تولوز والابتزاز اليهودي
رشيد شاهين
بالعودة إلى من قيل انه قتل الأطفال في تولوز، وقبلهم كان قد قتل ثلاثة جنود فرنسيين مسلمين من أصل إفريقي ، فان ما رشح من أقوال كان مصدره الوحيد هو السلطات الفرنسية، التي قالت انه قال كل ما قاله خلال عملية المفاوضات التي كانت تجري بين هذه السلطات وبين المتهم بالقتل المدعو محمد مراح، الذي تفيد التقارير انه شخص عادي وان لديه سجل “إجرامي” عادي يصل إلى 18 جنحة، كما أشارت بعض التقارير إلى أن الرجل لم يكن لديه أية ميول انتحارية وانه يفضل أن يَقْتُل على أن يُقْتَل.
كان من الملاحظ انه وقبل أن يبرز اسم محمد مراح، أن الشبهات كانت تدور حول ثلاثة من الجنود الفرنسيين من النازيين الجدد، وتم الإعلان قبل ظهور اسم مراح إن هؤلاء كانوا يخضعون للملاحقة، وأنهم المشتبه بهم بشكل رئيس في قتل الأطفال وكذا الجنود من أصل مغاربي أو إفريقي كما تم الإعلان.
السؤال هنا، هو كيف تحول الأمر إلى محمد مراح بدون سابق إنذار؟، هل كان في الأمر خديعة من قبل الشرطة للتمويه مثلا؟، أم ترى تغيرت القصة برمتها من اجل زج اسم رجل مسلم في مثل هذه الجريمة التي لا شك أنها مستنكرة على جميع الصعد؟.
سؤال آخر يقفز إلى الذهن، لماذا يتم قتل محمد مراح؟، خاصة وانه ليس لديه شركاء بالمطلق في الشقة التي التجأ ليها، بمعنى، حيث انه كان وحيدا، فان إمكانية إيصاله إلى حالة من الإرهاق الشديد واردة تماما، حيث لا رفيق يساعده على الراحة من خلال تناوب الأدوار، كأن ينام هذا ساعة ويستريح الثاني ساعة أخرى.
المنطق يقول انه كان بإمكان الشرطة أن تبقيه أطول فترة ممكنة من الوقت يقظا، بحيث يصل إلى حالة من التعب والإرهاق لن يتمكن معها من الاستمرار بالصمود أو المقاومة، وعند ذاك يمكن أن تقوم الشرطة بمهاجمته واصطياده حيا بسهولة، حتى لو استغرق الأمر عدة أيام، إذن لماذا يتم قتل الرجل وقد أراد القفز أو قفز من النافذة، وعندئذ تم إطلاق رصاصة قاتلة في الرأس، لماذا لم يتم إطلاق الرصاصة في مكان آخر غير الرأس مثلا؟، “ما علينا بقصة الدرع الواقي الذي كان يرتديه”، أليس القناص شخص محترف، أو ليس بإمكانه أن يصوب على أي مكان في جسد الهدف فيصيبه، فهو قد تدرب فقط للقيام بهذا العمل، لماذا لم يصوب على أي مكان غير الرأس، كالكتف مثلا،أو الفخذين، بتقديرنا انه كان يمكن إلقاء القبض عليه، أو على الأقل إصابته في مكان لا يؤدي إلى موته، لكن من الواضح أن قتله كان مطلبا لأحدهم أو لجهة ما، ترى من تكون تلك الجهة؟
في ذات الوقت الذي كانت فيه عملية تولوز “على النار”، بَيٌنَ استطلاع صادر عن – رابطة مكافحة التشهير- وتم تنفيذه في عشر دول أوروبية، ونشرته جريدة هآرتس الإسرائيلية الصادرة باللغة الانجليزية في 20-3-2012، أشار إلى ازدياد الاتجاهات المعادية للسامية في هذه الدول، وكان اللافت أن التقرير المنشور في هآرتس وفي العنوان الرئيس الفرعي، وفي محاولة لاستثمار عملية القتل، أشار إلى أن هذه الظاهرة ازدادت في فرنسا هذا العام إلى 24% من السكان من نسبة 20% عام 2009، علما بان الاستطلاع أورد نسبا أعلى بكثير في دول أوروبية أخرى، تصل كما في هنغاريا على سبيل المثال إلى ما نسبته 63% هذا العام بعد ان كانت 47% عام 2009، وفي اسبانيا وصلت بحسب الاستطلاع إلى 53% هذا العام بعد ان كانت 48%عام 2009.
