لا أدري كيف أنعيك أو أرثيك أخي وصديقي وزميلي ورفيق الدرب ، الشهيد ابن الشهيد ، الشاعر المبدع ، الحبيب الإنسان طيب القلب ” سليم مصطفى النفار ” ، منذ أيام ونحن نحاول أن نداري الخبر ، فكل الأصدقاء والزملاء يتساءلون : ما هي أخبار سليم ، وكأننا لا نريد أن نؤكد سبب الغياب.
كان آخر اتصال لي معه قبل نحو شهر ، سألته عن مكان وجوده ، أجابني أنه لم يغادر بيته في شارع النصر بمدينة غزة ولن يغادره ، لأنه لا يوجد مكان آمن في قطاع غزة ، حاولت بعد ذلك الاتصال به مرارا ، دون رد .
هذا الصباح جاء النعي من زملائه وأصدقائه من الكتاب والشعراء ، لم أستطع أن أتمالك نفسي واجهشت بالبكاء ، وأنا أتلقى مكالمات العزاء من الاصدقاء من الوطن والمهجر ، لقد أوجعتني يا أبا مصطفى بهذا الغياب ، ومن معك من أسرتك كلها ، بصاروخ أميركي وطائرة أميركية بيد طيار إسرائيلي حاقد على الشعر والشعراء ، وعلى كل من هو فلسطيني ، في حرب الإبادة بحق الشعب الفلسطيني في غزة.
أعرف يا سليم كم كنت تحب فلسطين، التي تربيت على حبها على يد والدك الشهيد ” أبو سليم ” الذي قضى شهيدا في البحر وهو ينقل السلاح للثوار من سوريا إلى لبنان بزورقه عام 1971 ، فعشت يتيما مع أمك – رحمها الله – التي أرضعتك حب الوطن ، وتربيت شبلا في مخيم الرمل على ساحل مدينة اللاذقية ، لأنك تعشق زرقة البحر ، مثل والدك الشهيد من شاطئ يافا ، إلى مخيم الشاطئ بغزة ، إلى ساحل بحر اللاذقية ، كنت تحلم بيافا كما كنت تحلم بغزة، فيافا الجميلة عروس البحر الفلسطيني مسقط رأس أبيك، وغزة الجريحة موطن اللجوء من يافا، ، ولكنهما تعيشان بداخلك، وكل فلسطين من نهرها إلى بحرها كانت حلمك الأبدي.
واليوم وأنت تكتب بالدم «سفر الرحلة» الأخير، والقصيدة الأخيرة ، قصيدة الشهداء ، التي سيحفظها تلاميذ عزة ، أقول لك يا صديقي: إن برتقال يافا ما زال بانتظارك يا سليم ، وميناء الصيادين في حي العجمي ينتظرك يا سليم ، وبحر غزة ما زال بانتظارك يا سليم ، فأخبرني بالله عليك متى ستعود ، لأتمكن من مرافقتك في رحلتك الحلم .
فإلى جنان الخلد شهيدا إن شاء الله ، ولا نقول إلا ما يرضى الله ” إنا لله وإنا إليه راجعون ” ، وإنا بإذن الله لوصيتك حافظون .