اندفاع اليمين الاسرائيلي الحاكم الى اليمين الاكثر تطرفا حتى وصلت فيهم الصلافة للقول ان فلسطين غير محتلة وان القدس لليهود ولا حق للفلسطينيين فيها مسيحيون ومسلمون، ونشرهم لآلاف الجنود واطلاق العنان لهم بالقتل، ودعوتهم للنفير العام وحمل السلاح، وما قاموا به من جرائم بحق الشعب الفلسطيني خاصة في شهر رمضان، ما يشجع غلاة المستوطنين المتطرفين لمزيد من الاقتحامات والاعتداءات والتطاول ويرتكبون الحماقة الكبرى وينفذون تهديداتهم تجاه القدس والمسجد الاقصى، وان اخذت القيادة الاسرائيلية الحالية الهشة والضعيفة الاعتبار من الموقف الفلسطيني الموحد وداعميه “من العرب والمسلمين والعالم الحر وتوحدهم حول القدس واستعدادهم للتضحية واعتبارها نقطة التفجير” لخشيتها من السقوط ولانها تريد الحفاظ على تحالفها وموقعها مما اجبرها على التراجع “المؤقت” بعض الشيء ومحاولة تقليل جرائمها، فان قيادة الصهيوني المتطرف العراقي الاصل وعضو ما يسمى بالكنيست ” ايتمار بن غفير” وجماعته المسماه “لاهافا” التي تدعو الى قتل العرب، وامثالهم ال 63 جماعة وتنظيم من المستوطنين المتطرفين وكلهم مسجلين رسميا ويجمعون على تهويد القدس واستهداف المسجد الاقصى والصعود الى “جبل الهيكل” “بحسب الشريعة اليهودية”، ومن هذه الجماعات والتنظيمات ما هو سري خاصة داخل الجيش الذي اكتشف عام 1984 اثناء الاعداد لمحاولة قصف المسجد الاقصى من الجو لازالته من الوجود، ومنها جماعة فتيان التلال “شباب التلال” وهم الفاشلون في الحياة والمطرودون من اهاليهم، يعيش معظمهم في بؤر استيطانيىة اسرائيلية في الضفة الغربيىة المحتلة، ويسكنون في مباني منفردة ومبعثرة ، وهم من يهاجم الفلسطينيين بشكل دائم، ومنهم انطلقت جماعة “تدفيع الثمن” ، كما هو حال مؤسسة هيكل القدس التي تضم الفيزيائي الامريكي “لاجرت دولفين” الذي حاول مع مؤسسها “جولت فوت” التحليق فوق المسجد الاقصى وقبة الصخرة لتصويرها باشعة اكس بواسطة جهاز الاستقطاب المغناطيسي الذي ابتكره “دولفين” لتصوير باطن الارض ليثبت للعالم ان الاقصى مقام في موضع الهيكل، وهو ما يؤكد نواياهم العدوانية واستعدادهم الدائم لارتكاب الجرائم بحق فلسطين واهلها، وكل هذه الجماعات لن تبدي اهتماما لاي اعتبار وستشعل المنطقة بحماقتها عند تنفيذ مخططاتها، حاولت ذلك خلال شهر رمضان الحالي وردعها التصدي الفلسطيني، وما زالت تهدد بتنفيذ اقتحام للمسجد الاقصى خلال الاسبوع الاول من شهر ايار حيث وجهت ما يسمى بهيئة مقر منظمات الهيكل دعوة لاقتحام كبير للمسجد الاقصى في يوم ما يسمى “الاستقلال” المقرر يوم الخميس 5 ايار الجاري بين الساعة السابعة والحادية عشرة صباحا وبين الساعة الواحدة والثانية والنصف ظهرا ، حيث قالت ان هذه الدعوات تاتي بعد الاخفاق في مسيرة الأعلام بمدينة القدس المحتلة.
من جانب آخر وفي نفس اليوم من شهر ايار ستنفذ رابطة الطيارين في اسرائيل عروضا جوية استفزازية احتفالا بذات المناسبة، وفي أيار سيحيي الفلسطينيون ذكرى النكبة وتهجيرهم من بلادهم وما حل بهم من مآسي على طريقتهم باشكالها كافة وربما تاتي هذه السنة مختلفة عن كل السنين الماضية، وارتقاء عدد كبير من الشهداء وازدياد عدد الجرحى والمعتقلين والعمليات الفردية البطولية “وليست آخرها عملية سلفيت” التي نفذت في الايام الاخيرة شملت كل الجغرافيا الفلسطينية تدق جرس الانذار.