من الملاحظ أن الأسئلة التي جاءت في الاستطلاع بحسب ما نقلت هآرتس، كانت تدور حول رأي عام وليس لها علاقة بالسامية أو العداء لليهود، حيث كانت الأجوبة للمستطلعين كما يلي ، 45% من الفرنسيين قالوا ان اليهود في فرنسا أكثر ولاء لدولة إسرائيل من ولائهم لفرنسا، فيما قال 35% ان لليهود سيطرة قوية في مجال الأعمال في العالم، وقال 29% انهم يعتقدون ان لليهود سيطرة وقوة في السوق المالي العالمي، فيما قال 35% ان اليهود يتحدثون كثيرا عن الهولوكوست.
ان أي تدقيق في الإجابات التي وردت في الاستطلاع، لا علاقة لها بعداء للسامية أو غير السامية، فهذه مجرد تعبيرات عن آراء، لكن من الواضح ان الحركة الصهيونية تريد إخضاع العالم إلى الدرجة التي تصل إلى إسكات حتى العقل عن مجرد التفكير بإسرائيل واليهود، وعدم التعرض لهذه الدولة المارقة ولو برفع حاجب أو أصبع استغرابا أو معارضة.
هذه التوجهات اليهودية لإخضاع العالم، ليست غريبة في ظل خنوع رسمي غربي بشكل خاص، وهذا يبدو جليا من خلال التشريعات التي لا تزال تصدر في الدول الغربية، والتي تعرض كل من يأتي على سيرة اليهود إلى المسائلة والقضاء والأحكام بالسجن والغرامات.
وهي ليست غريبة عندما نعلم ان من يقوم على مثل هذه الاستطلاعات، مجموعات من اليهود المتشددين، والذين يحاولون تشويه المواقف الشعبية الغربية، وتصوير أي موقف أو رأي أو فكرة، على أنها تستهدف اليهود، وإنها ممارسات ضد السامية، فعلى سبيل المثال ان القائم على = رابطة مكافحة التشهير= هو أبراهام فوكسمان اليهودي من أصل بولندي والحائز على العديد من الجوائز “لعمله الدءوب” في مجال مكافحة العداء للسامية وما يتصل بهذا الموضوع بحسب ويكيبيديا.
ما جاء في الاستطلاع كما أشرنا لم يكن له علاقة بالعداء للسامية، لكن وتعقيبا على موضوع ولاء اليهود الغربيين لإسرائيل أكثر من الولاء لدولهم، فان السؤال الذي يمكن ان يطرح هنا، إذا لم يكن هؤلاء فعلا موالين لإسرائيل أكثر من ولائهم لدولهم – الأم- لِمَ يتم إرسال جثامين قتلى تولوز إلى إسرائيل ليدفنوا فيها؟ هل ضاقت فرنسا على هؤلاء بحيث لم يوجد قبور لهم فيها؟ ثم أين هي المعاداة للسامية في قضية السيطرة اليهودية على جزء كبير من سوق المال العالمي، أليست هذه حقيقة؟ هل لمجرد ان يقول المواطن الغربي رأيه بهذا الوضوح يصبح معاد للسامية، إذن هي اليهودية التي تنظر إلى كل من هو غير يهودي على انه غريب – غوييم- كما اشرنا في الجزء الأول، وعلى هذا الغربي والغريب ان يكون في خدمة اليهودي.
انه الابتزاز اليهودي للعالم، ابتزاز يتمثل في كل شيء، ابتداء من المواقف السياسية وعدم إبداء حتى الرأي في أي شيء يتعلق باليهود، وانتهاء بكل هذا التهويل للخطر الذي تواجهه دولة الاغتصاب في فلسطين، ومن انها تعيش ضمن بحر من الأعداء الذين يرغبون في محوها عن خريطة العالم، برغم انها تتمتع بقوة تعادل كل دول المحيط مجتمعة بأضعاف أضعاف ما تمتلكه تلك الدول، ويكفي للتذكير هنا بما تمتلكه إسرائيل من أسلحة نووية كفيلة بمحو المنطقة ان لم يكن القارة برمتها.