غزة وفا- (خضر الزعنون)/بعد واحد وخمسين يوما من العدوان الشرس الذي شنته إسرائيل على قطاع غزة، ودمرت عشرات آلاف المنازل والممتلكات والمساجد والمصانع والمؤسسات والمستشفيات والمقابر، وأزهقت أرواح آلاف الشهداء والجرحى، إلا أن الحياة بدأت تعود إلى طبيعتها مع دخول وقف إطلاق النار الدائم والمتبادل حيز التنفيذ.
ومع بداية أول أيام سريان التهدئة، توجه المواطنون إلى منازلهم المدمرة (نحو 50 ألف منزل دمر كليا وجزئيا) وهم يهنئون بعضهم بعضا، ويعزون أنفسهم بالشهداء والجرحى (أكثر من 2140 شهيدا و11100جريح، منهم ألف معاق إعاقة دائمة(.
وتدفق المواطنون بمئات الآلاف إلى الشوارع والساحات العامة، فرحين بإعلان وقف إطلاق النار، الذي تم التوصل إليه بين الوفدين الفلسطيني والإسرائيلي برعاية وضمانة من جمهورية مصر وترحيب دول العالم كلها بهذا الاتفاق.
وشهدت الشوارع والأسواق والمحال التجارية والمصارف في مدن ومخيمات القطاع، منذ ساعات الصباح، حركة نشطة للمواطنين والمركبات التي امتلأت بهم الطرقات، بعيد مرور هذه الأيام الصعبة من العدوان الشرس على القطاع.
وعبر المواطنون النازحون في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ‘أونروا’، والذين لجأوا إليها عقب تدمير منازلهم عن أملهم بإعادة بناء منازلهم بأسرع وقت ممكن، وفتح كافة المعابر على مصراعيها دون عقبات.
وقال المواطن أبو أنيس حسين (65 عاما) من حي الشجاعية شرق مدينة غزة لـ’وفا’: ‘الحمد لله ارجعت اليوم للبيت بعد 38 يوما وجدته مدمرا جزئيا لكن سأسكن فيه، رجعت أنا وأولادي الثمانية وإن شاء الله تستمر الأمور وتبقى هادئة وما يحدث خرق من الاحتلال، بكفي، بكفي، بكفي تعبنا!! والله حرام، ضحايا كثر، لكنا صابرون، ولن ننكسر وستظل عزيمتنا وهاماتنا مرفوعة، رغم الدمار ورغم الضحايا’.
من جهتهم، ركب الصيادون بحر غزة، منذ ساعات الصباح الباكر، وهم يعتلون قوارب الصيد بعد أن حرموا فترة العدوان، لجلب قوت أبنائهم عقب السماح لهم بالوصول إلى مسافة ستة أميال بحرية، وفقا لتفاهمات القاهرة الموقعة في 2012 واتفاق 2014 بين الفصائل الفلسطينية والاحتلال برعاية مصرية.
وقال عضو في نقابة الصيادين في القطاع لـ’وفا’، ‘سمح للصيادين في هذا اليوم، أول أيام الهدنة ووقف إطلاق النار، بالصيد في مسافة 6 أميال كما كان قبل الحرب’.
وأضاف ‘لا يوجد أي تغيير ولا يوجد أي جديد حتى الآن هي نفس المسافة، التي كان مسموح لنا أن نصيد بها قبل العدوان، لكن تلقينا وعودا بأنهم (الاحتلال) سيسمحون بمسافة تصل إلى 12 ميلا، ولم يتغير شيء علينا حتى الآن، وفي فترة العدوان لم يسمح لأي صياد بالنزول إلى البحر حتى لسافة مائة متر، كانوا يطلقون النار، والصياد كان ينزل بسبب الحاجة لكن الإسرائيليين يطلقون النار’.
ونوه إلى أن ‘مسافة 6 أميال غير كافية، ولكن اذا كانت خطوة أولية جيد، لنرى ما هي الخطوة الثانية، كنا على 6 أميال والوضع صعب جدا وكانوا يلاحقوننا، نحن ننتظر أن تكون هناك مسافات أكبر حتى يستطيع الصيادون أن يتحركوا لأنه بمسافة 6 أميال لا يستطيعون التحرك’.
من ناحيته، قال الصياد زكي بكر لـ’وفا’: ‘نحن غير متفائلين، العدو عودنا أنه ينقض وعوده دائما، ويخترق التهدئة، لذا مقابل التضحيات التي قدمها شعبنا يجب أن نكون حققنا شيئا ويسمح بالصيد بمسافات أكبر من 6 أميال’.
بيد أن المواطن أبو يسري العمارين من حي الشجاعية، شرق مدينة غزة، وهو أحد المواطنين النازحين لمدرسة البحرين غرب مدينة غزة ورجع لمنزله اليوم، قال لـ’وفا’: ‘الحمد لله رجعنا إلى بيتنا بعد 38 يوما من إخلائه وجدته مدمرا جزئيا، لكن إن شاء الله سأعيد بناءه رغما عن الاحتلال، أطفالنا عاشوا في خوف وقلق، ومررنا بأيام صعبة ورغم الدمار نحن انتصرنا واليوم نرجع لبيوتنا رافعي رؤوسنا’.
ويخشى المواطنون في القطاع من أن تخترق إسرائيل الهدنة التي توصل إليها الوفدان الفلسطيني والإسرائيلي في القاهرة برعاية وضمانة مصرية، وتعيد الأمور إلى العدوان والدمار والخراب.