رام الله- الحياة الجديدة- فداء حمود- تعيش مرح عرار في قريتها قراوة بني زيد شمال غرب رام الله، وتحمل في قلبها أملاً لا ينضب وألمًا لا يهدأ، قصتها بدأت قبل تسع سنوات عندما وافقت دون تردد على الزواج من ابن خالها إسماعيل عرار، الذي ولد وعاش في الأردن ولم يحمل الهوية الفلسطينية. “كنت أعرف من البداية أن الموضوع صعب”، تقول مرح، “ولكن كان عندي أمل أن يحصل على الهوية في وقت قصير”.
في فترة خطوبتها، بدأت مرح رحلتها المضنية نحو هيئة الشؤون المدنية عدة مرات خلال العام، لتقديم معاملة لمّ شمل لزوجها، العملية تتطلب العديد من الإجراءات، أهمها تقديم وثائق تثبت القرابة من الدرجة الأولى، مثل عقد الزواج، وصورة عن هويتها الشخصية وجواز سفره، وصور شخصية لهما. أعطيت مرح رقمًا لمتابعة الحالة، وكان الأمل يملأ قلبها كلما ذهبت إلى الهيئة.
خلال هذه الفترة، زار عرار فلسطين عدة مرات، أحب البلاد والمعيشة فيها، ورأى فيها فرص عمل بأجور مناسبة مقارنة بالأردن، إحدى زياراته كانت من خلال تصريح زيارة لمرة واحدة فقط، بينما كانت الزيارات الأخرى عبر بطاقة “فيزا” باهظة الثمن، حصل عليها عن طريق المكاتب السياحية وبالتنسيق مع الجانب الإسرائيلي، كانت الفيزا محددة بعشرة أيام فقط، وكان يخشى أن يبقى في البلاد أكثر من ذلك لأن ذلك يتطلب مبلغًا كبيرًا يصل إلى 10 آلاف دولار في حسابه كضمان.
بعد زواجهما في الأردن، لم يسمح لعرار بالقدوم إلى فلسطين، استمرت مرح في رحلتها اليومية إلى هيئة الشؤون المدنية، تتابع اسمه ضمن القوائم، على أمل أن يكون ضمن من حصلوا على الهوية، خلال فترات رمضان والأعياد، كانت تقدم طلبات للحصول على تصريح، ولكن إسماعيل لم يحالفه الحظ أبدًا.
تقول مرح: “هيئة الشؤون المدنية تقول إن الأمر مرتبط بإسرائيل، والأولوية للتصاريح والهويات تكون للموجودين داخل البلد”، رغم ذلك، لم تفقد مرح الأمل، فقد أصبحت أمًا لثلاثة أطفال، وشاركت في العديد من الاعتصامات للمطالبة بأبسط حقوقهم ولمّ شمل عائلاتهم، لكن كل المحاولات باءت بالفشل.
في نهاية المطاف، لجأت مرح إلى عدة طرق لمساعدتها كان آخرها التواصل مع محامٍ من الداخل الفلسطيني، دفعها ذلك إلى دفع مبلغ مالي كبير يقارب 2000 دينار كدفعة مبدئية، واستمرت المحاولات سنة كاملة دون نتيجة، ما اضطرها إلى سحب الملف والمبلغ، ما زادها شعورًا بالضياع وعدم الاستقرار، خلال تلك الفترة، تعرض الكثير من الأشخاص للاستغلال والاحتيال دون أي تقدم في أمورهم.
لم يكن الأمر سهلاً على مرح، حيث كانت تتنقل برفقة أولادها بين فلسطين والأردن لقضاء فترات طويلة عند والدهم ، بتكاليف عالية وضريبة مغادرة تزيد من معاناتها ،تقول: “نحن أربعة ومعي أطفال، الموضوع كثير صعب وبتغلب كثير، يعني ما بحس باستقرار مرة هنا ومرة هناك”.
معاناة مرح ليست معاناة فردية، فقانون “لم الشمل” أصبح كابوسًا يخيم على آلاف العائلات التي تعيش في مصير مجهول وآمال معلقة على قوائم الانتظار المجمدة منذ سنوات.
بالصبر والأمل، تستمر مرح في رحلتها لإعادة لمّ شمل عائلتها، غير مستسلمة للظروف الصعبة، حاملة في قلبها شعلة الأمل التي لا تنطفئ.