البيرة /حمل وزير العمل د. أحمد مجدلاني، مسؤولية عدم إقرار حد أدنى للأجور قبل الأول من أيار «يوم العمال العالمي»، للهيئات والاتحادات العمالية، مؤكدا أن فريق العمال لم يقدم بعد تصوره الموحد للحد الأدنى للأجور، وقال إن استمرار هذا الأمر، وكيل اتهامات للحكومة بالتقصير إزاء هذا الملف، أمر في غير محله، مبينا أن هذا الموضوع سيتم نقله إلى لجنة الحوار الوطني الاجتماعي والمالي، التي يشارك فيها رئيس الوزراء د. سلام فياض.
جاء ذلك خلال ورشة عمل نظمتها أمس جمعية الاقتصاديين الفلسطينيين حول «أهمية المسؤولية الاجتماعية في التنمية بفلسطين»، في قاعة فندق بست ايسترن بالبيرة، وتحدث فيها كل من الدكتور أحمد مجدلاني حول وضع حد أدنى للأجور خطوة ضرورية لتحقيق الاستقرار ، ورئيس مجلس ادارة بنك فلسطين، مديره العام هاشم الشوا بعنوان بنك فلسطين والمسؤولية الاجتماعية، والخبير الاقتصادي والمالي الدكتور عاطف علاونة حول نحو صياغة نظام تقاعد للعاملين في القطاع الخاص، ومدير عام مؤسسة مجموعة الاتصالات للتنمية سماح أبو عون عن مجموعة الاتصالات الفلسطينية والمسؤولية الاجتماعية.
وخلال الورشة كرمت الجمعية المتحدثين، بتقديمها درعا لكل واحد منهم، نظرا لدعمهم المالي للجمعية ولدور مؤسساتهم في تنمية المجتمع والاقتصاد الفلسطيني.
واستعرض د. مجدلاني، الجهود التي بذلت من أجل إنجاز حد أدنى للأجور، مضيفا «لقد وضعنا كافة المعطيات أمام شركائنا، وطلبنا من فريقي أصحاب العمل والعمال، أن يقدما تصورا ورؤية للحد الأدنى للأجور، وقد استمع الفريق الحكومي لكل فريق على حدة، حيث قدم فريق القطاع الخاص رؤية دعا فيها إلى عدم التسرع في هذا الموضوع، وعدم تطبيقه قبل نهاية العام الحالي، على أن يصار إلى تطبيقه بشكل تدريجي».
وقال: قابلنا هذا الموقف بالتأكيد على أن هذا الموقف قابل للنقاش على طاولة المفاوضات الجماعية مع العمال، وفي المقابل فإن فريق العمال لديه أكثر من وجهة نظر، (…) وحتى الآن هو غير جاهز، وبالتالي لا ينبغي على أحد أن يحمل الحكومة مسؤولية إشكالياته الداخلية، ويرحلها إليها، ونحن لن نقبل بأن تكون الحكومة ووزير العمل شماعة لفشل الآخرين.
وأضاف: نحن كحكومة نجدد التزامها بالمسؤولية والعدالة الاجتماعية، وإدارة حوار اجتماعي فاعل بين أطراف الإنتاج، وإننا نقف على مسافة واحدة من أصحاب العمل والعمال.
وتابع: القانون لا يسمح للحكومة بأن تعلن من طرف واحد عن حد أدنى للأجور، ما لم يكن هناك توافقا حول ذلك في إطار لجنة سياسات الأجور، ونحن لم نحدد موعدا ونتراجع عنه، فيما يتصل بالحد الأدنى للأجور، لكن قلنا إننا نأمل أن ينجح الحوار بخصوص هذا الموضوع قبل الأول من أيار، لكن عندما وجدنا عقبات، قلنا إنه لم يعد الأول من أيار موعدا قابلا للإعلان عن الحد الأدنى للأجور وتطبيقه.
وقال: سننقل هذا الموضوع إلى لجنة الحوار الوطني الاجتماعي والمالي، وسندعو الأسبوع المقبل إلى اجتماع، وسنعرض فيه الأمر على تشكيلة أوسع من لجنة سياسات الأجور، وسنبدأ حوارا جديا.
