وشعب مقتنع و قائد قوي، وعند توفر هذه النقاط الثلاث، لا يكون هناك مجال للعودة للوراء”.
“الانتفاضة الثالثة، لا تدعوا لها القيادة الفلسطينية بينما تنذر اسرائيل بها، وتصنع لمعطياتها اقداما لتسير، وتسعى لها من أجل الوصول لاقرب فرصة لتحقيق اهداف لا تستطيع الوصول اليها الا باستدراج الجانب الفلسطيني الى مربع العنف واعادة انتاج حالة الخطر الدائم”.
ويرى عوض ان فرصة ان يقوم الفلسطينييون انفسهم بانتفاضة ثالثة، ضعيفة، خاصة في ظل استمرار حالة الانقسام.
وقال: “السلطة الوطنية لاترى ان من صالحها قيام انتفاضة ثالثة، خاصة بعد ان انتهى الشعب من انتفاضته الثانية منذ فترة وجيزة، ولم تؤدي لنتائج ايجابية بقدر ما ارهقته.
واضاف: “حتى المواطنين انفسهم باتوا منغمسين في الهموم اليومية، في ظل تردي الاوضاع المعيشية وتذبذب الراتب، اضافة لقروض البنوك التي ارهقت كاهلهم”.
من جهته، يرى الصحفي والمحلل السياسي منتصر حمدان ان الاتفاضة الثالثة، ما هي الا تخويف للاسرائيليين من قبل قادتهم للحفاظ على تماسك المجتمع، ومنهم من يسعى للإقتناص من خصومه السياسيين، عبر اثبات ان سياساته تقود للقضاء على فرص السلام، وشحن الفلسطينيين باتجاه انتفاضة ثالثة، في حين يحاول بعضهم استخدامها كتهديد للقيادة الفلسطينية واجبارها على تقديم تنازلات سياسية.
وقال: “المفارقة ان فكرة الانتفاضة الثالثة، باتت تتداول في اوساط القادة الاسرائيليين اكثر من تداولها بين القادة الفلسطينيين، الذين يروجون لفكرة المقاومة الشعبية السلمية، ويرفضون منطلق الانتفاضة المسلحة على غرار الانتفاضة الثانية”.
و في ذات السياق، حذر الناطق الرسمي بلسان الأجهزة الأمنية عدنان الضميري؛ من تفجر موجة غضب واحتجاجات شعبية بسبب ما وصفه “فقدان الفلسطينين للامل”. حيث اتهم اسرائيل بالسعي الى انهيار السلطة لتقول للعالم ان الفلسطينين غير مؤهلين لاقامة دولة”.
تصريح الضميري اتفق مع ما قاله المحلل عوض، حيث يرى ان التمهيد لانتفاضة ثالثة من قبل اسرائيل ياتي للهروب من مأزق سياسي وضغط دولي بشأن الاستيطان، والتشويش على السلطة الفلسطينية.
وقال “اسرائيل تريد ان تجر كافة الاطراف الى المربع الذي تريده، مربع القوة لتغير المعادلة السياسية”.
القدس دوت كوم – محمد ابو الريش .