رام الله /كشفت بيانات مصرفية صادرة عن سلطة النقد الفلسطينية، حصلت القدس دوت كوم على نسخة منها، حصول رام الله والبيرة على ائتمانات مصرفية تصل إلى ثلثي ما حصلت عليه باقي مدن الضفة والقطاع وضواحي القدس بالكامل، خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي.
وبلغ حجم الائتمان الذي حصلت عليه رام الله والبيرة حوالي 2,211 مليار دولار مقابل 1,120 مليار لمدن الضفة وضواحي القدس، و 410 مليون دولار لقطاع غزة، ما يطرح تساؤلات حول حصول رام الله على نسبة مرتفعة جداً عن باقي المدن، وهو ما يثبت بشكل أو بآخر أن التركيز عليها يعني توفير كل من البنية التحتية والفوقية لعاصمة مستقبلية.
ويوضح المستشار المالي في بنك فلسطين د. عاطف علاونة أن الأرقام التي تندرج تحت رام الله والبيرة والمبينة أعلاه يذهب ثلثها للقطاع العام، “كما أن غالبية القروض الكبيرة التي تقدمها المصارف لعملائها تتم في الإدارات العامة والإقليمية والفروع الرئيسية، أي في رام الله، لكن ليس بالضرورة أن يتم صرفها هناك، بل قد تذهب لمدن أخرى”
ويضيف علاونة أن القروض الاستهلاكية (البالغ حجمها قرابة 549 مليون دولار) تذهب في غالبيتها لموظفي السلطة، ومعظمهم متواجد في رام الله، والقروض العقارية والإسكان أيضاً في رام الله.
وكانت نابلس على سبيل المثال حتى بداية الانتفاضة الثانية العاصمة الاقتصادية للضفة الغربية، لكنها اليوم تراجعت بشكل كبير جراء العوائق الإسرائيلية المفروضة على مداخلها، وتدمير بنيتها التحتية.
وبلغ حجم الائتمان الذي حصلت عليه المدينة خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي 321 مليون دولار تقريباً فقط، والتي تأتي في المركز الثاني حسب توزيع الائتمان جغرافياً بعد رام الله والبيرة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذا المبلغ توزع على القطاعات الانتاجية والاستهلاكية معاً.
كما أن الخليل التي تضم أكبر تجمع صناعي في الأراضي الفلسطينية، لم يكن نصيبها من حجم الائتمان إلا 190 مليون دولار فقط، وهو مناقض لحجم التجارة التي تعيشه المدينة.
من جهة أخرى، فقد بلغ حجم التسهيلات الائتمانية التي حصلت عليها ضواحي القدس (الرام والعيزرية) نحو 137 مليون دولار فقط، أي أقل بثماينة عشر مرة عن محافظة رام الله والبيرة توزعت عى القطاعات الانتاجية والاستهلاكية.
ويجد علاونة أن كل من نابلس والخليل اللتين كانتا تشكلان قوة اقتصادية في السابق، واجهتا اليوم منافسة من رام الله لأسباب إدارية واقتصادية، “حيث كان لوجود مراكز السلطة ومؤسساتها والإدارات العامة والإقليمية للشركات المالية والمصرفية والشركات المساهمة العام، أثراً لاحتلال رام الله صدارة مدن الضفة.”
لكنه نوه أن الائتمان لا يقدم النتيجة الحقيقية للتطور الاقتصادي في أي مدينة، “بل هناك مؤشرات أخرى يمكن الاعتماد عليها، كعدد العمالة وحجم الاستثمار، وغيرها من المؤشرات التي يمكن الاعتماد عليها لقياس تقدمها الاقتصادي.”
وأشار إلى أن إغراق السوق الفلسطينية بالمنتجات الرسرائيلية والصينية، وتفكك عدد من الشركات العائلية أدت إلى اندثار عدد من المصانع، والتي ساهمت في تراجع قوة المدن الاقتصادية.
في المجمل، فقد بلغ حجم التسهيلات المصرفية التي حصلت عليها الضفة الغربية وضواحي القدس نحو 3,420 مليار دولار، في حين يبلغ مجموع التسهيلات المصرفية في الضفة والقطاع والقدس نحو 3,829 مليار دولار.
وفي قطاع غزة، فقد وصل حجم الائتمان المصرفي حتى شهر 9 من العام الحالي إلى 410 مليون دولار توزعت على مدن غزة وخانيونس ورفح ودير البلح والنصيرات وجباليا، حيث لا يشكل هذا الحجم شيئاً أمام عدد السكان، والحاجة للاستثمار هناك.
من جانب آخر، كان مجمل ما حصل عليه القطاع العام من حجم التسهيلات حوالي 1,115 مليار دولار، مقابل 2,713 مليار دولار، متوزعة على اثني عشر قطاعاً، كان للسلع الاستهلاكية والسيارات الربع تقريباً من مجموعها، في حين لم يتجاوز حجم الائتمان في القطاع الزراعي 1 ٪ فقط.
وقال علاونة “للأسف، رأس المال جبان، يذهب دائماً إلى القطاعات الأسهل، نظراً للظروف الحالية، وبرأيي أن القروض الزراعية لا يحصل عليها أفراد، بل لمشاريع تعود إلى شركات كبيرة”، منوهاً إلى انخفاض حجم الائتمان في القطاع الزراعي يعود إلى البيئة الزراعية والسياسية غير المستقرة.
وعلى الرغم من قيام السلطة الفلسطينية ببناء مناطق صناعية وزراعية في كل من بيت لحم والخليل، أي بعيداً عن رام الله، إلا أن الاستثمار هناك بقي ضمن محاولات فردية فقط، في حين تسعى شخصيات اقتصادية رسمية إلى تشجيع الاستثمار في فلسطين من خلال جولات في عدد من دول العالم، كان آخرها عقد الملتقى الاقتصادي الفلسطيني الإيطالي في روما أمس.
كما أنه وحسب تقرير ممارسة أنشطة الأعمال الصادر عن البنك الدولي خلال شهر أيلول الماضي، فقد أظهر أن السياسة الاستثمارية الفلسطينية لا تقدم أي تسهيلات تذكر، عدا عن ارتفاع نسبة الفوائد للقروض المقدمة.
القدس دوت كوم – محمد عبد الله .