قدس نت – اسامة راضي وعمر العثماني/ يرى مراقبون فلسطينيون أن المؤتمر العام السابع لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) المقرر نهاية نوفمبر الجاري يواجه سلسلة تحديات ويشكل مفصلا للمرحلة الفلسطينية القادمة.
ويبرز هؤلاء أزمات فتح الداخلية وخلافاتها المستمرة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وتعثر المصالحة الفلسطينية، في وقت تواجه فيه القضية الفلسطينية مأزق استمرار جمود عملية السلام مع إسرائيل.
وأعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي يتزعم حركة (فتح) قبل يومين تحديد موعد 29 من الشهر الجاري لانعقاد المؤتمر العام السابع للحركة في مدينة رام الله في الضفة الغربية لأول مرة منذ خمسة أعوام.
ومن المقرر أن يشارك في المؤتمر، بحسب ما أعلن قياديون من فتح، 1300 عضوا في الحركة لانتخاب لجنة مركزية ومجلس ثوري جديدين لها ووضع برنامج سياسي يشكل أساس خطة الحركة للمرحلة المقبلة.
أزمة داخلية
ويأتي انعقاد مؤتمر فتح السابع في ظل مشهد فلسطيني “محزن ومقلق ويزداد تعقيدا بحيث تهب عليه الرياح من الجهات الأربع وتحجب الرؤية الواضحة للمستقبل”، حسب ما يرى الكاتب والمحلل السياسي من غزة طلال عوكل.
ويقول عوكل لوكالة أنباء “شينخوا” الصينية إن جوهر الأزمة الفلسطينية يتعلق أساسا بأزمة فتح “التي تعد حركة الشعب الفلسطيني وتواجه أزمة تضعف قدرتها على مواصلة دورها التاريخي في قيادة النظام السياسي الفلسطيني ما يضعف دور ومكانة منظمة التحرير الفلسطينية”.
ويشير في هذا الصدد إلى “الصراع الحاصل داخل فتح مع النائب القيادي المفصول منها محمد دحلان، وهو خلاف من الواضح أنه امتد إلى قطاعات كادرية وقاعدية داخل الحركة ويفتح على تضاربات ومضاربات عربية”.
ويشدد عوكل على “وجوب أن لا تتجاهل قيادة فتح مخاطر من يعمل لتصعيد التناقضات الداخلية لأهداف فئوية، وضرورة أن يكون عقد المؤتمر السابع بمستوى التحديات الصعبة التي تحيط بالنظام السياسي الفلسطيني”.
وشارك أكثر من ألفي مندوب لحركة فتح في مؤتمرها العام السادس الذي عقد في بيت لحم في الضفة الغربية في العام 2009، وذلك بعد 20 عاما على عقد المؤتمر الخامس للحركة.
وخلال المؤتمر السادس الذي كان يعقد لأول مرة في الأراضي الفلسطينية تم انتخاب لجنة مركزية ومجلس ثوري جديدين لحركة فتح والرئيس عباس قائدا عاما للحركة.
وتمثل فتح العمود الفقري للسلطة الفلسطينية، وهي الفصيل الأكبر في منظمة التحرير.
ومثلت خسارة فتح في الانتخابات البرلمانية الفلسطينية الأخيرة في العام 2006 أمام حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ومن ثم سيطرة الحركة الإسلامية على قطاع غزة بالقوة بعد ذلك بعام وحتى الآن أبرز محطات عثرات فتح.
تحديات آنية وقادمة
يقول المحلل السياسي من الضفة الغربية سميح شبيب، إن “الجميع في الساحة الفلسطينية مشدود نحو تاريخ انعقاد المؤتمر العام لفتح وهو انشداد مشوب بالأمل وبمخاوف موازية”.
ويضيف شبيب “لم تكن فتح ومنذ اعتلائها سدة قيادة منظمة التحرير عام 1969 شأنا داخليا لفتح بل شأنا يعني كل الفصائل، ما يظهر الاهتمام الواسع بمجريات الإعداد الناجح لهذا المؤتمر وترقب عقده”.
ويشير إلى أن عقد مؤتمر فتح سيكون في رام الله بالضفة الغربية “ما يعني افتراضا موافقة إسرائيل على دخول أعضاء المؤتمر من الخارج إلى رام الله، كما يعني افتراضا موافقة حماس على سفر أعضاء المؤتمر من غزة إلى رام الله”.
