لقد ازدحمت الأجندة خلال الشهر الماضي والحالي بالمؤتمرات والأنشطة التي تنضوي تحت عناوين مختلفة :- الرياديين والمبدعين والمبتكرين ، وجميعها تصب في نهاية الطريق الى دعم او اختيار افكار ريادية مميزة ، فهل حققنا الاهداف المرجوة؟ ام هي محاولات في ظل بقاء تلك العقبات التى ما زلنا نشهدها من سنين طويلة ونكرر ذكرها ؟
المبتكرون والرياديون هم الناجون. أولئك الذين يريدون إعادة بلدهم من حافة الانهيار وأولئك الذين يريدون مساعدة شعوبهم على العيش بشكل أفضل هم الأكثر دعمًا للابتكار. وحماية لحركة الإبداع والابتكار التي تتعرض لهجمات سلبية تحاول النيل من فائدتها وأثرها الإيجابي في المجتمعات، لذلك أردت أن أكتب.
أدرك العالم أهمية الابتكار منذ وقت ليس ببعيد،قبل ذلك ،كان الاهتمام ينصب على الاختراع فقط ويكمن الاختلاف في حقيقة أن الاختراع هو إنشاء منتج أو جهاز جديد بينما يعني الابتكار إخضاع المنتجات أو المعدات الموجودة بالفعل للتغييرات التي تجعلها أكثر فائدة أو أسهل في الاستخدام. الاستخدام والابتكار عززت القدرات البشرية. للاستجابة للتغييرات العديدة التي تحدث في مجتمعاتهم وعلى كوكبهم ،وتمكينهم من اكتشاف المزيد من الفرص والإمكانيات المحتملة في الابتكارات المتاحة بالفعل. فأين اولئك الذين قدموا افكارا ابتكارية يشار لهم/ن بالبنان؟ شهدنا مؤتمرات بخطابات او انتقادات للحكومة، أين وسائل الدعم المعنوي والمادي؟
دراسة وتقييم ريادة الأعمال في فلسطين لهما أهمية خاصة. وفقًا لتقرير القوى العاملة الصادر من جهاز الاحصاء المركزي الفلسطيني لعام 2021 بنهاية الربع الثاني يفيد بأن عدد العاطلين عن العمل 154 ألف فرد بالضفة الغربية ، و212 ألفا في قطاع غزة، فيما سجلت الأخيرة نسبة بطالة عند 45 بالمئة مقارنة مع 17 بالمئة في الضفة الغربية، ويعود ذلك ، لزيادة عدد العمالة الفلسطينية في إسرائيل بمقدار 8 آلاف عامل بين الربعين الأول والثاني 2021، إلى 146 ألف عامل، وليس بزيادة المشاريع الريادية .
في حين تتقدم السلطة الفلسطينية في تنفيذ خططها الطموحة لإقامة دولة، من أجل دولة فلسطينية شرعية وذات سيادة ،ستصبح السياسات الاقتصادية السليمة أكثر أهمية من أي وقت مضى. عند إنشاء خطة عمل ناجحة ،يعتمد مستوى نشاط ريادة الأعمال على قدرة الحكومة على دعم الأعمال التجارية الجديدة. يجب السماح للشعب الفلسطيني باستخدام موارده الخاصة لتطوير نظام مستقل اقتصاديًا. تزداد أهمية ريادة الأعمال في تعزيز النمو الاقتصادي المستدام والحد من الفقر. البطالة ومكافحة الفقر وتهيئة الظروف لحياة مستقرة على الأرض. لكل هذه الأسباب ،هناك حاجة ماسة لسيطرة الفلسطينيين على مواردهم الخاصة. لفهم طبيعة ريادة الأعمال المحلية والعوامل التي تمنعها ،وكذلك الأشياء التي يمكن القيام بها لتحسينها، فأين القوانين والتشريعات التي تسمح بذلك؟
أهم ما يشغل الاستراتيجيات الدولية الحالية هو السعي لضمان الاستدامة والاقتصادات القائمة على المعرفة ، وقد أبدت السياسات الدولية اهتماماً كبيراً في مجالات دعم ريادة الأعمال بمختلف تصنيفاتها باعتبارها إحدى أهم ركائز التنمية ، وفي هذا الإطار تبرز أهمية ريادة الأعمال بشكل عام وريادة الأعمال المستدامة خصوصا ، حيث إنها ذات أبعاد متعددة ، فبالإضافة لبعديها التجاري والاقتصادي في تحقيق العائد والربح تشمل أيضا البعد البيئي في السعي للحفاظ على الموارد وعدم الأضرار بالبيئة ، بالإضافة للبعد الاجتماعي ومحاولة إيجاد حلول لمشاكل اجتماعية أو اقتصادية يعانيها المجتمع.
التعليم التقليدي والريادية :-
لم اشهد التغير المنشود في مراحل التعليم المبكرة في حياة المواطن الفلسطيني، فاننا نشهد المناهج التقليدية تركز على أسلوب التدريس المتمحور حول المعلم. أسلوب التدريس هذا هو نفسه في كل مكان وفي كل مدرسة ،باستثناء اللهجات والبيئات المتنوعة.
