واشنطن/تقدمت إدارة الرئيس الأميركي باراك اوباما الاثنين بمشروع ميزانية لوزارة الدفاع الأميركية، يقضي بخفض عديد الجيش الأميركي إلى أصغر عدد منذ عام 1940، أي قبل دخول الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية بعامين، الأمر الذي أثار حفيظة الحزب الجمهوري، والمجمع الصناعي العسكري من ورائه، واعدين بالحيلولة دون ذلك مهما كلف الثمن.
وتقتضي الخطة التي طرحها وزير الدفاع الأميركي تشاك هيجل على الكونجرس الأميركي وأمام الشعب الاميركي بخفض عديد الجيش من 570 الفاً إلى ما بين 440- 450 الف جندي.
ويؤكد وزير الدفاع الأميركي هيجل أن الولايات المتحدة “بجيشها الجديد ومعداته الحديثة، تستطيع شن حروب على جبهات عدة في أماكن مختلفة من العالم في آن واحد، وأن حجم الجيش الجديد لن يؤثر على قدرة الولايات المتحدة في الدفاع عن أمنها ومصالحا وحلفاءها”.
وتشكل ميزانية الدفاع الهائلة في صلب الدوافع لتخفيض عديد الجيش الأميركي الحالي بحوالي 120 الف جندي، وهو القرار الذي أيدته هيئة الأركان الحربية الأميركية على أمل خفض ميزانية الدفاع بأكثر من 30 مليار سنوياً.
ويقول الحزب الجمهوري الذي يسيطر على مجلس النواب الأميركي “ستكون لذلك تداعيات على قدرات الولايات المتحدة الدفاعية، تنذر بأخطار كارثية، خاصة في محاربة الإرهاب، إلى جانب التداعيات الخطيرة على اقتصاد البلاد الذي يعاني من سياسات أوباما الاقتصادية السيئة، بإضافة 120 ألف شخص جديد إلى صفوف العاطلين عن العمل” بحسب قول النائب جو ويلسون، من ولاية كارولاينا الجنوبية.
وينص مشروع هيجل لخفض الميزانية على عدم المساس بأعداد وإمكانات القوات الخاصة التابعة للجيش، مثل “القبعات الخضر” و “الرينجرز”، ولكنها تحل قوات “السي.آي.إيه” الخاصة الموكلة بشن هجمات سرية في بقاع الأرض المختلفة، بأسماء مختلفة وبملابس مدنية، حيث تنطلق لمثل هذه المهام من قواعد سرية في البلاد التي تقيم فيها، دون معرفة الحكومات المحلية. كما أن الميزانية الجديدة تحيل إلى التقاعد طائرات (A-10) المهاجمة الملقبة “بالخنزير” من قباحتها، والتي كان لها الدور الأول في تدمير القدرات العسكرية العراقية، خاصة الدبابات، في الحرب التي شنتها الولايات المتحدة على العراق عام 1991، وكذلك طائرات التجسس (U-2) التي تعمل منذ خمسينات القرن الماضي، خاصة التي تطير على ارتفاعات عالية جداً بعيداً عن مرمى الدفاعات الارضية، علما أن الاتحاد السوفييتي تمكن من إسقاط طائرة عام 1960 ابان احتدام الحرب الباردة، وعندما نفت الولايت المتحدة ذلك، أظهر نكيتا خوريتشوف الطيار الأميركي المعتقل جيري باورز، مما أحرج الولايات المتحدة وعزز الحرب الباردة.
ويتضمن مشروع هيجل ايضا، خفض الزيادات في رواتب العسكرين الأميركيين، وخفض تكاليف الرعاية الصحية لهم، وعدم تجديد الزيادات بشكل كامل للرتب العليا (الضباط من رتبة مقدم فما فوق) لعام واحد على الأقل، كما تهدف على المدى الطويل تخفيض رواتب القوات العسكرية الأميركية برمتها بنسبة 50% .
ولا تمس الميزانية المقاتلة الجديدة (F-35) التي ستدخل الخدمة يوم 15 كانون الثاني 2015 بكلفة 157 مليون دولار للطائرة الواحدة، والتي تتقدم على الأقل بجيل كامل عن منافساتها في أي مكان في العالم، بحسب البنتاغون، علما ان إسرائيل ستتسلم سربا من هذه الطائرات العام المقبل وذلك بعد بداية خدمتها في سلاح الجو الأميركي.
وتستعد شركات السلاح الأميركية وشركات تموين وتزويد الجيش، بشن حملة ممنهجة على الرئيس الأميركي أوباما، بسبب هذه التخفيضات، واتهامه “بالمساومة على المصالح الأمنية الأميركية، في وقت تخوض فيه الولايات المتحدة حروبا في أماكن مختلفة من العالم، وتستعد فيه إيران لانتاج قنبلة نووية، وتعرض أمن حليفتنا إسرائيل وأمن حلفائنا في دول الخليج للخطر” بحسب ويلسون.
وتواجه الإدارة معركة حامية في الكونجرس، يعتقد اليمين أنه يستطيع ان يكسبها، حيث يقول مايكي ايوانج مدير معهد الأمن القومي في واشنطن: “إن وزير الدفاع هيجل جريء لاقتراحه هذا، ولكن هناك بين القوى المؤيدة لجيش كبير ومزيد من السلاح، من يعتبرون هذه وقاحة تعرض أمن البلاد للخطر، خاصة ونحن نرى أجواء مماثلة لأيام الحرب الباردة، ونرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحدى الولايات المتحدة في سوريا وإيران وأوكرانيا”.
واضاف: “في هذا العام الانتخابي للكونجرس، سيصعب على الأعضاء الموافقة على هذه التخفيضات، ولا أعتقد أن هذا المشروع سينجح رغم تأييد هيئة الأركان له، خاصة وأن الصناعات العسكرية (المجمع الصناعي العسكري) لن يتورع في صرف المبالغ الباهظة لهزيمته”.
القدس دوت كوم