أثارت أقوال رئيس الموساد تامير باردو، بخصوص أولوية الخطر الفلسطيني على ما عداه، غضب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الذي يسعى جاهدا لإثبات أن النزاع مع الفلسطينيين مختلق وأن هناك مشاكل أشد أهمية وبينها الخطر النووي الإيراني. ومع ذلك لم يعمد باردو في لقائه أمس الأول مع نتنياهو، على هامش الاحتفال بالذكرى الخمسين لتأسيس شعبة العمليات في الموساد، إلى التراجع بل حاول التأكيد على التزام الموساد بمنع إيران من امتلاك قدرة نووية عسكرية. ولكن لا يقل أهمية عن ذلك انتباه وسائل الإعلام إلى واقع أن باردو ألقى محاضرته أمام منتدى رجال أعمال في حلقة نقاش بيتية ما أثار شكوكا حول علاقات «سلطة ـ رأسمال» بين باردو والشركة التي تدير هذا المنتدى.
وفي كل حال، فإنّ باردو حاول في لقائه أمس الأول مع نتنياهو تصحيح الانطباع الذي تولد عن أقواله الذي أشار فيها إلى أن النزاع مع الفلسطينيين أكثر خطرا من المشروع النووي الإيراني. ونقلت «هآرتس» عنه قوله لنتنياهو إنّ «الموساد ملتزم أولا وقبل أي شيء بمنع إيران من الوصول إلى قدرة نووية عسكرية. وهذه هي مهمتنا الأسمى».
وكانت «هآرتس» قد كشفت أقوال باردو أمام منتدى جمع 30 من كبار رجال الأعمال بشأن العلاقة مع الفلسطينيين والمشروع النووي الإيراني والوضع في العراق. وتحدث باردو عن حجم كبير للعمليات السرية التي ينفذها الموساد في كل شهر، فقال إنه «في كل شهر نحن ننفذ نشاطات عملياتية بعدد يصل إلى أربعة أرقام». وبعد ذلك تحدث عن التغيير التنظيمي الذي تم إجراءه في الموساد في العام الأخير مستخدما لغة غير ديبلوماسية تجاه قادة جهاز الاستخبارات الإسرائيلي. وقال «لقد قمنا بثورة شاملة قبل عام… وقد بدأنا أولا برؤساء الشعب. وفوقهم بنينا طابق مدراء وفق مواضيع كل واحد منهم يستخدم قدرات باقي كل الشعب… كانت هذه ولادة من جديد للجهاز».
ومعروف أن جهاز الموساد ورئيسه يتبعان مباشرة لديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية. وبحسب الأعراف والقواعد كان ينبغي لباردو أن يحصل على إذن من نتنياهو للمشاركة في اللقاء الذي عقد في بيت في رمات هشارون. وبعد نشر تقرير عن أقوال باردو، أعلنت رئاسة الحكومة أن «نتنياهو لم يعلم سلفا بنية باردو الذهاب إلى حلقة نقاش بيتية». وقد حاولت «حركة جودة الحكم» استيضاح هذه المسألة بأن أرسلت استجوابا لنتنياهو في هذا الشأن في أعقاب ما نشر في «هآرتس».
ولا يتعلق الاستجواب فقط بالجانب الإداري لجهة إن كان نتنياهو قد أذن له بحضور هذا اللقاء أم لا، وإنما أيضا بالجانب القيمي المتعلق بعلاقات «السلطة ورأس المال». وحتى الآن ليس معروفا إن كان باردو يعلم أن اللقاء الذي ضم 30 من كبار رجال الأعمال ومدراء كبريات الشركات يتبع «منتدى رؤساء الشركات»، الذي يجتمع بهدف التعارف وهو شركة مسجلة وليست جمعية غير ربحية. وتساءل البعض عن سبب اختيار باردو الذهاب إلى منتدى ربحي ليلقي واحدة من محاضراته النادرة وهل لذلك علاقة بمعادلة السلطة ورأس المال.
وما يزيد الطين بلة بالنسبة لباردو أنه فقط قبل أسبوع تقريبا نشرت «هآرتس» تحقيقا يظهر أن له علاقات تجارية وشراكة مع شركات تتهرب من الضرائب ومسجلة في قبرص والجزر العذراء ومتخصصة في السياحة الطبية. ومن المحتمل أن تستغل بعض الجهات هذه المعلومات لإثارة شكوك حول شخصية باردو وأيضا مواقفه.
عموما، بدا أن باردو في محاضرته كان حريصا على أن لا يتم تسريب كلامه. ومنذ البداية، ولأن هذه هي المرة الأولى التي يشارك فيها في نقاش في حلقة بيتية من هذا النوع، فإنه طلب من الحضور جميعهم أن يضعوا هواتفهم المحمولة في مدخل البناية. ويبدو أنّ ما كان يهمه أكثر من أي شيء آخر أن لا يتم تسجيل كلامه حتى لا يجد طريقه إلى واحدة من القنوات التلفزيونية.
السفير