نعيش مرحلة خطيرة من التطورات, فهناك حكومات عربية غنية تقوم بدور احد فكي الكماشة الضغط المالي والسياسي على الرئيس ابو مازن والشعب الفلسطيني أملا في الحصول على تنازل عن ثوابت فلسطينية وطنية، وفقا لأجندة اسرائيلية يسهل طريقها الى مركز القرار في دول خليجية بعض مراكز القوى ( فلسطينيين ) سابقين وحاليين يعملون كمستشارين أمنيين للامراء الحاكمين، ويضفون عليها تعديلات بنكهة المواقف الشخصية من رئيس الشعب الفلسطيني وقائد حركة تحرره الوطنية.
يضغط بعض من في القمة السياسية الرسمية العربية الذين وقعوا على تعهد بتأمين مظلة مالية وسياسية للقدس ولمقاومة الشعب الفلسطيني السلمية، وبرنامج صموده من اجل اعادة ابو مازن صاغرا الى طاولة المفاوضات مع حكومة اسرائيل.. وكأن هؤلاء يقطعون الشك باليقين أنهم معنيون بتعطيل وعرقلة الانجاز السياسي الفلسطيني في الأمم المتحدة ( دولة فلسطين بصفة مراقب ) لأنهم في المرة الأولى -حتى اللحظة الأخيرة -كانوا يحاولون بوسائل تهديد مباشرة وغير مباشرة منع الرئيس ابو مازن عن الذهاب الى مجلس الأمن والأمم المتحدة.
نفهم ? ولا نتفهم – عمل هؤلاء كسماسرة لصالح سياسة الادارة الأميركية فيما يخص ملف الصراع مع ايران، ومشاكل وأحداث في دول مايسمى ( الربيع العربي ) وغيرها بالمنطقة العربية كسوريا ومصر وتونس وليبيا, لكن بعضهم وصل الى التنافس بالحصول على وكالة الضغط على الرئيس ابو مازن, وتبليغ الاملاءات الأميركية – الاسرائيلية للقيادة الفلسطينية وتهديد الرئيس محمود عباس «حرفياً» بأنه لن يقوم بدعم السلطة الفلسطينية طالما بقيت مواقفه على ما هي عليه دون تغيير. وبالطبع فان الرئيس الذي قال للشعب ارفعوا رؤوسكم فانتم فلسطينيون لايحني رأسه، فاسمعهم ما يجب ان يسمعوه، فالقائد التاريخي لا يفرط بكرامة الشعب وأهدافه وثوابته الوطنية وبرنامجه السياسي من أجل حفنة دولارات !!!.حتى وهو يعلم أن هدف مجموعة الضغط المتألفة من ( حكام عرب اغنياء, والادارة الأميركية واسرائيل ،ومستشارين أمنيين ووكلاء تجارة اسلحة مع اسرائيل ) هو احراجه واضعاف مكانته لدى الشعب الفلسطيني، وكل ذلك تمهيدا لطريق خالد مشعل ( البديل ) الذي قبل الحلول الوسط والدولة المؤقتة، وبعث رسالة ( قبول ) بطروحات وحلول الدول العربية الضاغطة الى الرئيس اوباما عبر قناة عربية رسمية على مستوى عال جدا.
نجح الاسرائيليون والأميركيون في تخويف دول الخليج العربي من ايران, كما نجحوا بدفع الصراع الوطني الفلسطيني – الاسرائيلي، وكذلك العربي الاسرائيلي الاحتلالي الاستيطاني الى الى أدنى درجة في سلم الصراعات الثانوية، وحولت الصراع المذهبي مع ايران النووية الشيعية الى صراع يحتل اعلى درجة في سلم الصراعات الرئيسة, والأفظع من كل هذا, اقحمتها في صراعات داخلية في دول عربية، وغذت بالمال والسلاح قوى وجماعات مذهبية طائفية، فيما منطلقات الحركات الجماهيرية الشعبية في أقطار « الربيع العربي « لم تكن الا للمطالبة بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية, وقيام الدولة المدنية .
قد لا يعلم قادة فلسطينييون مجتمعون في القاهرة لبحث تطوير وتفعيل منظمة التحرير معنى اصرار ابو مازن على استعادة الوحدة الوطنية, وتوحيد القرار والنظام السياسي الفلسطيني، وكذلك المضي على هدي برنامج سياسي متفق عليه يؤمن المصالح العليا للشعب الفلسطيني ويعزز الصمود والبقاء والتجذر في الأرض الفلسطينية, وتحديد اساليب وأدوات المقاومة الشعبية السلمية، بما يكفل تحقيق هدف معركة الدولة في الأمم المتحدة.. فابو مازن يعلم أن الذخر الاستراتيجي يكمن اولا وأخيرا بين جناحي الشعب الفلسطيني في الوطن والمهجر، وان الوحدة الوطنية والالتزام ببرنامج سياسي سيقطع الدروب على الذين يناورون لاستغلال نقاط الضعف للتسلل بقصد اضعاف الموقف الفلسطيني لصالح اسرائيل والادارة الأميركية, فنيل رضا الادارة الأميركية واسرائيل بالنسبة لبعض الحكام العرب الأغنياء أهم من الوفاء للقدس وشعب القضية المركزية للأمة العربية .
ما هي الا مؤامرة مدروسة لرفع الغطاء عن شرعية القضية الفلسطينة ومركزيتها .ولقطع جذورها القومية, ومن يدري فلعله تمهيد لقطعها من عمقها وامتدادها الانساني!.
الحياة الجديدة.