الدوحة/ تناقش القمة العربية التي تنعقد في الدوحة اليوم تقريراً من «اللجنة المستقلة لإصلاح وتطوير جامعة الدول العربية» أحاله إليها وزراء الخارجية العرب أول من امس، ويدعو إلى مراجعة ميثاق الجامعة وإنشاء محكمتين عربيتين للعدل وحقوق الإنسان وإشراك أوسع لمنظمات المجتمع المدني في القرار وإعادة النظر في قواعد عمل مجلس الأمن والسلم العربي وتعزيز مفهوم الهوية العربية المشتركة بصرف النظر عن الأصول العرقية أو المعتقدات الدينية.
ويدعو التقرير الذي حصلت «الحياة» على نصه من مصادر عربية رفيعة المستوى إلى «مراجعة ميثاق الجامعة العربية الذي مضى على وضعه أكثر من ستة عقود تطورت خلالها مفاهيم ومجالات العمل المشترك، بهدف مواكبة تلك التطورات، وإيجاد آلية دائمة تمكن من استمرارية عملية التطوير»، ويطالب بـ «انتقال الجامعة من نموذج الجيل الأول للمنظمات الإقليمية الذي عكسه تكوينها في 1945، إلى نموذج جديد يستخلص الدروس من نجاحات وإخفاقات الجيل الأحدث من المنظمات الإقليمية كالاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي».
ويطالب التقرير بـ «وضع تصور مستقبلي للعمل العربي يبنى على الهوية العربية المشتركة ويستفيد من زخمها، بحيث يكون تعريفها أكثر شمولاً وأقل إقصاء، يجمع بين تعريف الفرد لنفسه ولجماعته، ومبدأ المواطنة، بحيث يكون تعريف العربي أنه كل من يحمل جنسية دولة عربية، بصرف النظر عن أصوله العرقية، أو معتقداته الدينية، أو انتسابه إلى طائفة معينة، أو حتى إقامته الدائمة داخل الوطن العربي».
ويوضح أن هذا المفهوم «أقرب إلى احترام التنوع والتعددية الثقافية في بلادنا العربية، وأكثر جدوى من الحديث عمن هو مسلم أو مسيحي، سني أو شيعي، أمازيغي أو كردي، أو غير ذلك».
ويشدد على ضرورة «تحييد المجالات الحيوية للعمل العربي المشترك عن خلافاتها السياسية، مثل مشاريع الربط المائي والكهربائي والمشاريع الصناعية وحرية تنقل المواطنين وانسياب حركة السلع والخدمات ورأس المال».
وينتقد التقرير «التخمة التي أصابت جدول أعمال القمم العربية والتي يستحيل معها عملياً مناقشة كل بنودها أو حتى الجزء الأكبر منها مناقشة حقيقية أو فعَّالة» ويؤكد انه «آن الأوان لتبسيط إجراءات اجتماعات القمة، والابتعاد عن الأجواء المراسمية الثقيلة، أسوة بالقمم التي تعقدها بقية المنظمات الدولية والإقليمية».
ويعتبر من جهة ثانية أن «مجلس الأمن والسلم العربي عاجز عن القيام بأي من وظائفه (…) رغم ما شوهدَ من تهديدات لأمن وسلامة بعض الدول العربية وشعوبها» وأنه حين تحركت الجامعة وتدخلت لحفظ السلم والأمن فإنها فعلت ذلك من خلال مجلسها الوزاري، لا من خلال مجلس الأمن والسلم المعطل»، ويقترح «إعادة النظر في تشكيل المجلس وقواعد عمله».
كذلك يعترف التقرير بأن «الأمانة العامة للجامعة تعاني مشكلات وظيفية وإدارية متراكمة لم تفلح محاولات الإصلاح وإعادة الهيكلة السابقة في معالجتها»، داعياً إلى «سياسات جديدة للتعيين تُعلي معايير الكفاءة دون الإخلال بمبدأ تمثيل الدول الأعضاء بشكل متوازن».
ويرى أن تسوية النزاعات العالقة بين الدول الأعضاء يتطلب إنشاء محكمة العدل العربية وتشجيع الدول الأعضاء على المساهمة في عمليات حفظ السلام بشكل جماعي، كما يشدد على أهمية إنشاء المحكمة العربية لحقوق الإنسان وعلى تغيير النظرة إلى منظمات المجتمع المدني والعمل على إشراكها اكثر في صناعة القرار.
محمد المكي أحمد- الحياة اللندنية .