وينبه إلى مخاطر “ما يتردد عن نية دحلان وتياره عقد مؤتمر مواز لفتح، وبالتوازي الحديث المستمر عن خطة عربية لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي، وهو ما اعتبرته فتح تدخلا سافرا بشؤونها ورفضته”.
ويشدد شبيب على أن حجم التحديات أمام عقد المؤتمر السابع لحركة فتح “يتعلق أساسا بحجم الخلافات بين عدد من قيادات الحركة وصراع توازن القوى بشأن المرحلة المقبلة وربما مرحلة خلافة عباس (82 عاما)”.
وتعد قضية دحلان أبرز عناوين الخلافات داخل فتح وينظر إليها على أنها أحد أبرز تحديات عقد المؤتمر العام السابع للحركة، علما أنه كان تم فصله من فتح بقرار من لجنتها المركزية عام 2011 بعد خلافاته مع عباس.
مرحلة حاسمة
وأعلن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وعضو اللجنة المركزية لفتح صائب عريقات أن عقد المؤتمر العام السابع للحركة سيليه بعد شهر عقد مؤتمر جديد للمجلس الوطني الفلسطيني للمنظمة لتفعيل دورها.
ويعد المجلس الوطني الفلسطيني بمثابة برلمان منظمة التحرير، ويضم ممثلين عن الفصائل والقوى والاتحادات والتجمعات الفلسطينية داخل الأراضي الفلسطينية وخارجها، كما يضم جميع أعضاء المجلس التشريعي البالغ عددهم 132 عضوا.
وحسب الموقع الإلكتروني للمجلس الوطني الذي يصل عدد أعضائه إلى أكثر من 750 عضوا، فإنه عقد 22 دورة ما بين استثنائية وعادية كان آخرها في قطاع غزة عام 1996.
أما آخر دورة اجتماعات استثنائية للمجلس الوطني فعقدت في ديسمبر عام 2009 في رام الله بعد وفاة عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير سمير غوشة ليصل عدد شواغر اللجنة حينها إلى 6 أعضاء وهو ثلث عدد الأعضاء، وتم في حينه ملء الشواغر في اللجنة.
ويأتي عقد مؤتمر فتح والحديث عن عقد مؤتمر للمجلس الوطني في ظل استمرار تعثر جهود تحقيق المصالحة الفلسطينية بين الحركة وحماس إثر الانقسام الفلسطيني الداخلي المستمر منذ منتصف عام 2007.
ويرى مدير مركز (مسارات) للأبحاث والدراسات في رام الله هاني المصري، أن الأشهر القادمة “حاسمة” لتحديد مصير النظام السياسي الفلسطيني على ضوء ما سينتج عن المؤتمر العام لفتح.
ويحذر المصري “من أن يقود مؤتمر فتح في ظل تصاعد خلافاتها الداخلية لمزيد من التراجع والتشظي”، معتبرا أن للمؤتمر هدفين “الأول إغلاق الباب نهائيا أمام عودة دحلان، والثاني تمديد فترة رئاسة عباس وتجديد شرعيته الفتحاوية والوطنية”.
لكنه يشدد على أنه “لا يمكن الاكتفاء بتجديد الشرعية من دون تقييم الوضع الفلسطيني الحالي وتحديد الأخطاء والسياسيات التي تحتاجها القضية الفلسطينية واختيار القيادات والكوادر والعناصر المناسبة لها”.
وينبه إلى الحاجة لعقد مجلس وطني جديد يكون قادرا حقا على تمثيل الشعب الفلسطيني وإحداث التغيير المطلوب”.
ويخلص المصري إلى أن المطلوب “تجديد وإصلاح فتح وعموم الحركة الوطنية عبر حوار وطني يبلور رؤية شاملة تستوعب التجارب السابقة وتستخلص الدروس وتنبثق عنها إستراتيجية سياسية قادرة على مواجهة التحديات الفلسطينية بفتح الطريق للتغيير وطي صفحة الانقسام”.تقرير لوكالة أنباء “شينخوا” الصينية
تحليل: مؤتمر فتح السابع يمثل مفصلا للمرحلة الفلسطينية المقبلة

Leave a comment