أعطيت الحركات الدينية السياسية أسماء ونعوتا مختلفة للفصل بينها وبين صفو الدين: «المتشددون»، «المتطرفون»، «الإسلاميون»، «الجهاديون»، «المجاهدون» وما إلى ذلك، في وصف التفاوت والاتجاهات والانتماءات.
لكي نحلل الظاهرة فلنتفق على مصطلح موحد «الإسلاميين»، بالمعنى السياسي طبعا وليس بالمعنى الديني. لاحظوا ما حدث في مالي: كل فراغ في السلطة يسارع «الإسلاميون» إلى ملئه أو إلى محاولة ذلك. بدأ هذا الخط البياني في الصومال، حيث قامت دولة فاشلة بعد الاستقلال، تدعي اليسار وتبتز أموال اليمين. وعندما بدأ تحرك «الربيع العربي» في تونس سارع «الإسلاميون» إلى السلطة «كقوة دائمة»، بينما ظل رئيس الدولة، أي غطاؤها القومي والمدني، «مؤقتا» في انتظار ساعة الحسم المواتية. وبعد تونس، تقدموا في ليبيا، حيث سادت حالة من الاختلال بين اليمين واليسار طوال عقود. ورغم انحسارهم في الانتخابات كأكثرية فلا يزال طيفهم المتعدد يحرك الأحداث في البلاد، التي أعلنت نفسها أخيرا «دولة ليبيا» لكي تعود إلى أسرة الدول الطبيعية.
وإذ ضبطوا في ليبيا نفسها، انطلقوا في مالي، تحركهم قوى الطوارق التي رعاها القذافي للوقت المناسب. وكما كانت سوريا «العلمانية» ترعى نوعا معينا من الإسلاميين، كانت مملكة ملوك أفريقيا تشنق الإسلاميين في الداخل، وترعاهم حيث تدعو الحاجة.
وفي مصر، كان «الإخوان» في الانتظار. وعلى طريقتهم: الصبر جميل. لم يطلوا في ميدان التحرير إلا بعد التأكد من شروق الشمس وغياب النظام. ولم يزيحوا العسكر إلا بعد ضمان الدستور. ويوم السبت الماضي، سأل مبعوث الــ«سي إن إن»، الرئيس محمد مرسي عن مخاوف المعارضة، فقال: «دول أولادي». هكذا كان السادات يسميهم أيضا.
في العراق، تولى حزب الدعوة شق الطريق إلى السلطة فوق الجسر الأميركي – الإيراني، وتسلم الدكتور نوري المالكي مقاليد الانسحاب من أوباما في البيت الأبيض. وفي سوريا، تتقدم «جبهة النصرة» من خلف الصفوف مثل الحصان المهمل الذي يصبح فلتة الشوط. وفي اليمن، تحاول طائرات «الدرون» متابعة ما بدأته في باكستان، والآن يقول الفرنسيون إنها ستبدأ العمل في مالي… تابعوا الخريطة.
الشرق الاوسط اللندنية.