سوف يصور المصنف:- “الحياة ككتالوج” لا يمكنك العيش بدونه. حيث يسعى المعلمون إلى تطوير مجموعة من المفاهيم والمصطلحات والعبارات الجاهزة والسلوكيات والأنماط في أذهان الطلاب بحيث يتناسبون مع الصورة النمطية للمجتمع حول كيفية العمل الجاد للحصول على المال حتى يتمكن المرء من العيش بشكل مريح. البيئة هي موطن يلبي الاحتياجات النفسية للفرد، إن التصور السائد في معظم البيئات حول طريقة كسب لقمة العيش ،كما تم تقديمه للفهرس الاجتماعي والتعليمي المكتسب ،هو الوظيفة ،العامة والخاصة ،بحيث يكون الحصاد في نهاية كل شهر أو أسبوع. تفترض البيئة أن الراتب سيدفع كل شهر أو أسبوع. تتيح هذه الوظيفة للفرد الاستمرار في كسب لقمة العيش أثناء إجباره على الاقتراض. وهنا يجب التأكيد على أن المناهج التربوية لا تساعد الإنسان على الرقي بقدر ما تجعله أسيرًا لهم ،وبقدر ما تحمل نموذجًا للحياة وأساليب عيشها ،وبهذه الطريقة يكتب الشخص نفسه بسبب البؤس والتعاسة في حياته أو الفرح والسعادة من الجيد أن يكون لدى الشخص نظرة متفائلة للحياة ،لأنه سيكون سعيدًا. بهذه الطريقة ،لن يضطر إلى مواجهة الكثير من البؤس والحزن الذي يأسر حياة معظم شباينا الفلسطيني . يجب ان نبدأ من المصدر الاساسي بالمنهاج الذي يخرج جيل ساعي باتجاة الريادية وليس باتجاة الوظيفة. هنا يجب العمل على الاستثمار اهم من المؤتمرات بالمفهوم الاستراتيجي.
من هنا، تظهر حتمية التطوير المستمر لكل واحد منا، لأن التقنيات الحديثة، لن تتوقف عن التطور، والعقول لن تتوقف عن الابتكار، ومن المتوقع خلال سنوات قليلة، أن تدار الكثير من المهام الوظيفية بشكل آلي، ومعها تظهر حتمية المهارة البشرية، وأهمية تطورها، وانتقالها إلى مهام وأعمال جديدة. في مختلف مجالات حياتنا، يجب علينا أن نطور علومنا ومعارفنا، لأن العلم نفسه لن يتوقف عن التطور.
المعوقات امام الريادين/ المبتكريين:-
ويمكن تلخيص هذه المعوقات في ثلاثة محاور: سياسات الاحتلال ،والتشريعات الحكومية ،والحصول على التمويل. ونقترح سياسات لتخفيف هذه العوائق في حدود سيطرة السلطة الفلسطينية. على سبيل المثال ،نتطلع بتفاؤل نحو التعديل المقترح لقانون الريادة وتشجيع الاستثمار لاحداث تغييرات في حياة الفلسطينيين الرياديين من الحصول على تمثيل قانوني بغض النظر عن الجنسية أو حالة الإقامة. يمكن أن يقلل الاستثمار في أفكار ريادة الأعمال من البطالة. في حين يركز التعليم التقليدي على الحفظ وليس الاستكشاف يبقى عائقا استراتيجيا . اما البنوك الفلسطينية يجب ان تعمل نحو دعم السياسات الجديدة التي تشجع المشاريع الريادية والأفكار الجديدة بمتطلبات بنكبة ميسرة بفائدة مصرفية متدنية وبضمانات قليلة. اما مؤسسات المجتمع المدني يجب ان يقوموا بعقد جلسات توعية مجتمعية لإطلاع الناس على الأفكار الجديدة. يجب تشجيع الشباب الفلسطيني الترويج لأفكار ريادة الأعمال وعدم قصر آمالهم وطموحاتهم على الوظائف الحكومية أو وظائف القطاع الخاص، الخروج عن المألوف، وئلك ياستقطاب جهات عالمية ، إما في الاستثمار او بالتسويق.
رسالتنا للحكومة الفلسطينية ومؤسسات القطاع الخاص :-
أهم جانب في استراتيجية العمل هو إزالة العقبات التي تحول دون تحقيق أرباح معقولة، وبناء منظومة ريادية . يجب العمل على تشجيع ريادة الأعمال في المناطق الحضرية والمدن. يجب تعليم مهارات ريادة الأعمال لعامة الناس من خلال التعليم والإعلام والتدريب الملائم ، كما ان مؤسسات القطاع الخاص يجب ان تسعى لتنفيذ المهمة الصعبة هي البحث عن أسواق جديدة حيث يمكن تحقيق الأرباح للريادين . اليس ذلك افضل من عقد المؤتمرات التي لا تعود على الريادي بمنفعة مباشرة في ظل المعيقات المستمرة.
”لم يعد شبابنا يريدون الصدقات. بل يريدون أن يبنوا مستقبلهم الخاص وأن يملكوا فرصة عادلة للتنافس”. ربيع عطايا – مؤسّس موقع التوظيف “بيت.كوم
مستشار اقتصادي دويى- وشريك بصندوق المبادرات الناشئة- فاستركابتل /دبي