رفع الضرائب على الشركات وذوي الدخل المرتفع هو أبرز ما تضمنه «مانيفستو حزب العمال» البريطاني الذي يأمل من خلال طرحه هذه العناوين جذبَ الناخبين إليه قبل الانتخابات العامة المبكرة في 8 حزيران، في معركة ستكون حاسمة إلى حدّ كبير بالنسبة إليه وإلى منافسه الأول حزب «المحافظين»
بلهجة أقوى عن نسخته المسرّبة، صيغ الإعلان النهائي لحزب «العمال» البريطاني الذي قدمه رئيسه جيريمي كوربين أمس، بعد أيام من تسريب المسودة. ومع بعض التعديلات، تضمنت النسخة النهائية العناوين العريضة نفسها للإصلاحات التي ينوي كوربين إدخالها في حال فوزه على «المحافظين» في الانتخابات العامة المبكرة في 8 حزيران.
ويبدو أنّ إصلاحات «العمال»، في ظلّ الاستياء من سياسات «المحافظين»، تلقى صدى إيجابياً، إذ تحدثت صحيفة «ذي إندبندنت» عن استطلاع جديد للرأي يبين زيادة الدعم لـ«العمال» في وتيرة سريعة، رغم تفوق «المحافظين» عليه حتى الآن.
في المقابل، فإن الإعلان الذي ركز على التعليم وتأميم بعض المرافق، أثار قلق أوساط الأعمال ودفع بعض الصحف إلى توصيف توجه «العمال» بأنه «راديكالي» و«يساري متطرف»، فيما عبرت «دايلي مايل» عن القلق من «ضرائب غير مسبوقة بقيمة 50 مليار جنيه من أجل تمويل إنفاق موجة التأميم». وعنونت صحيفة «لندن إيفنينغ ستاندارد»، من وحي ما يوصّفه «المحافظون» بأنه التوجه «المتطرف» لكوربين، أن «الرفيق كوربين يرفع الراية الحمراء».
وتضمن الإعلان النهائي استحداث ضريبة دخل بنسبة 45 في المئة على من يزيد دخلهم في السنة على 80 ألف جنيه، وضريبة بقيمة 50 في المئة على من يزيد دخلهم على 123 ألف جنيه في سنة، ما يعني، وفق كوربين، أن المدخول الذي يتأتى من تلك الضرائب سيرتفع ليبلغ 6.4 مليارات جنيه في السنة. ووفق الإعلان، فإن حكومة «العمال»، بذلك، ستجمع مدخولاً عاماً من الضرائب الجديدة بقيمة 48.6 مليار جنيه سنوياً، وهي ضرائب ستطاول الشركات بصورة خاصة. وستصرف أموال الضرائب تلك على تنفيذ وعود أوردها «العمال» في إعلانه، وخصوصاً توفير التعليم الجامعي المجاني.
بالإضافة إلى ذلك، تضمن الإعلان النهائي تأكيداً لخطة «العمال» لإعادة تأميم سكك الحديد وجزء من أسواق الطاقة، وزيادة تمويل «هيئة الخدمات الصحية الوطنية» بقيمة 30 مليار جنيه ووقف خطط تعديل وظائف الهيئة. وسيطاول التأميم أيضاً مصلحة المياه، وهي نقطة لم تذكر في النسخة المسربة، إذ يقول «العمال» إن قيمة فواتير المياه قد ارتفعت بنسبة 40 في المئة منذ تخصيصها في عهد مارغريت تاتشر عام 1989، ولذلك يهدف التأميم إلى خفض تلك الفواتير.
وتضمنت خطة «العمال» أيضاً إعلاناً ضمنياً بأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) سيعني نهاية لحرية تحرك لمواطني الاتحاد الأوروبي، متحدثاً عن طرح خطة جديدة لتعديل الهجرة. أما في ما يتعلق بـ«حلف شمال الأطلسي»، فبيّن الإعلان بنحو ضمني التزام «العمال» تجاه الحلف، مع التأكيد أن بريطانيا عمالية ستلتزم بنسبة 2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في الإنفاق الدفاعي.
وفيما حاول «العمال» إبراز طرق تمويل خطته الاقتصادية والمالية، إلا أن بعض الشكوك ما زالت تحيط بها، إذ رأى لاري إليوت في صحيفة «ذي غارديان» البريطانية أنه خصوصاً في مجال إعادة تأميم بعض القطاعات، فإن تكاليف العملية قد تكون مرتفعة، ولا يبدو أن «العمال» قد بين كيف ستدفع حكومته تلك التكاليف.
في المقابل، رأى أوين جونز في الصحيفة نفسها أن «مانيفستو العمال هو نموذج لليسار الذي يعاني في العالم أجمع»، إذ إن طروحاته تجيب عن «المشاكل الكبرى التي تعوق واحداً من أغنى البلدان في العالم». وتابع جونز أنه محاولة لمواجهة «أزمة الهوية والرؤية التي تواجه الديموقراطيات الاجتماعية في الغرب»، مضيفاً أن النموذج البريطاني الحالي «المكسور»، يجد حلاً له في «مانيفستو العمال».
وفي ظلّ إشارة استطلاعات الرأي، حتى الآن، إلى تقدم «المحافظين»، فإن مصير «العمال» بقيادة كوربين في حال هزيمتهم في الانتخابات البرلمانية قد يكون «إعادة صناعة» للحزب، وفق تقرير في مجلة «بوليتيكو» التي أشارت استناداً إلى مصادرها إلى أن مجموعة من نواب العمال قد ينشئون حركة خاصة بهم في حال الهزيمة في حزيران المقبل.
(الأخبار)