وفي شهر ايار سينفذ الجيش الاسرائيلي اكبر مناورة في تاريخه كان المفترض اجراؤها في ايار الماضي ولكن تم تاجيلها بسبب عملية سيف القدس والكل الفلسطيني، وعلى اثرها وبعدها اجرى الجيش الاسرائيلي سلسلة من التدريبات على تدارك الاخفاقات واستيعاب وتطبيق الدروس المستفادة وتحسين جاهزية وكفاءة وحداته وتحسين الدفاع على جبهة قطاع غزة ، كما اجرى عددا كبيرا من المناورات خلال العام 2021 استعدادا للمعارك القادمة وكيفية التعامل مع مختلف السيناريوهات الهجومية، وان دل هذا على شيء فانما يدل على النية المبيتة عند القيادة الاسرائيلية كما هي كل القيادات المتعاقبة على تصدير ازماتها “والتي وصلت حد الذروة الان” وتنفيذ مخططاتها من خلال ارتكاب حماقة وتنفيذ مغامرة عسكرية تجاه قطاع غزة، وتشديد الخناق على القدس والضفة الغربية وفلسطين التاريخية، تدرك القيادة الاسرائيلية بأن تنفيذ هذه الحماقة له ثمن باهض وفاتورة التصعيد ستكون مكلفة والعملية العسكرية ليست نزهة وكذلك تشديد الخناق على الفلسطينيين، وتوجهها الى هذا المخرج يؤكد على ضعفها وعدم قدرتها على ضبط المستوطنين ومنعهم من تنفيذ مخططاتهم لا سيما وان المعارضة الاسرائيلية بقيادة نتنياهو تتربص وتؤجج الموقف وتريد اسقاط حكومة الثلاثي بينيت لابيد غانتس لتحل محلهم ولو على حساب الدم الفلسطيني، كما ان هذا التصعيد يلبي رغبة (بعض) القيادة العسكرية التي تشعر بان عملية عسكرية ولو محدودة تعيد لها هيبتها التي ضربت و ثقة الجبهة الداخلية التي انعدمت بها خاصة من قبل مستوطني غلاف قطاع غزة، وهو نفس الشعور عند الاجهزة الامنية والشرطية والاستخبارية التي عجزت عن اكتشاف العمليات الفردية واظهرت عجزا اكبر عند التعامل معها وليس آخرها عملية مستوطنة “آرييل” وقبلها النقب والخضيرة وتل ابيب وجنين وكل فلسطين.
الفلسطينيون من جانبهم على دراية تامة بالمخططات الاسرائيلية، وان وضعوا تحت هذا الخيار فانهم وكما افشلوا المخططات السابقة سيفشلون المخططات اللاحقة عبر وحدتهم وتكاتفهم وتضامنهم وتكامل نضالهم واستعدادهم الدائم للتضحية تحت شعار فلسطين لنا والقدس تجمعنا.
اسرائيل القلقة على وجودها باتت تدرك حقيقة قوة الموقف الفلسطيني بشقيه الشعبي والعسكري المقاوم وقوة وصلابة وتماسك عمقه الاستراتجي، وما جرى مع الفلسطينيين في شهر رمضان ويوم القدس العالمي (الجمعة الاخيرة من رمضان) خير مثال.
وتدرك اسرائيل ايضا بأن قوة ردعها قد تآكلت امام المقاومة وتضاءلت ثقتها بداعميها وما يشكل لها عمقا استراتيجيا، وتخلي امريكا عن افغانستان وقبلها عن فيتنام خير مثال، وما يجري الان في اوكرانيا والتخلي الامريكي عنها ماثل للاذهان، لذلك زمان اسرائيل وغطرستها لم يعد ذلك الزمان.
فهل تتعظ قيادة اسرائيل من هذا الادراك قبل فوات الأوان؟؟؟؟؟
خبير ومحلل عسكري