القاهرة ـ «القدس العربي» : تنشر من حين لآخر تسريبات لتأكيدات عن نية المرشح الرئاسي الأسبق، الفريق أحمد شفيق، في خوض انتخابات الرئاسة المفترض إجراؤها العام المقبل، بالتوازي مع معلومات عن نية رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق، الفريق سامي عنان، الترشح أيضا، ما يفتح الباب للتساؤل في حال ما ترشح أحد غير عنان وشفيق في مواجهة الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، هل ستشهد مصر صراعا بين العسكر على النظام؟ أم أنها مسرحية انتخابية تمهد للسيسي فترة رئاسية أخرى؟
في نهاية يونيو/حزيران 2012، غادر شفيق مصر متوجها إلى الإمارات العربية المتحدة، عقب ساعات من خسارة انتخابات الرئاسة أمام مرسي، خشية المساءلة، حسبما سرب حينها، في قضايا فساد وإهدار مال عام إبان فترة توليه منصب وزير الطيران في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، وهي الفترة التي ختمها الأخير بتعيين شفيق كآخر رئيس وزراء لمصر في عهده قبل التنحي في فبراير/ شباط 2011.
مع عزل مرسي وتولي الجيش مقاليد الحكم في مصر، عبر الرئيس المؤقت عدلي منصور، انتشرت الأنباء عن قرب عودة شفيق، لكنه خالف التوقعات ولم يعد منذ خروجه للإمارات، فيما تتوالى عليه الزيارات المعلنة والسرية من مسؤولين مصريين وعرب ومشاهير وإعلاميين.
وكشف نائب رئيس حزب «الحركة الوطنية» الذي يترأسه شفيق، اللواء رؤوف السيد في مناسبتين، آخرهما، مساء الأحد، عن تأكيد شفيق على الترشح لرئاسة مصر في 2018، حتى أن تأكيده ورد فيه أن «الحالة الوحيدة التي تمنع رئيس حزبه من الترشح هي قيام القيامة».
اللواء رؤوف قال في تصريحات صحافية نشرها الحزب، إنه يلتقي الفريق شفيق دائما في مقر إقامته في الإمارات، لمناقشة بعض أمور الحزب وأوضاع الشارع المصري، مشددا على أن ترشح شفيق سيشعل المنافسة، باعتبار أن لديه كثيرا من المحبين في مصر. وبين كذلك أن «طبيعة شفيق عدم التحدث في أمر الترشح بشكل رسمي ويضع مواقيت لكل شيء». واستنكر نائب رئيس حزب الحركة الوطنية المصرية، ما وصفه بـ«الهجوم على شفيق» بعد تردد أنباء عن ترشحه في السابق، رغم أن هذا حقه مثل جميع المصريين طالما أنه يستوفي الشروط القانونية والدستورية. في حال عزوف القوى والأحزاب المدنية، خصوصا المعارضة، عن خوض انتخابات الرئاسة عبر مرشح أو أكثر، فسيكون الصراع كما يبدو حتى الآن «عسكريا – عسكريا»، خصوصا أن رئيس أركان الجيش ونائب رئيس المجلس العسكري الأسبق إبان ثورة 25 يناير، الفريق سامي عنان، سرب عبر أمين عام حزبه «مصر العروبة»، رجب حميدة، نيته في الترشح هو الآخر لرئاسة مصر.
وقال في عدة مداخلات هاتفية ولقاءات إعلامية مع عدد من الفضائيات، إن «عنان سوف يترشح للانتخابات المقبلة، بنسبة كبيرة، لكنه أكد على أن الوقت لا يزال طويلاً لحسم القرار النهائي، في هذا الأمر».
وأشار إلى أن الهجوم المستمر الذي يتعرض له الفريق سامي عنان من الإعلام المصري، في الآونة الأخيرة، يؤكد أنه سوف يكون رقما صعبا في الانتخابات المقبلة، في الوقت الذي رأت فيه إلهام عيداروس، إحدى مؤسسي حزب «العيش والحرية»، أن مشاركة شفيق وعنان قد لا تكون «مسرحية»، إذ أن كلا منهما قد يكون مدفوعا بقوى داخلية وإقليمية.
مشددا على أن حزبه وكوادره لن تدعم مطلقا أيا من الشخصيتين حال ترشحه، اعتبر نائب رئيس حزب «التحالف الشعبي الاشتراكي» المعارض، إلهامي الميرغني، أن سير الانتخابات بترشح شخصيتين مثل عنان وشفيق لن تكون سوى مجرد «مسرحية» لتجميل العملية الانتخابية، مستعبدا الصراع العسكري على السلطة. وقال الميرغني لـ«القدس العربي» إن «حملة الاعتقالات والملاحقات لشباب الأحزاب المدنية وثورة 25 يناير خلال الأسبوعين الماضيين، تؤكد استمرار تضييق الحصار على القوى السياسية وإغلاق المجال العام ومصادرة الحياة السياسية لصالح شخص واحد فقط»، مشددا على أن «أي انتخابات رئاسية في ظل هذه الظروف يتم الإعداد لها، ستكون مجرد انتخابات شكلية لا أكثر ولا أقل».
وحول اشتعال المنافسة على الرئاسة باعتبارات أن لشفيق أو عنان شعبية ما، أوضح أن «المنافسة الانتخابية غير واردة بسبب كل المقدمات الحالية، ومن يخوض المعركة بهذا الشكل سيكون خوضا لـ»معركة استفتاء» وليست انتخابات حرة نزيهة».
إلى ذلك، عبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، حسن نافعة، عن اعتقاده الكبير في عدم ترشح أي من الشخصيتين العسكريتين، شفيق وعنان، مشددا على أن الحديث عن ذلك في هذا التوقيت قد يكون مجرد «بالونة اختبار» من جهات سياسية أو أمنية.
وأكد أن هناك دوائر عديدة في مصر بدأت الاهتمام بانتخابات الرئاسة المقبلة، وتبحث عن مرشح، والكل يفضل مرشحا مدنيا، وهي مسألة صعبة في ظل انقسام التيار الإسلامي مع العلماني، وتابع: البعض يعتقد أن شخصية عسكرية يمكن أن تكون الأفضل خلال المرحلة الحالية، بهدف تصحيح العلاقة التي أصابها خلل بين القوات المسلحة والشعب، والتي تدهورت منذ وصول السيسي للسلطة، ونسب كل الإجراءات السياسية المعيبة للجيش.
وأوضح أن «شفيق يتحسس إمكانية ترشيحه، لكنه لن يعلن ذلك إلا إذا وجد قوى مدنية كبيرة تدعمه».
ترشح شفيق وعنان لرئاسة مصر: صراع عسكري أم مسرحية لتجميل الانتخابات؟

Leave a comment