بعد أشهر قليلة تنتهي فترة الأشهر التسعة التي حددها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري كموعد لإنجاز اتفاق بين الفلسطينيين و”إسرائيل”، حيث تختتم المفاوضات الدائرة حالياً .
كيري يعود مجدداً بعد أيام للوقوف على ما حققته المفاوضات، حيث سيجد أنها تراوح مكانها وكما بدأت، وأن الأشهر المتبقية ستكون كما الأشهر التي انقضت، لأن “إسرائيل” غير جادة في التوصل إلى أي اتفاق، إلا بشروطها، وهي تستغل الوقت للمضي قدماً في ابتلاع الأرض وتهويدها .
الوزير الأمريكي يعرف أكثر من غيره، ماذا تريد “إسرائيل” وماذا تفعل، كما أنه يعرف لماذا تتصرف “إسرائيل” هكذا متحدية الشرعية الدولية والعالم بأسره .
أجل يعرف أن بلاده لا تقوم بدورها كوسيط نزيه في المفاوضات، و”إسرائيل” تعتمد على دعم أمريكي غير مشروط، وعلى انحياز متواصل من الإدارات الأمريكية المتعاقبة يؤمن لها الغطاء السياسي والقدرة على تحدي العالم . بل إنه يعرف أن “إسرائيل” تماطل، كما ماطلت طوال عشرين عاماً من المفاوضات، إذ لا يكفي أن يقول كيري بأن الاستيطان غير شرعي، فهذا كلام لا يُصرف لدى “إسرائيل” طالما هي مطمئنة إلى علاقات تحالف استراتيجي تتجاوز أي خلافات في وجهات النظر حول أي قضية .
لذا ليس متوقعاً أن يمارس كيري وإدارته أي ضغوط على “إسرائيل” لحملها على التخلي عن شروطها وأهمها الاعتراف بيهوديتها وبالقدس “عاصمة أبدية” لها، والتخلي عن حق العودة .
على السلطة الفلسطينية من جانبها، إذا كانت مصرّة على المفاوضات حتى نهاية الأشهر التسعة جراء ضغوط من جانب الولايات المتحدة وغيرها رغم يقينها باستحالة التوصل إلى أي اتفاق، أن تعد بدائل الفشل بوضع استراتيجية مواجهة بعيدة المدى على قاعدة الوحدة الوطنية وإنهاء حال الانقسام، والعودة إلى الشعب الفلسطيني باعتباره صاحب القرار والسلطة والقادر على تحمل عبء مواصلة الصراع .
إن المرحلة تقتضي إعداد برنامج وطني نضالي يضع كل إمكانات الشعب الفلسطيني في الحسبان، ومنها الإعداد لانتفاضة ثالثة، لأن مثل هذا العدو لا يفهم إلا لغة القوة، كي يفهم أن الحق الفلسطيني لا يسقط بالتقادم، ولا بمفاوضات عبثية.