وأضاف: نحن كحكومة حريصون على التوصل إلى حد أدنى للأجور، بما يكفل الحد الأدنى من الكرامة الاجتماعية، والشخصية والعمل اللائق، وإن القطاع الخاص قدم وجهة نظر لم يقل فيها انه يرفض الحد الأدنى للأجور.
وتابع: الحد الأدنى للأجور ليست مسألة يمكن أن تؤخذ اعتباطا، أو تقرر من قبل حكومة أو شخص، وهو باعتقادي مطلب مشروع لارتباطه بالسلم الأهلي والمجتمعي، والضمان الاجتماعي. منوها إلى أن قد تم مطلع العام الحالي تفعيل المواد من (86-89) من قانون العمل، المتعلقة بالحد الأدنى للأجور.
وأشار إلى تنامي عناية الكثير من الشركات بموضوع المسؤولية الاجتماعية، عبر تخصيص جانب من أرباحها لهذه المسألة سنويا.
بدوره تحدث مدير عام بنك فلسطين هاشم الشوا، عن دور البنك في مجال المسؤولية الاجتماعية منذ سنوات، مبينا أن هذه المسألة تشغل جانبا كبيرا من عمل البنك وفلسفته، مشيرا الى أن المسؤولية الاجتماعية باتت أحد المتطلبات الدولية، مضيفا «هذا الموضوع أصبح يأخذ وقتا كبيرا منا، وانعكس في تحقيق البنك مزيدا من النجاحات».
وقال: منذ فترة ونحن نخصص 4-5% من أرباح البنك للتبرعات لشتى القطاعات، وخلال العام الماضي تجاوز ما قدمناه على هذا الصعيد 1,8مليون دولار.
من جهتها استعرضت مدير عام مؤسسة مجموعة الاتصالات للتنمية سماح أبو عون، توجهات المجموعة فيما يتعلق بالموضوع مدار البحث، وصولا إلى إنشاء المؤسسة عام 2008.
وقالت ان المؤسسة غير ربحية، ولها مجلس إدارة مستقل، مضيفة «منذ عام 2008، أصبحت استثماراتنا بالمجتمع، لها تمويل خاص هو عبارة عن 2% من الأرباح، إضافة إلى الأموال المخصصة عبر الدوائر التجارية بالشركات»، منوهة إلى عناية المؤسسة بالعديد من القطاعات، لا سيما التكنولوجيا، والتعليم، والصحة.
وركزت ابو عون على برنامج المنح الدراسية الذي تنفذه المؤسسة، حيث دعم 400 طالب جامعي يدرسون في الجامعات المحلية، ليصل بذلك العدد الكلي للطلبة المستفيدين إلى 1400 طالب، موضحة أن معظم من يستفيدون منه هم من ذوي الدخل المحدود.
بدوره ركز الخبير الاقتصادي والمالي د. عاطف علاونة، على ضرورة التفريق بين مصطلحات الحماية الاجتماعية، والضمان الاجتماعي، والتأمينات الاجتماعية، والرعاية الاجتماعية، متطرق الى أنظمة التقاعد المعمول بها عالميا، لافتا إلى أهمية أن يدير مثل هذه الأنظمة مؤسسات مهنية بمنأى عن الحكومة.
وأشار د. علاونة إلى جهود مؤسسات القطاع الخاص من أجل صياغة نظام تقاعد للعاملين في الأخير، مؤكدا تأييده إيجاد نظام تقاعد للعاملين في القطاع غير الحكومي.
أما رئيس مجلس إدارة الجمعية د. محمد غضية، في مستهل الورشة، فقدم نبذة عن الجمعية ونشأتها، ودورها، مشددا على أهمية موضوع المسؤولية الاجتماعية، منوها إلى الترابط بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مضيفا «دون عقد اجتماعي يوفق بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ستحدث اضطرابات بالمجتمع، تعيق حدوث النمو، والعدالة الاجتماعية، مؤكدا على إن معالجة هذا الأمر ينبغي أن تتم في إطار حوار وطني.