رام الله/ اطلاق صفارة قطار المصالحة الوطنية بالتحضير لعودة عمل طواقم لجنة الانتخابات المركزية في قطاع غزة، ينبئ بان المحطة الثانية ستكون تشكيل حكومة التوافق الوطني، في حين ان المرحلة الثالثة يجب مرورها عبر المؤسسة التشريعية المفترض بها تشريع الاتفاقات السياسية تمهيدا لاتمام المصالحة.
مشاورات تشكيل حكومة التوافق سوف تبدأ بالتزامن مع بدء عمل لجنة الانتخابات في تحديث السجل الانتخابي في الحادي عشر من الشهر الجاري، على ان يتم عقد جلسة للمجلس التشريعي بعد شهر من تشكيل حكومة التوافق.
وحتى انجاز تلك الخطوات فان الحياة الوظيفية تتعطل في مكتب هيئة رئاسة المجلس التشريعي في مدينة رام الله، بعكس بقية اقسام المبنى الاخرى التي تبذل جهود كبيرة من اجل الزام الموظفين بالدوام الرسمي وانتظام العمل فيها.
مكتب هيئة المجلس يقع في الجزء الجنوبي من المبنى في حين يقابله مكتب امين عام المجلس، ابراهيم خريشة، الذي يستقبل نوابا ومسؤولين رسميين للتباحث والنقاش وممارسة مهامه الوظيفية في تدبر اوضاع الموظفين العاملين في المجلس من اجل الحفاظ على المؤسسة البرلمانية.
لحظة وصولك الى قسم الامانة العامة في المجلس تلمس نشاطا ملحوظا من الموظفين، لكنك تستشعر حالة الملل والضيق في اوساط الموظفين التابعين لهيئة رئاسة المجلس كونهم لا يجدون شيئا يعملونه منذ انتهاء الفترة القانونية لهيئة رئاسة المجلس وغياب النواب عن ذلك القسم.
القاعة الرئيسية لعقد جلسات المجلس تقع في مبنى قديم قبالة المجلس الحالي، وما زالت على حالها منذ تعطل العمل البرلماني، والآن تستظل تلك القاعة بمظلة زرقاء اللون لكنها مهمشة بفعل المنخفض الجوي الاخير، حيث نصبت تلك المظلة فوق المبنى لمنع دلف المياه الى داخل قاعة جلسات النواب.
المجلس التشريعي تعرض لاستهداف اسرائيلي عبر اعتقالات واسعة طالت نوابه بما في ذلك رئاسة المجلس، لكنه دخل حالة «غيبوبة برلمانية ذاتية» منذ ان قاطع نواب حماس الجلسة التي دعا لها الرئيس محمود عباس حينما جرى تكليف، النائب سلام فياض، تولي مهام رئاسة الوزراء، ومنذ ذلك الحين والمؤسسة البرلمانية التي من المفترض لها ان تعبر عن صوت الناخبين وتدافع عن مصالحهم، تعاني من حالة التغيب والتهميش كأحد تداعيات الانقسام الداخلي المتواصل.
لكن الحديث عن المصالحة الوطنية والجهود المبذولة لاتمامها يمهد الطريق لدب الحياة في المؤسسة البرلمانية على قاعدة التوافق بين الكتل البرلمانية التي ستكون مهمتها تشريع الاتفاق السياسي عبر تعديل البنود المتعلقة باجراء الانتخابات خاصة البند الذي ينص على اعتماد 50% للقوائم و50% للدوائر، سواء عبر اعتماد نص اتفاق القاهرة الذي يدعو الى اعتماد 75% للقوائم و25% للدوائر او اعتماد المرسوم الرئاسي الذي اصدره الرئيس عباس باعتماد التمثيل النسبي الكامل.
النائب مصطفى البرغوثي، الذي يقود اجتماعات لجنة الحريات المنبثقة عن اتفاق المصالحة، قال لـ(الحياة الجديد): «مشاورات تشكيل الحكومة ستبدأ بالتزامن مع بدء عمل لجنة الانتخابات»، موضحا ان الخطوة التالية ستكون تشكيل الحكومة يتبعها عقد جلسة للتشريعي بشهر.
جلسة التشريعي تتطلب من الرئيس عباس الدعوة لعقدها على ان تقوم هيئة رئاسة المجلس الحالية بافتتاح اعمال الجلسة، ثم تتم دعوة اكبر الاعضاء واصغرهم سنا لتولي ادارة الجلسة واجراء انتخابات جديدة لهيئة رئاسة المجلس لتكون بمثابة اعلان لدب الحياة في المؤسسة البرلمانية.
سلطات الاحتلال التي لعبت دورا بارزا في تعطيل المجلس التشريعي، عادت الى سياسة استهداف النواب واعتقالهم في محاولة لاجهاض تفعيل المؤسسة البرلمانية واستباق الجهود الفلسطينية في انجاز المصالحة من خلال مفاقمة الخلافات الداخلية بهذه الاعتقالات.
البرغوثي كشف بان هناك اجماعا سياسيا على اهمية الجهود الفلسطينية لانجاز المصالحة وحماية جلسات التشريعي من خلال اعتماد التوافق بين النواب على كافة القضايا المطروحة للنقاش الامر الذي يسحب البساط من تحت اقدام اسرائيل للتدخل في الوضع الداخلي.
النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي د.حسن خريشة، قال لـ(الحياة الجديدة):» التوافق بين النواب سيكون بديلا عن الاحتكام لمنهج الاغلبية في ادارة العمل البرلماني».
واضاف: «المهم ان نصل الى نقطة الاتفاق السياسي وحينها تكون الامور بالغة السهولة في ترجمة ذلك الاتفاق وتشريعه قانونيا واجرائيا».
امين عام المجلس، ابراهيم خريشة، قال لـ(الحياة الجديدة): «الاجراءات الفنية لعقد جلسات التشريعي هي الاسهل اذا ما تم التوصل الى اتفاق سياسي جدي نحو اتمام المصالحة الوطنية»، مشيرا الى ان الامانة العامة في المجلس قادرة على توفير كافة متطلبات استئناف العمل في المؤسسة البرلمانية اذا ما اتخذ قرار سياسي بهذا الاتجاه.
التحضيرات المطلوبة لاستئناف جلسات التشريعي حسب الاتفاق تتطلب اعادة صيانة وتشغيل نظام الربط الالكتروني»الفيديو الكونفرنس» باعتباره الوسيلة الوحيدة التي ستربط ما بين المجلسين في الضفة وغزة بعد غياب طويل، مع فارق ان للمجلس في مدينة رام الله قاعة يمكن لها استيعاب النواب، في حين ان مقر المجلس في غزة دمرته صواريخ وقذائف الاحتلال.
الحياة الجديدة – منتصر حمدان .